جمال جوهر
خوري تتعهد تكثيف جهود البعثة لاستعادة الثقة بين الفاعلين
بينما يتجه المشهد السياسي الليبي إلى مزيد من الانقسام، في ظل تمسّك كل طرف بما يراه «الخيار الأمثل» لحل الأزمة السياسية المعقّدة، تؤكد المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، أنها تسعى لـ«استعادة الثقة بين الفاعلين الليبيين، والتقدم بثبات نحو إجراء الانتخابات الوطنية».
وتعمل جبهة طرابلس، ممثلة في المجلس الرئاسي، بقيادة محمد المنفي، وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على الدفع بالبلاد باتجاه إجراء «استفتاء على الدستور»، من خلال إعادة تفعيل دور الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور.
وفي مقابل ذلك، تنشط جبهة شرق ليبيا، ممثلة في مجلس النواب برئاسة المستشار عقيلة صالح، الذي التقى، اليوم (الخميس)، مدير صندوق إعادة إعمار ليبيا بالقاسم حفتر، لجهة العمل على تشكيل «حكومة جديدة». وما بين الجبهتين تتسع هوة الخلاف وتتعمق، وسط مشاورات أجرتها خوري خلال الأيام الماضية مع «الأطراف الفاعلة» في عموم البلاد، بغرض «تنشيط العملية السياسية، للتقدم نحو إجراء الاستحقاق العام، وفق قرار مجلس الأمن (2755) لسنة 2024».
تعديل القوانين لإجراء الانتخابات
يرى الأكاديمي الليبي الدكتور نوري الدروقي، أن ليبيا بحاجة إلى «هيئة قانونية لتعديل القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا تم استحداث قوانين عادلة للاستحقاق، فإنه يجري بمقتضاها أولاً الاستحقاق البرلماني المنتظر، ثم تأتي الانتخابات الرئاسية بعد ذلك، وفي المرحلة الثالثة يتم تحديث الدستور من خلال اختيار لجنة قانونية دستورية».
وأضاف الدروقي أن «البرلمان المنتخب تكون مهمته اختيار وتنصيب حكومة وحدة وطنية، تحكم في كل الأراضي الليبية؛ وبعد 3 أشهر يتم انتخاب رئيس للدولة».
وفي إطار تمسك السلطة التنفيذية بالاتجاه نحو «الاستفتاء الدستوري»، استقبل الدبيبة بعض أعضاء هيئة صياغة الدستور، مساء الأربعاء، مؤكداً خلال اللقاء على «ضرورة إعادة تفعيل دور الهيئة لاستكمال الاستحقاق الدستوري»، الذي عدّه «أساساً لاستقرار ليبيا ومستقبلها السياسي».
وأمام رفض جبهة شرق ليبيا للمسار الذي يسلكه الدبيبة، استنكر الأخير ما وصفه بـ«مؤامرة تعطيل الاستفتاء على الدستور»، متحدثاً عن «عراقيل»، وقال إنها «تمثل استهدافاً لإرادة الشعب الليبي».
وفيما اعُتبر من باب المناكفات السياسية، عاد الدبيبة لتذكّر الهيئة، التي انتهت من أعمالها عام 2017 بإقرار مسودة الدستور، وقال إن الشعب «انتخب أعضاء الهيئة بشكل مباشر، وبغرض واضح ومحدد، وهو صياغة دستور يعبر عن تطلعات الليبيين جميعاً».
وأضاف موضحاً أن أي محاولات لعرقلة هذا المسار «هي عرقلة مباشرة لمسيرة الشعب الليبي نحو بناء دولة القانون والمؤسسات»، مؤكداً التزام حكومته «بدعم جهود الهيئة ومساندتها لتحقيق هذا الهدف الوطني المهم».
قائمة المرشحين
بخصوص مسار تشكيل «الحكومة الموحدة»، الذي يمضي فيه مجلس النواب، أعلن عن قائمة تضم 7 مترشحين، قيل إنهم استوفوا شروط المجلس للترشح، وهم رجل الأعمال الليبي محمد المنتصر، ووزيرا الداخلية والصحة بحكومة أسامة حماد المكلفة من البرلمان؛ عصام بوزريبة، وعثمان عبد الجليل، بالإضافة إلى المرشح الرئاسي السابق فضيل الأمين، والمرشح السابق لمجلس النواب نصر ياسين، إلى جانب رئيس مجلس المنافسة ومنع الاحتكار سلامة الغويل، والمرشح السابق من المجلس الأعلى للدولة لرئاسة الحكومة محمد المزوغي.
وتحدثت البعثة الأممية عن «الجهود المكثفة» لخوري، من خلال المشاورات التي تجريها مع الأطراف السياسية الليبية، مشيرة إلى أنها ناشدت خلالها «الأطراف جميعها على الكفّ عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، من شأنها أن تعمق انقسام المؤسسات الليبية».
والتقت المبعوثة الأممية صالح والمنفي، في لقاءين منفصلين، وقالت إنها أكدت في اجتماع مع صالح على «استعداد الأمم المتحدة لتيسير التوصل إلى حل سياسي للقضايا العالقة، يستند إلى أسس مرجعية، ومبادئ واضحة تضمن المصالح الأوسع للشعب الليبي».
واتفق الطرفان على ضرورة مواصلة المشاركة البناءة، بهدف توحيد مؤسسات الدولة، وخاصة السلطة التنفيذية، وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات ذات مصداقية. كما أكدا على أهمية وضع ميزانية موحدة للعام المقبل، من شأنها وضع سقف للإنفاق والحد من هدر الأموال العامة. كما أطلعت المنفي على «رؤية البعثة لإطلاق العملية السياسية»، مسلطة الضوء على الحاجة الماسة لكسر الجمود السياسي الراهن، وتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات «على أساس قانوني وسياسي قابل للتطبيق».
في شأن مختلف، قال المصرف المركزي الليبي إن رئيسه ناجي عيسى اجتمع مع الرئيس التنفيذي لشركة «دي لا رو» البريطانية، المتخصصة في طباعة الأوراق النقدية، ومايكل ويلسون المدير الإقليمي للشركة.
وأوضح المصرف، أن الاجتماع ركز على مناقشة مستجدات تنفيذ ملاحق العقود المتعلقة بطباعة الفئات المختلفة من العملة الليبية المُتعاقد عليها مع الشركة، البالغة قيمتها 30 مليار دينار ليبي.
كما ناقش الاجتماع جدول مواعيد استلام الشحنات المختلفة من العملة، وشدّد عيسى على ضرورة تقيُّد الشركة بالمواعيد المتفق عليها في جداول التسليم، والعمل على ذلك دون تأخير، مؤكداً على أهمية تضافر الجهود بين الشركة ولجنة طباعة وسكّ العملة بالمصرف، بما يُفضي إلى تنفيذ ملاحق عقود الطباعة المبرمة مع الشركة دون عوائق، دعماً لرؤية وتوجهات مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي في هذا الشأن
___________________