شهيد الكلمة الإعلامي محمد مصطفى رمضان
محمد مصطفي رمضان مذيع لامع متميز وكان أول ليبى يحترف العمل الإذاعى فى العالم الغربى وتحديدا فى هيئة الإذاعة البريطانية.. (1966 ـ 1980) وهو نموذج للشخصية الليبية .. بشوش طيب القلب نظيف الوجه مرهف الحس والوجدان. كان صوته رنانا مميزا. وكان كاتبا معروفا ليس فقط محليا بل على مستوى العالم العربى والإسلامى أيضا. وترك بصمة واضحة من خلال أسلوبه ورصانته وإجتهاده.
ولد عام 1944… إبن أحد الشخصيات الليبية المعروفة .. الحاج مصطفى بن رمضان ، ودرس الثانوية ونالها من مدرسة طرابلس عام 1963 وبعدها التحق بالجامعة الليبية ثم توقف عن الدراسة ليتفرغ للعمل الإذاعى.
كتب القصة القصيرة ونشر فى جريدة ” فزان ” بالجنوب الليبى طوال عام 1960.. والتحق بإذاعة المملكة الليبية مذيعا وقدم العديد من البرامج الثقافية ونشر مجموعة من المقالات والخواطر فى مجلتها عام 1964.. واشتغل ايضا بفرع الإذاعة ببنغازى .. وكذلك فرعها بالبيضاء.. ثم انتقل للعمل القسم العربي فى هيئة الإذاعة البريطانية كموظف ثم مذيع ومقدم برامج.
وكان من العرب القلائل بالإذاعة .. ومن مشاهيرها أيضا وله عشاقه بالعالم العربى والإسلامى … حيث كان متميزا فى جمله وتحياته مثل ” هنا لندن .. هيئة الإذاعة البريطانية” أو عبارته ” ختاما محمد مصطفى رمضان يحييكم ويترككم فى أمان الله ” ومن تحياته الخاصة أيضا ” سلام عليكم من الله ورحمة منه وبركات “.
تميز بسلامة لغته وحسن بيانه وصوته المميز وعباراته المشهورة وقراءته المتأنية .… ومن برامجه .. برنامج” إخترت لك“، واستمر بالعمل بالإذاعة البريطانية حتى السبعينات، واصل دراسته بالحقوق وحصل على الليسانس بالإنتساب لجامعة” محمد الخامس ” بالمغرب
أصدر عام 1969.. كتابه الشهير..” الشعوبية الجديدة“..من 16 فصلا ومقدمة قال فيها:
“انا أعرف أن هذا الكتاب سيثير أكثر من إتهام و إتهام وأكثر من تشهير وتشهير وأعرف أيضا أن الأبواب ستوصد دونه فى أكثر من مكان ولكن هذا وذاك انما يتضاءلان بجانب الراحة النفسية التى منحتها هذه الفصول لى فقد قلت فيها ماظللت سنوات طوالا لا أجد سبيلا إلى نشره على الناس”
أثناء وجوده بلندن كتب بعض المقالات بجريدة ” العرب” أيام إدارة السيد “رشاد الهونى” لها.. قدم العديد من البرامج المتميزة بإذاعة لندن منها برنامج ” خمس دقائق “. وبرنامج “مايطلبه المستمعون “… وانتسب أيضا إلى جامعة “برمنجهام” قسم الدراسات الاسلامية لمواصلة دراسته العليا عن ” نظام الحكم فى الإسلام ” كان صاحب ثقافة واسعة.. كما عرف بمواجهته للنظام السابق ومعارضته له..وحتى قيامه بإرسال رسائل انتقاديه له .. بدايات السبعينات. ..
كان محمد مصطفى رمضان في مقدمة الأصوات التي انبرت لكشف مثالب الحكم العسكري والتنديد بممارساته القمعية ويمثل خطاب زواره نقطة تحول هامة جدا في مسيرة القذافي. فقد برزت من خلاله وبكل وضوح نزعة القذافي الفردية وروحه الدكتاتورية التسلطية. واتضحت معالم طموحاته السياسية في القضاء على مخالفيه، وقمع جميع أنواع التجمع المعارض، وسد الطريق أمام كل الفئات ذات الطموحات السياسية تحت شعار تجريم الحزبية، والرغبة الجامحة في السيطرة والإنفراد بالسلطة واحتكار صناعة القرار.
***
الرسائل التي حكمت على محمد مصطفى رمضان بالتصفية الجسدية
رفــع سلاح الـقلم فأطلقوا عليه الرصاص في المسجد!!
اشتهرت من بين هذه الرسائل، ثلاثة:
كُتبت الرسالة الاولى في 18 فبراير 1972م، وقد طغى عليها صيغة الحوار والمناظرة والطرح العام . قدم الشهيد في هذه الرسالة، نصائحه وارشاداته حول العديد من القضايا الحساسة، منها على سبيل المثال، نظرة الاسلام الى الصراع الديني والقومي، والتأمر الروسي على الباكستان، والملكية، وقضية الاراضي الزراعية، ورفض الاسلام لجميع انواع الديكتاتوريات، بما في ذلك دكتاتورية “البروليتارية” وحكم العسكر، الذي رأى الشهيد انه سيتحول حتما الى حكم فاشيستي (وكان محقا في ذلك).
كما اضاف الشهيد في هذه الرسالة: ان ليبيا في حاجة الى “العدالة الاجتماعية” لا إلى “الاشتراكية“، فهناك العديد من انواع “الاشتراكية“، ولا ندري اي منها نتبع. وتحدث في هذه الرسالة ايضا، عن المناهج وتركيز الغرب عليها. وأكد على اهمية بناء حياتنا على ركائز الايمان بالله. وكان الشهيد يمزج كلماته ونصائحه وارشاداته، بشيء من اللين الايجابي (اي البعيد عن المداهنة) طمعا في ان تجد آراؤه الصائبة، بخصوص هذه القضايا، اذناً صاغية، مما قد يخدم مصلحة الوطن 13.
اما الرسالة الثانية فقد بعثها الشهيد في سبتمبر1973م، اي بعد خطاب زوارة بخمسة اشهر تقريبا، وتضمنت ردودا وتساؤلات تتعلق بذلك الخطاب (ابريل،1973م)، وكان مضمونها، اكثر مباشرة، ونبراتها اشد حدة، من الرسالة الاولى، دون الخروج عن الاطار العام لاسلوب الشهيد.
كان خطاب زوارة.. اذا.. الدافع الرئيسي وراء الرسالة الثانية. لذلك القت هذه الرسالة الضوء على تناقضات سياسية وامنية عديدة، وردت في ذلك الخطاب، وكانت رسالة جريئة وصريحة ومباشرة، صحح فيها الشهيد اكثر من ثلاثة وعشرين موقفا وقرارا سياسيا وامنيا وقانونيا، اتخذها النظام ضد الاسلام والمسلمين، وبالتالي ضد مصلحة ليبيا والليبيين.
تساءل الاستاذ محمد مصطفى رمضان، في رسالته الثانية عن الحكمة وراء طرد المجاهدين التشاديين من ليبيا، واغلاق مكاتبهم واذاعتهم الموجهة، دون ان تتغير حكومة “فرانسوا تمبلباي” العنصرية المستبدة في تشاد. كما تساءل الشهيد قائلا: كيف تؤيد نظام عسكري في الصومال، يكتب اللغة الصومالية بحروف لاتينية، وكيف تشاركون في قصف جزيرة “ابا” في السودان، وتخلفون مئات القتلى والجرحى من المسلمين، ولماذا تؤيد نظام “عدن“، الذي لا يخفي انه ماركسي، وهو من الانظمة الشرسة التي ترهق المسلمين في “اليمن“. وكيف تقومون بايواء المغاربة الشيوعيين في ليبيا، مع شدة عدائهم للشعب المغربي، في الوقت الذي تعلن فيه حرباً على الشيوعيين في ليبيا. وكيف ترفض الحزب والحزبية بينما تدخل في وحدة او حلف او تحالف مع البعث السوري، وتغض الطرف في نفس الوقت، عن نشاطات تنظيم البعث السوري القطري في ليبيا. وكيف تعطل القوانين (في خطاب زوارة) لتصبح ليبيا دولة، تُحكم بلا قوانين، ودون تقنين اخر، وكيف تقول عن تعطيل القوانين “ما يهمنيش هذي تصبح تجربة فريدة“.
كما تحدث الشهيد عن شرعية الحكم في ليبيا، وضرورة إجراء انتخابات من اجل ترسيخ الشرعية، وتحدث ايضا عن الامن، والاعتقالات العشوائية، والمعتقلين السياسيين، وتغييب الناس في السجون، والغاء الجامعة الاسلامية، والربا، والقومية، والاشتراكية. وقال ان ليبيا اصبحت دولة تُحكم بلا دستور، بل بالاهواء والمصالح .
اما الرسالة الثالثة والتي كتبت في 18 فبراير1977م، فقد ركزت على حالة الامة الاسلامية وما تحتاج اليه من اجل ان تنهض، وركزت كذلك على الدعوة ورجال الدعوة، وعلى بعض المفاهيم الاسلامية المتعلقة باوضاع الامة بصفة عامة. فبعض ما قال الشهيد في هذه الرسالة: ان الله قد ارتضى لنا هذا الدين وسماه “الاسلام” ولم يُسمه شيئا اخر كـ “الاسلام الاشتراكي” مثلا، كما ان امة القرآن التي ننتمي اليها جميعا، لا يصح ان توصف باي صفة اقليمية او عنصرية، لان إلهنا إله واحد، ونبينا واحد، وقبلتنا واحدة، ولا يجب ان يتبنى زعماء هذه الامة وقادتها، وسائل غريبة عن عقيدة هذه الامة، لجمع شتاتها وضم صفوفها.
ويواصل الشهيد قائلاً: كما يؤسفني ان ارى رجال الدعوة قد اُبعدوا عنك وعن الاتصال بك في الوقت الذي كان يجب ان يكونوا حلفاءك الطبيعيين في تحويل ليبيا الى “دولة اسلامية” على اعتباران “القرآن شريعة المجتمع“. واضاف الشهيد ان القوى الصليبية والصهيونية في كل مكان، تبذل اليوم قصارى جهدها للحيلولة دون ان يفهم المسلمون الاسلام الفهم الصحيح، وان الامة في حاجة الى اذاعة عالمية قوية تُبصرها بحقيقة اسلامها كعقيدة ومنهج حياة، ولتكن هذه الاذاعة تحت اسم “صوت الامة الاسلامية“.
كان الشهيد يشير، في رسالته، الى اعدامات بنغازي التي تمت في7 ابريل1977م، وذهب ضحيتها عمر دبوب (مدرس) ومحمد بن سعود (مدرس) وعمر الورفلي (فنان) واحمد فؤاد فتح الله (عامل من مصر)، ويشير ايضا الى الاعدامات التي تمت في 2 ابريل 1977م، والتي راح ضحيتها واحد وعشرون ضابطا، اعدموا بتهمة الاشتراك في المحاولة الانقلابية التي تمت في اغسطس 1975م والتي عُرفت بمحاولة الرائد عمر المحيشي.
فهل كانت الرسائل الثلاث، التي امتلئت حرصا وحبا للوطن والاسلام، هي السبب في جريمة القتل التي احدثت صدى واسعاً من الحزن والأسى لدى الاوساط الاسلامية والجاليات العربية في بريطانيا، واحدثت موجة من الاستنكار والغضب في اوساط الشعب الليبي. فاقيمت الصلوات على روح الشهيد في كل مسجد، في انحاء العالم، وصله هذا الخبرالفاجعة. ووزعت المناشير وخرجت مظاهرات عديدة تندد بالجريمة ومرتكبيها تلك الجريمة التي لم يستفد منها إلا اعداء هذه الامة بصفة عامة، واعداء الليبيين بصفة خاصة.
وكتب عشرات الكتاب والصحفيين والسياسيين من ليبيا والمغرب وبريطانيا والسعودية والكويت وفلسطين وامريكا ومصر ولبنان وغيرها من الدول، كتبوا مقالات وبيانات تناولت سلوك وعطاء وابداع وطموح واقوال ووصايا وافكار ورؤى وتضحيات الشهيد، ونددوا في نفس الوقت بالنظام واذياله.
______________
I love what you guys are usually up too. This kind off clever work and coverage!
Keepp up thee amazing works guys I’veincorporated you guys to my personal blogroll. https://lvivforum.pp.ua/