ابراهيم محمد الهنقاري

هذا حديث للذكرى و التذكير في يوم من ايام ليبيا المجيدة يوم الرابع و العشرين من ديسمبر ١٩٥١. يوم ميلاد دولة الاستقلال.

كيف كان “الحمل” السياسي.!؟

وكيف كان “المخاض” السياسي.!؟

وكيف ولدت دولة ليبيا و اسمها : “المملكة الليبية المتحدة”.!؟

هل كانت ولادة طبيعية. !؟

هل تمت الولادة بعملية “قيصرية”.!؟

من كان الطبيب.!؟

ومن كانت “القابلة”.!؟

كيف عاشت الدولة الوليدة. !؟

وكيف تم اغتيالها وهي في ريعان الشباب وهي في الثامنة عشر من عمرها. !؟

ومن هو القاتل. !؟

قد تبدو هذه الأسئلة العشرة غريبة لأول وهلة ولكنها في الواقع أسئلة مهمة يبحث الكثيرون عن الاجابات الصحيحة عنها،!

لم يكن “الحمل” كاذبا. بل تم بقرار شرعي دولي صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي أعلى و أهم منظمة دولية عرفها العالم عقب حرب عالمية كبرى قتل فيها ما يزيد عن ستين مليون من البشر أو ما يعادل 2.5% من سكان العالم في ذلك الوقت.

و لكن “المخاض” كان عسيرا. !

أما “الولادة” فلم تكن طبيعية بل تمت بعملية قيصرية كبيرة شارك فيها العديد من “الأطباء” و أهل ألخبرة وطنيين و أجانب .

أما الطبيب فقد كان “دكتورا” من هولاندا اسمه أدريان بيلت. ومعه ثلة من الأعوان و المساعدين. وكانت هناك أكثر من “قابلة” من أقاليم ليبيا الثلاثة برقة و طرابلس وفزان.

وكان يوم الميلاد هو يوم 24 ديسمبر عام 1951.! ارتفعت الأعلام و الزغاريد في كل أرجاء الوطن احتفالا بالمولودة الجديدة و لكن المولودة الجديدة لم تجد ما يكفيها من اللبن ولا ما يقيها من البرد من الملابس لا في ذلك الشتاء البارد ولا في ما تلاه من الفصول.!فكانت حياتها معيشة ضنكا. !

ولكن الله قيض للمولودة الجديدة ثلة من أهلها الأوفياء المخلصين رعوها حق رعايتها ووفروا لها ما يلزم من الحماية و من أسباب العيش الكريم.

وعندما بلغت أشدها و بلغت ثمانية عشر عاما من عمرها الذي بدى واعدا بمستقبل رائع و جميل خرج من إحدى حفرها شيطان مارد فجاس خلال ديارها وقضى عليها وعلى مستقبلها الواعد. !

كان الاستقلال دائما هو حلم الليبيين والليبيات ولكن الطريق إليه كان مليئا بالألغام و المتفجرات. بعضها محلي. وبعضها دخيل. ولم يتوفر الوعي السياسي لدى الليبيين كما نعرفه اليوم إلا متأخرا.

فلم يعرف الليبيون و الليبيات الاحزاب السياسية الوطنية إلا بعد هزيمة دولة الاحتلال إيطاليا الفاشية على يد قوات الحلفاء نهاية الحرب العالمية الثانية ودخول القوات البريطانية و احتلالها لكل من إقليمي برقة و طرابلس واحتلال القوات الفرنسية لإقليم فزان وذلك بين عامي 1942 و 1943.

سمحت الادارة العسكرية البريطانية التي حلت محل الادارة الاستعمارية الإيطالية في إقليمي برقة و طرابلس بقيام منظمات ليبية ثقافية و اجتماعية و رياضية تحولت بعد ذلك الى أحزاب سياسية.

و كانت بدايات تشكيل تلك التنظيمات التي اتخذت بعد ذلك شكل الاحزاب السياسية في برقة أولا ثم بعد ذلك في طرابلس. أما إقليم فزان فلم تقم فيه أية أحزاب سياسية وإن كان قد شهد بعض النشاطات السياسية الفردية على يد عدد من الوطنيين المنتمين لذلك الإقليم وكلها تدعم التوجه الليبي العام نحو إقامة الدولة الليبية المستقلة الواحدة.

تأسست اولا جمعية عمر المختار في القاهرة يوم 31 يناير 1942 ثم تم تجديد تأسيسها في بنغازي يوم 4 أبريل 1943. ثم تلتها تنظيمات أخرى مثل “الجبهة الوطنية البرقاوية” و “رابطة الشباب الليبي” و “المؤتمر الوطني البرقاوي”.وذلك بين عامي 1946 و 1948.

ولم يكن أمر الاحزاب السياسية في إقليم طرابلس مختلفا كثيرا عن أمر تلك الأحزاب في إقليم برقة في الشرق الليبي. إلا أن عدد الاحزاب في إقليم طرابلس في الغرب الليبي قد بلغ تسعة أحزاب معظمها ينادي باستقلال ليبيا بقيادة الأمير حينها السيد محمد إدريس المهدي السنوسي بينما يطالب بعضها بأن تكون ليبيا جمهورية.!

كان أول و أقدم تلك الاحزاب هو الحزب الوطني بزعامة السيد أحمد الفقيه حسن و الذي بدأ نشاطه سرا و كنادي ثقافي باسم “النادي الأدبي” و كان ذلك عام ١٩٤٤. وفِي عام ١٩٤٦ تم إشهار الحزب . غير أنه ما لبثت أن نشأت خلافات عميقة بين قادته المؤسسين. حيث انشق المؤسس السيد أحمد الفقيه حسن عن الحزب و تولى قيادته السيد مصطفى ميزران. و كان جوهر الخلاف هو دعوة البعض الى وضع البلاد تحت الوصاية المصرية. !

ثم تأسس أوائل مايو ١٩٤٦حزب الجبهة الوطنية المتحدة بزعامة السيد سالم المنتصر و انضمت إليه بعض الشخصيات السياسية من طرابلس ومن ترهونة ومن الزاوية ومن زوارة. غير أنه ما لبث أن شب الخلاف أيضا بين أعضاء الحزب أدى إلى انشقاق السيد سالم المنتصر عنه.

وبعد انشقاقه عن حزب الجبهة الوطنية أسس السيد أحمد الفقيه حسن و أخوه السيد علي الفقيه حسن حزب الكتلة الوطنية عام ١٩٤٦. وكان هو الحزب الذي تبنى النظام الجمهوري لليبيا المستقلة.!

كما تم الاعلان عن أحزاب صغيرة أخرى لم تكن لها قاعدة شعبية تذكر مثل حزب الاتحاد المصري الطرابلسي ومثل حزب العمال وحزب الاستقلال و حزب الأحرار.

ولعل أهم الاحزاب السياسية في إقليم طرابلس هو حزب المؤتمر الوطني الذي تأسس عام ١٩٤٩ بقيادة الزعيم بشير السعداوي والذي اندمج فيه كلا من الحزب الوطني وحزب الجبهة الوطنية المتحدة وكانت قاعدته الكبرى في طرابلس ثم انتشرت فروعه في معظم مدن الغرب الليبي.

كان الزعيم بشير السعداوي هو أكثر القيادات السياسية في الغرب الليبي شعبية. كانت شعبيته تفوق شعبية المفتي محمد أبو الاسعاد العالم وتفوق شعبية السيد محمود المنتصر و شعبية باقي القيادات السياسية الطرابلسية. ولكنه كان من المؤيدين لتولي أمير برقة في ذلك الوقت السيد محمد إدريس المهدي السنوسي عرش المملكة الليبية المتحدة كما كان من القادة الذين كانوا يرون في النظام الاتحادي الفيدرالي تعبيرا عن الأمر الواقع في ليبيا.

كان الزعيم بشير السعداوي سياسيا واقعيا وحريصا على تحقيق الاستقلال أكثر من حرصه على شكل نظام الحكم. وقد تمكن حزبه حزب المؤتمر الوطني من كسب كل مقاعد مدينة طرابلس في اول انتخابات نيابية جرت في ليبيا بعد اعلان الاستقلال كما فاز في معظم الدوائر الاخرى في المنطقة الغربية ولولا تدخل القوات البريطانية التي كانت لا تزال تفرض سيطرتها على الارض في إقليمي برقة و طرابلس لتمكن كل من حزب المؤتمر الوطني في دوائر إقليم طرابلس و جمعية عمر المختار في دوائر إقيم برقة من الحصول على غالبية مقاعد اول مجلس نيابي في ليبيا المستقلة.

وهذا ما كان يخشاه الانجليز لأن هذين الحزبين الكبيرين لن يسمحا ببقاء القواعد العسكرية الاجنبية في ليبيا المستقلة. وقد كانت تلك قضية حيوية و ضرورية وتتعلق بالأمن الدولي كما تراه دول الحلفاء المنتصرة في تلك الحرب العالمية ولم تكن تلك الدول التي احتلت قواتها ليبيا لتسمح بذلك.

فقد تم تزوير نتائج الانتخابات في العديد من الدوائر الانتخابية خارج طرابلس و بنغازي في المنطقتين الغربية و الشرقية من ليبيا لمنع سيطرة هذين الحزبين الوطنيين على مقاعد مجلس النواب.

ولازلت أذكر كيف تم تزوير الانتخابات في دائرتي في مدينة الزاوية حيث صوتت الغالبية العظمى من الناخبين لمرشح حزب المؤتمر الوطني السيد كمال فرحات رحمه الله بينما صوت تسعة وعشرون ناخبا فقط لصالح مرشح الحكومة السيد منير العروسي رحمه الله وقامت الشرطة بإحضار جميع أولئك الاشخاص الى مقر “الشركة العربية” التي كان يمتلكها و يديرها مرشح الحكومة لحمايتهم و حمايته من غضب الجماهير بعد أن أعلنت الحكومة أن السيد منير العروسي هو الفائز بذلك المقعد عن مدينة الزاوية.!! في تحد غريب و مريب لإرادة الناخبين في تلك الدائرة.!!

وكانت تلك بداية سيئة لاول انتخابات برلمانية تجرى في ليبيا بعد استقلالها.

ثم تم إبعاد السيد بشير السعداوي زعيم حزب المؤتمر الوطني عن البلاد و اعتقال قادة جمعية عمر المختار في الشرق الليبي.

وكان من المؤسف أن يتم ذلك في عهد أول حكومة ليبية بعد الاستقلال. ولكن المؤسف أكثر هو أن تلك الحكومة لم تكن تملك لا من القوة ولا من الارادة السياسية ما يمكنها من منع الانجليز الذين يحتلون عسكريا إقليمي برقة وطرابلس من تنفيذ مخططاتهم التي تهدف الى حماية مصالحهم ومصالح أمنهم الخاص ولم تكن مصالح ليبيا أو أمنها تهمهم في شيئ.! لقد كان هدفهم الاول و الأخير هو حماية مصالح الإمبراطورية البريطانية العظمى.!! بينما كانت الحكومة الليبية الوليدة بإمكانياتها شبه المعدومة عاجزة عن التصدي لدولة عظمى خرجت منتصرة في حرب عالمية كانت بلادنا أحد المسارح الرئيسيّة لعملياتها. فحدث الذي حدث.

ذلك كان هو الواقع. وتلك كانت هي الحقيقة.

لاشك أن الشعور الوطني كان واحدا لدى القادة السياسيين الليبيين كما هو لدى أبناء الشعب الليبي عامة. وقد بذل أولئك القادة كل ما وسعهم للتقليل من تدخل الانجليز في الشأن الليبي و عرفوا كيف يحافظون على أقصى ما يمكن من السيادة الوطنية. ولا ينبغي توجيه التهم جزافا لرجالات الاستقلال. وينبغي للمؤرخين والباحثين أن ينظروا إلى الواقع الليبي في تلك السنوات الاولى التي سبقت إعلان الاستقلال وتلك السنوات الأولى لعهد الاستقلال بعين ذلك الزمن وبظروف و إمكانيات ليبيا في ذلك الزمن وليس بمقياس الحق المطلق والباطل المطلق. فليس في هذه الحياة الدنيا كلها شيئا أسهل من نقد التاريخ.!!

وهكذا كان المخاض عسيرا بالنسبة لولادة الدولة الليبية الاولى المملكة الليبية المتحدة.

أرض محتلة من قوى منتصرة في حرب عالمية كانت ليبيا أحد ميادينها الرئيسيّة

وشعب يعاني من الجهل والفقر والمرض. و فراغ في إدارة الشأن العام بعد هزيمة الادارة الاستعمارية الايطالية.و غموض في المصير الوطني رغم الفرحة بزوال الاستعمار الذي جثم على الوطن لما يزيد عن ثلاثين عامًا.

و خلاف حاد بين فئات الشعب الليبي فمنهم من ينادي بتتويج أمير برقة السيد محمد إدريس المهدي السنوسي ملكا على ليبيا بعد أن تلقى أكثر من بيعة من معظم أقاليم ليبيا ومنهم من لا يرى ذلك على قلتهم و يدعون الى أن يكون نظام الحكم في ليبيا جمهوريا وأن تسمى الدولة “الجمهورية الليبية المتحدة” بدلا من “المملكة الليبية المتحدة”. وفِي النهاية كان الإسم الاخير هو الذي اختارته الجمعية الوطنية التأسيسية التي صاغت دستور الاستقلال. وهكذا ولدت دولة الاستقلال.!

كانت تلك هي “الحالة الليبية” التي عرفها الدبلوماسي الهولندي أدريان بيلت حينما بدأ مهمته مفوضا ساميا في ليبيا بعد تكليفه بذلك يوم ١٠ ديسمبر ١٩٤٩ من قبل الأمم المتحدة.

تعامل السيد بيلت مع القادة السياسيين الليبيين ومع جماهير الشعب الليبي الذين أتيح له التواصل معهم على سواء ووجد ان الليبيين جميعا يريدون الاستقلال تنفيذا لقرار الجمعية العام للأمم المتحدة قبل الأول من يناير ١٩٥٢. فعمل هو ومجلسه الاممي على مساعدة الليبيين على تأسيس دولة الاستقلال. وكان على علم تام بنوايا الاطراف الليبية المعنية أكثر من غيرها بمستقبل الوطن كما كان على علم بنوايا القوى الكبرى التي كانت قواتها المسلحة تحتل ليبيا عمليا.

كان اللاعب الرئيسي في إقليم برقة هو سمو أمير برقة السيد محمد إدريس المهدي السنوسي.

وكان اللاعب الرئيسي في إقليم طرابلس هو مفتي طرابلس الشيخ محمد أبو الأسعاد العالم و أعوانه من رجالات طرابلس ومدن الغرب الاخرى.

وكان اللاعب الرئيسي في إقليم فران هو المجاهد أحمد سيف النصر و أعوانه.

وتعامل السيد بيلت مع كل أولئك القادة الليبيين على قدم المساواة لما فيه الصالح العام للوطن وللشعب الليبيين. و بما يؤدي الى تنفيذ قرار الجمعية العامة الخاص باستقلال ليبيا في موعد أقصاه الأول من يناير ١٩٥٢.

تمكن السيد بيلت اولا من تشكيل لجنة الواحد والعشرين ( سبعة أعضاء عن كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة برقة وطرابلس و فزان). وهي اللجنة التي عقدت أول اجتماعاتها يوم ٢٧ يوليو ١٩٥٠ وقررت تشكيل الجمعية الوطنية التأسيسية التي كلفت بوضع الدستور الليبي من ستين عضوا يمثلون بالتساوي أقاليم ليبيا الثلاثة بعشرين عضوا عن كل من برقة و طرابلس و فزان.

وقد أثير بعض الجدل حول شرعية أعضاء الجمعية الوطنية التأسيسية إذا تم اختيارهم بالتعيين و ليس بالانتخاب وبعد دراسة الوضع الذي كان قائما في ليبيا في ذلك الوقت والذي لم يكن يسمح بإجراء انتخابات وافقت بعثة الامم المتحدة برئاسة السيد ادريان بيلت بتفويض الامير إدريس السنوسي باختيار نواب برقة و السيد مفتي طرابلس الشيخ محمد أبوالأسعاد العالم باختيار ممثلي طرابلس بالتشاور مع القيادات السياسية الطرابلسية و السيد احمد سيف النصر باختيار ممثلي فزان.

فتم ذلك وعقدت الجمعية الوطنية أول اجتماعاتها في طرابلس يوم ٢٥نوفمبر١٩٥٠ بحضور نائب السيد بيلت الذي كان يومها خارج ليبيا كما حضر تلك الجلسة أعضاء ًمجلسه الاستشاري و ممثلين عن السلطتين العسكريتين في ليبيا بريطانيا و فرنسا. وتم انتخاب المفتي الشيخ محمد أبوالأسعاد العالم رئيسا لها.

وقررت الجمعية الوطنية التأسيسية في جلستها الثانية المناداة بأمير برقة السيد

محمد إدريس المهدي السنوسي ملكا للمملكة الليبية المتحدة.

و تحقق ذلك الحلم الليبي الكبير. !!

هكذا ولدت الدولة الليبية الحديثة.

وعاشت تلك الدولة رغم كل الصعاب.

و استطاعت وهي في الثامنة عشر من عمرها أن تحقق ما عجزت عن تحقيقه كثير من الدول الاخرى.

ولكن بعض أهلها كفروا بنعمة الله فصدق فيهم قول الله سبحانه وتعالى:

و ضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان

فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. “ صدق الله العظيم.

و لعله من المفارقات العجيبة أن الملك الصالح طيب الله ثراه قد استشهد بهذه الاية الكريمة في اخر بيان وجهه للشعب الليبي قبل انقلاب ايلول الاسود ١٩٦٩ بقليل.!!

فهل كفرنا بانعم الله و نسينا كل نعم دولة الاستقلال فاذاقنا الله لباس الخوف والجوع وكل الماسي التي نعاني منها منذ انقلاب ايلول الاسود وحتى اللحظة.

في ذكرى عيد الاستقلال لابد لنا ان نتذكر جهاد الاباء والاجداد وان يعلم كل منا ان السبيل الوحيد لانقاذنا و انقاذ الوطن من الحالة الكئيبة التي نعيشها هو العودة الى تراث الاباء والاجداد والى دستور الاستقلال و الى دولة الاستقلال المملكة الليبية.

وكل عام و انتم بخير.

________________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *