حسام الوحيشي

عين الأسلاف

توحيد طريقة النظر للتاريخ عموما أو التاريخ السياسي والاقتصادي في حقبة ما مشروع جميل حاول الكثير من الطغاة فرضه ولم ينجحوا، أو لنقل نجحوا جزئيا في تطبيقه طوال سنوات عسفهم بالمجتمع من خلال ذبح أصوات التمرد المناوئة.

عدم وجود مصلحة لأحد في المقارنة التاريخية الموضوعية لنقاط الضعف والقوة وإبرازها من قبل أنصار وخصوم فترات محددة أمر غير صحيح، فالمصلحة موجودة لأعداء الزمن المذكور ومريدي الزمن المختلف.

إن الاعتراف بمواطن الضعف والقوة بالنسبة للفريقين أمر صعب جدا، خصوصا وأن الإفصاح يكون جزءا من أدلجة أوسع لرؤية العالم، تصحيح وإعادة مراجعة ودراسة التاريخ السياسي والاقتصادي تتشكل مناهجها حسب الأيديولوجية التي لا يرى جملها اللاهث في رحاب القافلة “عوج رقبتها.

العبرة من المقارنات التاريخية هو تفادي السلبيات واقتفاء أثر الإيجابيات. مجرد العزار المقارن لا يضيف إنجازا، وإنما يلخّص شبهات المثالب والمزايا.

دمج الحقب السياسية لا يلغي محتوياتها الجيدة والسيئة، وإلغاء المقارنات لا يعني اختفاء مظاهرها.

للمصدق بالديمقراطية المباشرة نتائج القرارات مرضية مهما كانت ثمارها، لأنها نتجت من خلال آلية الحكم التي يؤمن بها.

عند المؤمن بالديمقراطية النيابية أيضا، القاعدة ليست محل شك، التفاصيل هي التي يطعن فيها إنهم يجزمون بصحة المقل و يلومون المشهد.

المؤمن بالدكتاتورية أيضا اختار أن يمنح سلطاته لمن يمسكها بيد واحدة.

هذه الآليات للحكم ترافقها مناهج للتاريخ. ما يقوله النائب أو “المصعّد” ربما يسمح بنقده داخل إطار المنظومة، طبعا غير المصدقين بها لا تشملهم التغطية.

لكن ما يقوله الدكتاتور وما يفرزه لا يمكن أساسا معارضته، لأنه الحقيقة كما يعتبرها عباده الصالحون .

الأنظمة التي تنص على الديمقراطية المباشرة عبر لجان تنفذ ومؤتمرات تقرر، ويذكر قانونها أن خطب وأحاديث وتوجيهات “الأخ القائد” تعتبر نبراس عمل للدولة التي تهدف إلى امتلاك كل إنسان للسلطة والثروة والسلاح، وقيام الإنسان النموذجي الجديد لينتهي دور اللجان الثورية في التبشير بعصر الجماهير عندما تهدف الدولة إلى قتل نفسها كيف يمكن تصنيفها أولا؟ لمقارنتها بما قام به العملاء بمؤامرة دولية الثقل محلية التموضع !

لنتجاوز كل هذا وندعي زورا وتدجيلا أنه لا توجد خلافات على الأيديولوجية، ونلخّص الإشكالية في توافق لا يأتي على آلية الحكم أو النظام السياسي والاقتصادي أيضا، ونقطع بأن النظرة التاريخية للمقارنات يجب أن تحصر في الدراسات الأكاديمية.

هل نطلب من أساتذة التاريخ بعيدا عن التراشق بالعيوب توحيد النظرة للماضي بدون مفاصل للتغيرات، خصوصا تلك المرتكزات التي لولا وجودها لما كان لهذه القضية أن تعلو أبدا فما بالك بأن تطرح للنقاش؟

لا يجوز مؤكدا لأسباب علمية بحتة، قتل المتآمرون الأخ القائد، وأصبح انسحابه من الحياة السياسية و إبداء رؤيته الملهمة للتاريخ مستحيلة لأنها البيولوجيا.

المؤمنون بالجماهيرية كنظرية لها وجهة نظرها في التاريخ مازالوا على قيد الحياة.

هل نتوقع منها مراجعة ليقينياتها القديمة، وعلى يد من ستحدث؟

وهل يؤيدها كل الطيف المفعم باللون الأخضر؟

الحديث عن جماهيريين نفسه بحاجة لسؤال من هو الجماهيري؟

وهل هناك انقسامات تتنوع إسقاطاتها للنص على الواقع؟

ما الذي تبقى من “النظرية العالمية الثالثة” وما الذي عفى عنه الزمان والحبر على ورقة لا يساوي ثمنه كخام، ما الذي شطبه ممثلوا “الفاتح من سبتمبر؟ ثم لماذا يمتلكون الحق في تمثيله وقد شطبوا منه وفتحوا باب الاجتهاد في أحكام قطعية لنص وقفي سياسي واقتصادي وغيره.

هل حقا يريدون جمعنا في مسرح المدرسة المجاورة مجددا لعقد المؤتمرات الشعبية؟

هل يريدون فعلا سلب الملاك بيوتهم التي يأجرونها؟

هل يرغبون في جمهرة الإعلام مثلا؟

أسئلة كثيرة تروادني عن نفسها في هذا الجانب “ماذا يعني أن تكون أخضر الشغاف” أعني بماذا تؤمن حينها”؟! .

أنصار الحكم النيابي يمثلون أحزابا سياسية لديها حزمة أفكار وربما خطة عمل، المنضوون تحت هذه الراية رغم حاجتي الشخصية للاستفسار الجم حول جوازمهم لفهم بعض النقاط الملغزة حولهم، إلا إنهم أوضح الغامضين رغم أنهم “خونة” حرفيا بمقاييس جماهيرية، و بعيدا عن أوراق هيكل المثابة الأم المقدسة التي تنص على أن الهدف واحد و لكن تغيرت الاستراتيجية و تكتيكاتها، سأصر على رفع الغمامة، سيستعصى علي فهم إعادة انتاج الملكية بطورها السبتمبري ودمائها الزرقاء في فترتين تاريخيتين بما أن سبتمبر ضد القصر و مع الخيام ولكن سأستمر في القبض على الهدف “السلطة” لكن لنجعل لها منفذا شعبيا يصعد بسبب ما في عروقه من دماء الأخ الراحل صحبة شظايا من قيمه وبإرادة الجموع الكاملة.

ماذا عن الآخرين؟

ثلة منهم تستدعي لغة العنتريات التي جلبها القطب الثاني معه، وهناك مشروع روسي يعلق عينيه في الإمبراطورية السالفة، و يشاكس بني ليبرال، اللغة ذاتها ترتفع خفاقة عالية لتضرم في العالم نار حماية حدود أوراسيا التي تتخمر خارج مضاربها ،ستسمع” ليسوا خونة أبدا إنها لعبة الحبال الدولية والخصوم لا يجيدونها لهذا نصمهم بالعمالة ونمضغ مؤشرات هشاشة الدولة عند ورود سيرة السيادة ونختزلها في كرسي مدفوع من البلاستيك الأبيض وساق على ساق رفعت في وجه عتاولة الإمبريالية ونحن نسلمهم مخازن الصيدلية المركزية لحبوب الصداع و نأخذ مقابلها مؤامرة يدفع ثمن صواريخها تجمع الدول المطلة على الخليج الفارسي ” ، يا لها من “شقيقة” تلتهم نصف أدمغتنا .

لنعد للمقارنات، عرفنا أن توحيد الرؤية التاريخية حلم شمولي يكبو على سحنته بمجرد خفوت القوة المريدة له٫

هل توجد يد ساحقة لفرض كبوة أو قائمة مشتركات بين الأذرع القادرة؟

لن يجيب أحد، ولكنّ الأكاديميين ينبغي أن لا يقعوا بين البراثن ليخرجوا بتوصيات أدنى إلى الموضوعية منها إلى الشطح.

يتبع

***

حسام الوحيشي ـ شاعر و كاتب و صحفي و مؤلف ليبي أسس و ساهم في تأسيس عدد من والوحدات و الاقسام و الادارات.

_____________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *