فريدريك ويري
إن زرت بنغازي هذه الأيام ستجد مدينة منكوبة، مدينة في حالة حرب مع نفسها. تحول المكان الذي انطلقت منه شرارة الاحتجاجات الأولى في عام 2011، قاعة المحكمة والمباني المجاورة لها، إلى منطقة عازلة تنتشر فيها أكوام من أسياخ الحديد الملتوية وقطع خرسانة عليها آثار قذائف من العيار الثقيل.
من تجمعوا واتحدوا معا هناك في الأيام العنيفة للثورة أصبحوا الآن على طرفي نقيض في الصراع الذي مزق العائلات وقتل أو جرح الآلاف وشرد كثيرين. وطوال هذه المدة، تحرك تنظيم الدولة الإسلامية. وأصبحت راياته السوداء ترفرف الآن فوق أسطح المنازل المهدمة؛ ومقاتلوه يلقون خطبا ساخرة بلهجة عربية تونسية يصدرون ضجيجا بخطبهم المسجلة عبر الخطوط الأمامية.
كيف حدث هذا؟
يجب أن يُلقى اللوم في نهاية المطاف على عاتق معمر القذافي نفسه، الذي ورّث الليبيين بلدا دون دولة. فقد وجد قادة ليبيا الجديدة صعوبة في التحرر من الحكم الاستغلالي المفرط في عبادة الشخصية الذي حرض المجتمعات المحلية ضد بعضها البعض، والذي أضعف مؤسسات الحكم. بالطبع، تتحمل الجهات الليبية المسؤولية؛ فعدم الكفاءة والرغبة في الثأرعلى الخلافات الصغيرة، والرغبة الجامحة في السلطة كلها عوامل لعبت دورا في ذلك، وكذلك أيضا تناقض وتدخل القوى الخارجية. وقد أدى التقاء الأخطاء المصيرية أثناء وبعد الثورة إلى إسقاط البلد في دوامة قد تستغرق سنوات حتى تستطيع الخروج منها.
انقسم الثوار فيما بينهم منذ بداية الثورة. وكانت الثورة تتميز دائما أنها حركة تمرد محلية بدرجة شديدة؛ فقد تكونت الأحياء والبلدات بلا قيادة موحدة أو رؤية مشتركة. وكانت خطوط الصدع كثيرة:
منها ما هو بين المجتمعات وهي خطوط الصدع التي أثراها حكم القذافي والمهمشون من حكمه؛
ومنها ما هو بين الليبيين الذين عادوا بعد عقود من الإقامة في الخارج وبين من بقوا داخل ليبيا؛
ومنها ما هو بين التكنوقراط الذين استوعبوا النظام وعملوا على إصلاحه، والإسلاميين الذين كانوا يرزحون في السجون؛
ومنها ما هو بين جنرالات الجيش المنشقين والمقاتلين المدنيين الأصغر سنا
ومنها ما بين النساء اللاتي تحدين النظام الأبوي وبين النساء المحافظات
اللاتي سعين إلى فرض تطبيقه.
ساهم الدعم العسكري الخارجي في توسيع هذه الشقوق:
فقد تدافعت الميليشيات الحزبية للحصول على شحنات السلاح والتدريب من رعاتهاالمتنافسين.
ووقف الائتلاف الحاكم الهش الذي أنشئ أثناء الثورة، المعروف باسم المجلس الوطني الانتقالي، وقف عاجزا عن سد هذه الفجوات وتجاوزته القوى والأحداث المحلية على الأرض.
وانهارت جميع الخطط التي وضعها المجلس لفترة ما بعد القذافي وهي الخطط التي تمت بمساعدة خارجية.
وتم تنفيذ عملية سقوط العاصمة بدون نظام.
واستولت الميليشيات المنتصرة على المطارات والموانئ ومخازن الأسلحة والوزارات واعتبرتها غنائم لاستخدامها كسلطة سياسية في وقت لاحق.
ومع ذلك، في الأشهر الأولى بعد التحرير، كان من الممكن أن نكون متفائلين بحذر.
عادت الولايات المتحدة إلى ليبيا، ولكن بتفويض محدود وتقييم متفائل أكثر من اللازم لاحتياجات المرحلة الانتقالية في البلاد. قال لي مسؤول سابق في البيت الأبيض: “كان هناك شعور بأن ليبيا أمامها الكثير، وأنها نظرا لثروتها النفطية وقلة عدد سكانها، لن يكون تحقيق هذه الأهداف صعبا”. ونظرا لخبراتها السلبية السابقة في العراق وأفغانستان، لم تستطع إدارة أوباما تجنب مأزق بناء الأمة وعسكرة الوجود الأميركي في طرابلس.
وكان الليبيون أنفسهم يخشون من زحف الاحتلال وانقسمت آراؤهم تماما حول طبيعة المساعدة الغربية التي يريدونها. حتى قوات الحراسة المطلوب تواجدها في السفارة الأمريكية لتوفير الأمن كانت تتطلب تطمينات لتهدئة قادة ليبيا.
تركزت معظم جهود الولايات المتحدة على تعزيز المجتمع المدني والتعليم والإعلام الحر، ما وصفه أحد الدبلوماسيين بأنه “بناء الأمة بالوكالة”. ولاشك أنه كان أمرا ملهما أن تشهد ازدهارا كبيرا في الجمعيات والنوادي والمؤسسات الخيرية والمؤسسات الإعلامية الطوعية المتحررة من سيطرة الحكومة. وبذلت الولايات المتحدة وغيرها من الدول قصارى جهدها لتغذية هذه المجموعات. لكن للأسف كان تأثير المعونة محدودا، نظرا لطول فترة انقطاع الاتصالات الشخصية القوية بين الولايات المتحدة وليبيا تحت حكم القذافي.
وعلاوة على ذلك، فإن العديد من جمعيات المجتمع المدني الليبية، التي تجمع قادتها ذوي الجنسيات المزدوجة في فندق فخم وكانوا حريصين كل الحرص لطلب الدعم الخارجي، لم تستطع الانتشار خارج طرابلس أو بنغازي. ولكن ربما الاحتمال الأكثر هو أن غياب المساعدة الأمنية الغربية في وقت مبكر جعل النشطاء عرضة لعنف الميليشيات والمتطرفين.
استخدام الانتخابات كعلامة على النجاح
تنازلت الولايات المتحدة عن معظم المسؤولية لصالح الأوروبيين والأمم المتحدة. ولكن من دون وجود قوة لتحقيق الاستقرار، لم تكن بعثة الأمم المتحدة مجهزة، باعترافها، للتعامل مع تحديات إعادة بناء القطاع الأمني الأجوف لاسيما ما يتعلق بتفكيك الميليشيات المسلحة بشكل جيد. وركزت بدلا من ذلك على إعداد البلاد للتصويت على انتخاب المجلس التشريعي الوطني.
وقد عولت القيادة الانتقالية في البلاد وكذلك الولايات المتحدة أكثر من اللازم على هذه الانتخابات. قال لي أحد العاملين في مجال التنمية الأمريكية في ذلك الوقت: “لقد تشتت انتباهنا نتيجة اعتبار الانتخابات علامة على النجاح.” واعترف مسؤول سابق كبير بالأمم المتحدة في ليبيا بالقول: “لقد كان استعجال الانتخابات خطأ فادحا”.
أسرعت القيادة الانتقالية لإصدار مرسوم يقضي بأن تجري الانتخابات بعد 240 يوما من تحرير البلاد التي لم تجري تصويتا على المستوى الوطني منذ أكثر من نصف قرن. وحذر بعض العلماء من قدامى المحاربين من التحول الديمقراطي في ذلك الوقت، وقد صدقت توقعاتهم، فقد أدى اجراء انتخابات في ليبيا بسرعة بعد الصراع إلى انتكاسة وحرب أهلية.
وفي 7 يوليو 2012، أجريت الانتخابات وسط ضغوط مسلحة من قبل أنصار الفيدرالية، ووسط قتال ضاري بين القبائل في المدن في الغرب والجنوب ووسط تصاعد عنف المتطرفين في الشرق.
ومع ذلك، كان الإقبال مرتفعا نسبيا واعتبر المراقبون الغربيون عملية التصويت نزيهة وشفافة. ولم يكن كثيرون داخل المجلس الوطني الانتقاليأو في الغرب بهذه الدرجة من السذاجة للاعتقاد أن الانتخابات في حد ذاتها يمكن أن تسهم في حل الانقسامات الشديدة في البلاد، ولكن كان هناك أمل كبير في أن يكون لدى الحكومة المنتخبة في البلاد شرعية أقوى بما يمكنها من علاج الوضع الأمني الفوضوي على نحو متزايد. وفي الواقع، لقد ساهم المجلس التشريعي الجديد المعروف باسم المؤتمرالوطني العام في تعزيز وترسيخ الطائفية.
تنامي قوة الميليشيات
أظهر التسابق للسيطرة على المؤسسات الأمنية – لاحتكار السيطرة على القوة – التراجع الذي تشهده ليبيا. وكان المجلس الوطني الانتقالي قد حاول في أوقات مختلفة حل الميليشيات. وفي الوقت نفسه، نظرا لأنه لم تكن لديه القدرة على فرض سلطته الخاصة، بدأ المجلس يدعم الميليشيات وأعطاها سيطرة رسمية على وزارتي الداخلية والدفاع. ولكن هذه الوزارات كانت هي أنفسها التي استولت عليها الفصائل السياسية المتنافسة.
وكانت النتيجة تضخم حجم الميليشيات – أكثر بكثير من الأعداد التي حاربت في الثورة – وتشكل قطاع أمني خليط ومنقسم للغاية كان متواجدا بالتوازي مع قوات الجيش والشرطة البالية.
لم تتمكن الحكومة المنتخبة الجديدة من حل السؤال الأكثر إلحاحا حول ما إذا كان ينبغي الحفاظ على ما تبقى من الجيش القديم وإصلاحه، أم إجراء إعادة صياغة شاملة للبنية الأمنية تعطي الأولوية للثوار الشباب. والأسوأ من ذلك، قامت بعض الرموز داخل المجلس الوطني الانتقالي ببناء علاقة تكافلية مع الميليشيات الخارجية التي بدأت تهدد السلطات المنتخبة لتمرير قانون العزل السياسي واختطفت رئيس الوزراء واستولت على المنشآت النفطية.
وبعدما أدركت الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وإيطاليا أن الحكومة لا تستطيع حتى حماية مبانيها أو أفرادها، بدأت هذه الدول التخطيط لتدريب جيش محايد ظاهريا في الخارج، وهي ماتسمى قوة الأغراض العامة. ولكن عددها كان قليل جدا وجاءت متأخراجدا. وعندما عاد هؤلاء المتدربين لم يكن هناك هيكل عسكري للانضمام إليه. إما أنهم وضعوا في إجازة إلى أجل غير مسمى أو ذابوا مرة أخرى في الميليشيات.
مصر تلقي بظلالها على ليبيا
تعرضت ليبيا لصدمة كبيرة أخرى على المستوى الإقليمي. فصعود الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في مصر المجاورة وحملته اللاحقة ضد الإخوان المسلمين ألقت بظلال قاتمة على ليبيا. وقد شحذ ذلك جنون العظمة التآمري الذي ترسخ في السياسة الليبية. وكان هذا الاستقطاب بالفعل على قدم وساق، وقد تغذى جزئيا بسبب انتشار وسائل الإعلام الحزبية إلى حد كبير التي يتم تمويلها من الليبيين ذوي النفوذ في الخارج.
ولكن بعد أن بدأت الحملة في القاهرة، بدأ المرء يسمع مصطلح ”الدولة العميقة” يتردد بخوف وبكثير من التكرار داخل دوائر الإسلاميين والثوار في ليبيا. ومن جانبهم، بدأ التكنوقراط والضباط السابقين والقبائل الشرقية وأنصار الفيدرالية وبعض الليبراليين ينظرون إلى السيسي باعتباره نموذجا لاستعادة النظام واستثناء خصومهم من السلطة.
لم يكن “تأثير السيسي” أكثر وضوحا في أي مكان آخر مما كان عليه في بنغازي. وقد أدت موجة الاغتيالات ضد ضباط الجيش والشرطة والقضاة والنشطاء إلى إرهاب أهالي بنغازي. وتعززت هذه الموجة بعد أن أطلق الجنرال خليفة حفتر، وهو ضابط سابق في الجيش منذ عهد القذافي، عملية الكرامة في مايو 2014، بهدف معلن وهو طرد الميليشيات الإسلامية من بنغازي واستعادة الأمن.
ولم تكن رغبة حفتر واضحة كثيرا بشأن إعادة الضباط القدامى في القطاع الأمني إلى الصدارة قبل الثوار الأصغر سنا والإسلاميين. وقد عقد حفتر تحالفات مع مجموعة واسعة من الجماعات، وشملت ميليشيات الزنتان بالمنطقة الغربية التي كان قد اشتبك معها في أواخر عام 2011. وقد نظر إليه العديد منهم بحذر ولكنهم وجدوا فائدة في الانضمام لحملته لتقويض خصومهم المحليين.
أصدر حفتر وحلفاؤه عددا من التهديدات ضد المؤتمر الوطني العام وتعهد بإعادة قواته المسلحة إلى طرابلس. وقد حفزت هذه التهديدات، جنبا إلى جنب مع الخسائر التي تعرض لها الإسلاميون في انتخابات المتابعة التشريعية للمؤتمر الوطني العام، إنشاء التحالف المضاد للكرامة المعروف باسم تحالف فجر ليبيا والذي بدأ بهجوم عسكري نفذته ميليشيات مصراتة والإسلاميين وميليشيات المنطقة الغربية على مطار طرابلس لطرد ميلشيات الزنتان المتحالفة مع حفتر.
فصائل متبارزة مدعومة بقوى إقليمية
ما تبع ذلك كان التقسيم الفعلي للبلد في صورة حكومتين متنافستين: واحدة في الشرق، ومقرها في مدينتي طبرق والبيضاء متحالفة مع حفتر، وواحدة أخرى في طرابلس، مدعومة من كوكبة من ميليشات مصراتة والميليشيات الإسلامية والميليشيات الغربية. وقد أدى التدخل العسكري الإقليمي إلى تزايد حدة الصراع. فقد دعمت دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر قوات الجنرال حفتر بالغارات الجوية والأسلحة والعمليات الخاصة. ودعمت قطر وتركيا والسودان عناصر من تحالف فجر ليبيا.
دخول تنظيم الدولة الإسلامية
جلبت الحرب التي تلت ذلك خرابا إنسانيا وماليا لا يوصف لليبيا، وانتشر الخراب إلى حقول النفط وسط البلاد والأقاليم الحدودية الجنوبية. وفي بنغازي، خلق الصراع مساحة جديدة للمتطرفين لعمل تحالفات من الميليشيات الإسلامية المتباينة التي جمعها عداؤها لحفتر. والأسوأ من ذلك، أن القتال اصطبغ بصبغة مجتمعية فظيعة بين الأسر والأحياء. وانتشر التهجير القسري والتعذيب والإعدام على نطاق واسع على كلا الجانبين.
توقفت حملة الكرامة وسط الانقسامات الشخصية والقبلية. ومن جانبهم، واصل سماسرة السلطة في مصراتة وطرابلس لعب اللعبة الخطرة المتمثلة في شحن
الأسلحة إلى خطوط القتال في بنغازي التي تختفي فيها الفروق بين الميليشيات المفضلة لديهم وبين الجماعات الأكثر تطرفا مثل أنصار الشريعة وتنظيم الدولة الإسلامية.
استغل تنظيم الدولة الإسلامية هذا الفراغ وسيطر على سرت والبلدات المحيطة بها في ما يسمى الهلال النفطي وبعض الأحياء في بنغازي وبعض الضواحي في درنة وصبراتة وطرابلس في الغرب. وبعد أن عزز تنظيم الدولة الإسلامية موقفه بعد تدفق المقاتلين الأجانب والمنشقين من أنصار الشريعة إليه، يبدو أن التنظيم مصمم على تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة من خلال قطع عائدات النفط ومهاجمة قوات الأمن التي تحرسها. وقد أتاح القتال بين عملية الكرامة وفجر ليبيا الفرصة لانتشار التنظيم؛ وبدأ كل طرف أكثر تركيزا على الطرف الآخر، والمثير للسخرية أن كلاهما يتهم الآخر بالتواطؤ مع تنظيم الدولة الإسلامية.
حكومة الوحدة الوطنية تتعرض لضغوط
تحت ضغط كبير من الغرب والداعمين الإقليميين لكلا الفصيلين المتناحرين، وقع ممثلون عن الجانبين مؤخرا اتفاقا توسطت فيه الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن الحكومة الجديدة تواجه تحديات سياسية وأمنية هائلة حتى تستطيع استلام مقرها في طرابلس وممارسة سلطتها.
ويبقى حجر العثرة الرئيسي يتمثل في السيطرة على الجيش في ليبيا وتحديدا الدور المستمر لحفتر كقائد أعلى للجيش الوطني الليبي، الذي تعارضه فصائل تحالف فجر ليبيا بشراسة. ويتمثل حجر العثرة الآخر في تداول السلطة داخل معسكري الفجر والكرامة، لدرجة أنهما موجودان اسما فقط.
وهذا لا يفتح الباب أمام المفسدين والرافضين فحسب، بل يعقد جهود الولايات المتحدة ودول أخرى لنقل المساعدات العسكرية في الحرب ضد الدولة الإسلامية عبر سلسلة قيادة متماسكة، وذلك لأن سلسلة القيادة هذه ببساطة لا وجود لها.
ولكن ربما العامل الأكثر إثارة للقلق هو انتشار خيبة الأمل العميقة تجاه الوعود التي قطعت في وقت مبكر من الثورة، واليأس الذي لم يمتد فقط إلى الديمقراطية، لكن امتد ليصبح يأسا في السياسة نفسها. وبالإضافة إلى تمزق النسيج الاجتماعي في البلاد التي تعاني من فتنة يصعب علاجها.
***
فريدريك هري ـ زميل بارز في برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
___________
المصدر: بوابة كارنيغي
After slaughtering blood pressure medicine blod all the prisoners of war, Physician rallied into the mountains and subdued how can i lower my morning blood pressure the Ticton tribe that the Snowfalcon Principality had never conquered buy priligy in the us Vlaar APJ, Toy P, Fung M, Looney MR, Juffermans NP, Bux J, et al
Алкогольная зависимость — это серьезная проблема, с которой сталкивается множество людей. Запой — одно из самых опасных и тяжелых состояний, сопровождающееся не только физической зависимостью, но и выраженными психоэмоциональными расстройствами. Капельница от запоя — это ключевая медицинская процедура, которая помогает быстро стабилизировать состояние пациента, устраняя алкогольную интоксикацию и снимая опасные симптомы абстиненции. Важным преимуществом такого метода является возможность проведения капельницы анонимно, что позволяет пациентам чувствовать себя в безопасности, не беспокоясь о личной информации.
Получить дополнительную информацию – [url=https://kapelnica-ot-zapoya-irkutsk.ru/]srochnaya kapelnica ot zapoya na domu[/url]