كريمة ناجي
البعض يرى أن الأجدى دعم حوار داخلي بدل التعويل على المجتمع الدولي
هناك من يرى ضرورة لتسمية مبعوث أممي جديد يكون قادراً على حل الأزمة لا إدارتها، باعتبار أن عدم التشخيص الصحيح للأزمة الليبية هو السبب الذي حال دون نجاح المبعوثين الأمميين السابقين.
تعمقت الأزمة الليبية على خلفية تواصل النزاع على رئاسة مصرف ليبيا المركزي واستمرار الإغلاقات النفطية منذ أغسطس (آب) الماضي، على رغم عمل القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري على إنهاء هذه الإشكاليات التي جعلت مصرف ليبيا المركزي معزولاً عن النظام المالي العالمي.
وتأتي هذه التطورات في ظل فشل الأمم المتحدة في الذهاب بالبلد نحو انتخابات وطنية شاملة تنهي الانقسام السياسي والأمني الذي بتربص بالبلد منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق معمر القذافي عام 2011.
مبعوث أممي جديد
ودعا وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف مساء أمس الإثنين، إلى “تعيين مبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيا في أسرع وقت ممكن“، وذلك على خلفية مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في العاصمة الروسية موسكو.
وتقود حالياً نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية القائمة أعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا ستيفاني خوري، مهام المبعوث الأممي عبدالله باتيلي الذي استقال منذ أبريل (نيسان) الماضي، بسبب تعثر مبادرته الخماسية (مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وقائد قوات الشرق خليفة حفتر والمجلس الرئاسي) التي كانت ترنو إلى حلحلة العقبات التي حالت دون إجراء انتخابات 2021.
ويدعم المحلل السياسي أحمد المهداوي دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لسرعة تعيين مبعوث أممي إلى ليبيا لا سيما أن المشهد الليبي يلحظ حالة من الانسداد السياسي، إذ قال المهداوي إن “وتيرته زادت لدى تولي المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا عبدالله باتيلي الذي شهدت فترته حالة من الركود في الملف الليبي“، مؤكداً أن “القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا ستيفاني خوري تسلك الطريق نفسه في إدارة الأزمة الليبية“.
ورأى أن ستيفاني عاجزة تماماً عن خلق حالة من الانفراج في العقدة الليبية على رغم محاولاتها المتعددة لجمع الأطراف المتصارعة وتصريحاتها المتكررة لطرح فكرة لجنة حوار جديدة، موضحاً أنها تجربة سبق وتم اعتمادها لكنها لم تجد أي نفع نظراً لتجاهلها بقية مكونات وعناصر الواقع الليبي وتركيزها فقط على التواصل مع أطراف الصراع.
وأكد أن جميع الدلائل تشير إلى ضرورة تسمية مبعوث أممي جديد يكون قادراً على حل الأزمة لا إدارتها، وهذا الأمر يتطلب أن يحمل المبعوث الأممي الجديد استراتيجية واقعية تمتلك إدارة على أرض الواقع. وأوصى المهداوي بعدم إهمال الملف الأمني لا سيما أن عدم التشخيص الصحيح للأزمة الليبية هو السبب الذي حال دون نجاح المبعوثين الأمميين السابقين إلى ليبيا.
وقال المهداوي في تصريح لـ“اندبندنت عربية“، إن هناك ائتلافات سياسية ليبية طالبت في مراسلات لها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بضرورة تسمية مبعوث جديد لليبيا، واقترحوا عليه أسماء بإمكانها تحريك الانسداد السياسي.
حوار وطني
في المقابل شدد المرشح لرئاسة الحكومة الليبية محمد المزوغي على أنه “في ظل استمرار أزمة مصرف ليبيا المركزي والإغلاقات النفطية، يجب التوجه نحو بناء أرضية مشتركة بين الأطراف السياسية المحلية“.
وتابع أن “الوضع الراهن في ليبيا لا يستعدي تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا باعتباره ليس الحل الأمثل للخروج من الأزمة الحالية، إذ أثبتت التجارب السابقة للمبعوثين التسعة أن المدخلات التقليدية لم تؤد إلى مخرجات إيجابية، وهو ما يبين حاجة ليبيا الملحة إلى التركيز على تعزيز التوافق المحلي وذلك عبر توحيد المؤسسات الذي لا يمكن أن يكتمل إلا في ظل تشكيل حكومة أزمة جديدة موحدة تبسط سلطتها على كامل التراب الليبي“.
وأوضح المرشح لرئاسة الحكومة أن الذهاب نحو حل ليبي – ليبي ممكن خصوصاً إثر إعلان مجلس النواب عن فتح باب الترشح وتقدم مجموعة من المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة مصحوبين بمشاريع وطنية لحل الأزمات والإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مرحلة موالية، لا سيما أن المرشحين تحصلوا على تزكيات مسبقة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة (غرب) وأعضاء مجلس النواب (شرق)، مما يؤكد التوافق بين الجسمين التشريعيين على أهمية تشكيل حكومة جديدة، وهو ما يدفع للخروج من القواعد النمطية والبحث عن حلول مبتكرة تتجاوز الأساليب التقليدية التي تعول على المجتمع الدولي لحل الأزمة الليبية عبر البعثة الأممية، داعياً إلى الانكباب على تعزيز الحوار المحلي بدل التفكير في تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا.
9 مبعوثين
وسبق وتطلب تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا بعد استقالة السلوفاكي يان كوبيتش من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تسعة أشهر ليعين بعده السنغالي عبدالله باتيلي الذي باشر مهامه رسمياً في الـ25 من سبتمبر (أيلول) 2022 كممثل خاص ورئيس للبعثة الأممية في ليبيا. ويعد باتيلي أول أفريقي يتولى هذا المنصب والمبعوث رقم تسعة إلى ليبيا حيث سبقه الأردني عبدالله الخطيب واللبناني طارق متري والبريطاني إيان مارتن والإسباني برناردينو ليون والألماني مارتن كوبلر واللبناني غسان سلامة والأميركية ستيفاني وليامز والسلوفاكي يان كوبيتش.
الاختصاصي في الشأن الليبي حازم الرايس بدوره اعتبر أن “خوري ليست المحرك الرئيس للعملية السياسية في ليبيا، فالأمر متوقف على رغبة واشنطن في تحريك المياه السياسية الراكدة، أو تركها على حالها، ولكن يبدو أن الوجود الروسي في المنطقة أقلق أميركا التي ستحرك كل أدواتها الدبلوماسية لإنهاء المراحل الانتقالية والذهاب نحو توحيد المؤسسة السياسية والعسكرية الليبية“.
وأشار الرايس إلى أن “خوري تسير على درب المستشارة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا” ستيفاني ويليامز، إذ اتضح من خلال خطابها تركيزها على العمل مع جميع المكونات الليبية، وهو أمر كان يميز عمل ويليامز الأميركية.
________________