د. الكوني عبودة
أصدر المشرع القانون رقم 6 لسنة 2021 بشأن منحة دعم للأسر الليبية – والذى نشر بالجريدة الرسمية سنة 11 عدد 3، 2022.
ونصت مادته الاولى على أنه :” تصرف لكل أسرة ليبية منحة مقدارها 50,000 خمسون ألف دينار ليبى ..”
وحدد القانون ضوابط صرف هذه المنحة وهي :
– تقديم كتيب عائلة أو آفادة آدارية بالوضع العائلى .
– ألا يكون المستفيد ممن تحصل على منحة الزوج أو الزوجة وفق قانون صندوق دعم الزواج. (مادتان 1و3).
ووفقا للمادة 2 أنها لا تصرف إلا مرة واحدة. ورغم مضي أكثر من سنتين – (صدر القانون فى 1-11-2022 ويعمل به من تاريخ صدوره، مادة 4)- فإنه لم ينفذ.
ويثور التساؤل عن سبب عدم الإمتثال؟
بادي الرأي قد يكون السبب التشكيك فى طبيعة المنحة، أو فى عدم توفر الموارد.
المنحة مجرد أمل ؟
ظاهر النص قد يوحى بأن المنحة ليست حقا لأن المشرع لم يستعمل لفظ حق، فلو كان غرضه تقرير حق لأستعمل هذا اللفظ !! .
هكذا فُهم وبالتالى تفسير النص على هدية يتعارض مع عبارة المادة الاولى التى إستعملت لفظ ” تصرف” منحة – وهو ماتكرر فى المادة الثانية.
والصرف هنا بمعنى التسليم أو إلانفاق بما ينفى عن المنحة أي دلالة أخرى غير الإشارة الى أنها حق واجب السداد.
ولا محل للإعتراض على هذا التحليل بالقول أن المحكمة الدستورية العلبا فى مصر أيدت قرار الجمعية العمومية للشركة بترحيل كل الارباح لحساب زيادة رأسمال الشركة ولم تر فى ذلك مساسا بحق العمال المقرر فى نسبة من أرباح الشركة بما ينفى الزعم بمخالفة النص للدستور (دعوى رقم 134-37 جريدة اليوم السابع 6-7-2019).
فالقياس هنا غير جائز لأن قانون دعم الأسر لم يعلق الصرف على أي أمر ولم يترك التنفيذ رهينا برغبة جهة التنفيذ.
مدى التزام السلطة التنفيذية بتدبير الموارد ؟
المسلّم به أن سلطة المشرع تقديرية، ما لم يحدها قيد فى الدستور. ونصوص الاعلان وروحه مع دعم الاسرة الليبية. لذا على السلطة التنفيذية تدبير الموارد اللازمة لتنفيذ قانون منحة دعم الأسر ولا محل للتذرع بأن تنفيذه سيرهق الميزانية أو يزيد معدل التضخم.
فهذه الحجج أو ما يماثلها يفترص أنها طُرحت قبل إقرار القانون، وإن لم تطرح فتلك ليست مشكلة الأسر، ولعل مقارنة ما ينفق على سفريات المسؤولين ونثرياتهم يفى بالغرض ويبطل الاعتراضات.
هذا التقاعس عن تنفيذ قانون منحة دعم الأسر قد يرهق المحاكم بدعاوى لا مبرر لها، لأن الأصل هو التنفيذ الطوعى للقانون. والتذرع بأن قانون العقوبات يعاقب من لا يمتثل لتنفيذ القوانين والقرارات لا يشكل عقبة أمام تلك الدعاوى بحسبان أن القانون يضع قواعد مجردة والاعتراف بالحق معلق على توافر شروط معينة فإذا لم تقم الإدارة بالتنفيذ المباشر ينفتح الباب لإستعمال حق التقاضى.
________________
المصدر: صفحة الكاتب على الفيسبوك