عبدالمجيد بيوك

تحت عنوان إخطار على يد محضرانتشر مستند قانوني على وسائل التواصل الإجتماعي، وفيه يطلب السيد عبدالقادر عمر حويلي، عضو المجلس الأعلى للدولة من محكمة شمال طرابلس الإبتدائية، أن تبعث محضر من المحكمة إلى مقر إقامة رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي (المنفى واللافي والكوني) لإعلامهم رسميا وتسليمهم باليد إخطارا قانونيا يحمل تهديدا صريحا.

الإخطار يفيد بأن السيد عبد القادر حويلي عضو المجلس الأعلى للدولة الذي أُنشأ بموجب إتفاق الصخيرات، وبالاستناد لمبدأ من المبادئ الحاكمة في الاتفاق، يطلب من رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي احترام القضاء واستقلاله ونزاهته وحياده وتحديدا في الحكم الذي صدر بقبول طعن في رئاسة الدكتور على الترهوني لهيئة صياغة مشروع الدستور (2016)، وذلك استنادا للمادة الخامسة من قانون (24) لسنة 2010 بشأن الجنسية، والفتوى التي صدرت عن رئيس إدارة القانون في المجلس الأعلى للقضاء.

للتوضيح نذكّر بأن الفتوى التي صدرت تفيد بأن الدكتور على الترهوني أصبح بنص الحكم القضائي فاقدا لجنسيته الليبية أي أنه أصبح شخص أجنبي، لا يجوز له تقلد منصب سيادي مثل رئيس أو عضو في هيئة صياغة الدستور.

الإخطار أشار أيضا إلى المادة (234) من قانون العقوبات التي تفيد بأن كل موظف عام يقوم بأي من المخالفات المشار إليها في تلك المادة، يكون عقابه الحبس والعزل. ومن بين المخالفات التي نصت عليها المادة، امتناع الموظف العمومي عن تنفيذ حكم أو أمر من المحكمة.

ونص الإخطارأيضا إلى أن رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي بصفتهم لم يلتزموا بتنفيد نص المادة (5) في قانون الجنسية، أو تنفيذ حكم المحكمة ضد الدكتور علي الترهوني، فإن السيد عبدالقادر حويلي بصفته عضوا في المجلس الأعلى للدولة قد يلجأ للقضاء الجنائي ويرفع جنحة مباشرة ضد رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي.

وورد في الإخطار أيضا أن المحضر انتقل إلى مكان إقامة المجلس الرئاسي وسلّمهم صور من الإخطار ونبّههم إلى ضرورة تنفيذ المادة (5) من قانون الجنسية واتخاذ الإجراءات بالخصوص في مدة أقصاها اسبوع من يوم استلامهم للإخطار وإلا فإن عبدالقادر حويلي سيضطر للجوء إلى القضاء الجنائي.

وبالمختصر المفيد، فأن الإخطار يفيد بأن السيد عبد القادر حويلي يطالب المجلس الرئاسي بتنفيذ حكم محكمة البيضاء ضد خليفة حفتر وإن لم يذكره بالاسم بل ضد كل مزدوج للجنسية يتولى أو يسعى لتولي أي منصب سيادي (عبر الإنتخابات مثلا).

***

بالنظر إلى شكل مستند الإخطار المعني، تبرز عدة تساؤلات حول صحته كمستند قانوني، وتوقيت تسريبه، والغاية من نشره. أما عند البحث في المضمون فهناك تساؤلات بنفس الأهمية تطرح نفسها، ومنها:

    • هل السيد عبدالقادر حويلي يريد توريط محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي في ورطة ازوداج الجنسيةحيث يشاع أنه يحمل جنسية أجنبية بحكم مولده في دولة أجنبية؟
    • هل المقصود هو توظيف سابقة إلغاء محكمة البيضاء لرئاسة وعضوية على الترهوني لهيئة صياغة الدستور وذلك لمنع حفتر من الترشح في الإنتخابات الرئاسية القادمة؟
    • هل التهديد باللجوء إلى القضاء الجنائي في حالة امتناع المجلس الرئاسي من تنفيذ حكم المحكمة ضد حفتر وغيره من مزدوجي الجنسية هو مجرد تفنيصة سياسية، أم أنها أداة جديدة للصراع السياسي في ليبيا؟
    • ذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يتم توظيف هذه الوسيلة ضد المجلس الرئاسي السابق وحكومة الوفاق؟ وضد عقيله صالح بصفته القائد الأعلى للجيش بعدم تطبيق السابقة القانونية نفسها لعزل حفتر وهم يعلمون أنه من مزودجي الجنسية؟
    • ألا يعلم السيد حويلي وغيره أن قضية ازدواج الجنسية هي قضية حقوقية بامتياز ولا علاقة لحفتر بها فهو لن يتشبت بها أو بأي مسألة قد تعيق تحقيق هدفه الاستراتيجي وهو السيطرة على العاصمة، وإقامة جماهيرية حفترية؟
    • ألا يدرك السيد حويلي أن الشخصيات السياسية الوطنية من مزدوجي الجنسية يصرون على ممارسة حقوقهم السياسية كاملة وأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام محاولات انتزاعهم من وطنهم بسبب اقتناء حفتر لجواز سفر أمريكي أو بسبب قانون معيب أنشأه الدكتاتور قبل ثورة فبراير؟
    • ألم تعلم يا سيد حويلي أن قضية ازدواج الجنسية تمس حقوق دستورية لألاف العائلات الليبية المقيمة في الخارج وأن أغلب أبنائها يتشبتون بانتمائهم لليبيا، وأن حبهم لوطنهم يفوق ما نراه اليوم من المتصدرين للمشهد السياسي من ممارسات أقل ما يقال عنها أنها لا تمت للوطنية بشئ.
    • وهل أصبحت قضية ازدواج الجنسية فزاعةتوظف ضد المنافسين في الحملات الإنتخابية؟ وهل يبرر السيد حويلي لنفسه استناده على قانون معيب صدر في زمن الاستبداد كمرجع قانوني للعزل السياسي؟ وهل أصبحت قوانين المستبد القذافي أدوات للصراع بين النخبة المتصدرة للمشهد السياسي؟
    • وهل يعي السيد حويلي كيف استطاع المحامي ضو المنصوري كسب الطعن الكيدي الذي رفعه ضد الدكتور على الترهوني وهو من شخصيات المعارضة الوطنية الذين تصدوا لاستبداد القذافي لعشرات السنين؟
    • ألا يدرك السيد حويلي أن هذه السابقة معيبة ومطعون فيها أمام الدائرة الدستورية، وأن الدكتور علي الترهوني تحصل على جنسيته الأمريكية مضطرا لها وليس راغبا فيها، وأن ذلك سبق إصدار القانون بسنوات عديدة، وأنه لم يكن رئيسا للدولة بل لهيئة تأسيسية مؤقتة لصياغة دستور للبلاد؟
    • من الآخر نقول، إذا كان الهدف هو التخلص من حفتر ومنعه من الترشح للإنتخابات الرئاسية، فما الفائدة من إقحام مسألة ازدواج الجنسية التي سيثبت بكل الوسائل أنه تخلى عنها؟ ولماذا اللف والدوران، أليس من الأولى مقاضاته على أنه مجرم حرب ورّط البلاد في حروب كارثية منذ 2014م؟

يظل هناك احتمال واحد للهدف من هذا الإخطار، وهو أن الغرض سياسي بحثومحاولة لإحراج المجلس الرئاسي ووضعه بين مطرقة القانون القائم وسندان الأمر الواقع؟

لن ننتظر طويلا للحصول على أجوبة لتلك الأسئلة ، فالأيام حبلى بالكثير من المفاجآت

______________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *