رياض الجباري

أثار قرار المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، تعيين أحمد عون رئيسًا لديوان المحاسبة جدلًا واسعًا، خاصة أن يشهد الديوان خلافات حادة بين أعضائه، مما يثير تساؤلات حول تأثير القرار على استقرار المؤسسة ودورها الرقابي.

وكشف المجلس أن تعيين عون سيبقى نافذًا إلى حين التوصل إلى توافق مع البرلمان بشأن المناصب السيادية، في خطوة تعكس تعقيدات المشهد السياسي الليبي وتوتراته القائمة، كما يقول محللون.

تفكك رقابي

تأتي هذه الخطوة في ظل صمت يلف رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، وسط تصاعد التكهنات بشأن مستقبله، خاصةً بعد سلسلة من الاتهامات المتبادلة والانتقادات الحادة التي دخل في سجالها أخيرًا مع عدد من أعضاء الديوان.

وفي تعليقه على التطورات، قال الناشط السياسي والمرشح الرئاسي السابق، سليمان البيوضي: “ما يجري هو امتداد لنهج ممنهج يستهدف تفكيك مؤسسات الدولة، لصالح تعزيز النفوذ والسيطرة من قبل العائلات الحاكمة في ليبيا. إنه مسار خطير يفتح الباب على مصراعيه لانهيار الدولة كمفهوم ومؤسسة، في ظل تغوّل غير مسبوق على القانون واستمرار الانتهاكات“.

وأوضح البيوضي، في حديثه لـإرم نيوز، أن الانقسام القائم يعطّل عمل ديوان المحاسبة، وبهذا يُسهّل مهام منظومات النهب. استمرار الانقسام يمنح هذه المنظومات الوقت والمساحة، وفي نهاية المطاف، من غير المرجح أن يعود شكشك إلى منصبه، وسيتم استبداله بشخصية جديدة بموجب المادة 15 من الاتفاق السياسي، ولا سيما أن عامل الوقت لم يكن حاسمًا في هذا الملف، على خلاف ما جرى مع المصرف المركزي“.

وأضاف: “ما نشهده اليوم هو نتيجة مباشرة لتخلي البعثة الأممية عن دورها الرقابي والضامن، إلى جانب التدخلات الإقليمية السلبية التي ترعى اتفاقات المصالح بين العائلات المتحكمة، على حساب مستقبل ليبيا وثرواتها“.

ويُشار إلى أن أحمد عون، الذي تم تكليفه من قبل المجلس الأعلى للدولة بقيادة ديوان المحاسبة، كان أحد الأسماء المطروحة سابقًا لتولي هذا المنصب، غير أن تعمّق الخلاف بين البرلمان والمجلس حال دون المضي قدمًا في التوافق على شاغلي المناصب السيادية.

وقال المحلل السياسي الليبي، حسام الدين العبدلي: “تم تكليف السيد عون وقد باشر مهامه في العاصمة طرابلس، والشيء المهم في حقيقة الأمر أن هذا القرار يأتي في خضم تصاعد النزاع حول الشخص الشرعي لتولي رئاسة الديوان“.

وأضاف العبدلي، في تصريح خاص لـإرم نيوزأن السيد عطية الله السعيطي وكيل ديوان المحاسبة تم تكليفه في وقت سابق، في خطوة كان فيها شد وجذب بين رئيس البرلمان وبعض أعضائه، والسيد السعيطي كان لديه مشاكل ونزاعات مع خالد شكشك“. 

وشدد على أنه أعتقد أن ضعف خالد شكشك السياسي تمثل في وجوده في الفترة السابقة في صف واحد مع الصديق الكبير أو في قرارات ضد الحكومة في طرابلس، وبعد إقالة الكبير بات شكشك بدون حماية سياسية ولا حماية على الأرض، وفي ليبيا إذا لم تكن لديك حماية سياسية أو حماية من طرف الجماعات المسلحة سيتم إخراجك بسهولة“.

صراع الشرعية

وقال المحلل السياسي الليبي، حسام الدين العبدلي، إن تكليف أحمد عون برئاسة ديوان المحاسبة، ومباشرته بمهامه من العاصمة طرابلس، يأتي في خضم تصاعد النزاع حول الشخصية الشرعية لتولي هذا المنصب الحساس“.

وأضاف العبدلي، في تصريح خاص لـإرم نيوز، أن السيد عطية الله السعيطي، وكيل ديوان المحاسبة، سبق أن تم تكليفه أيضًا، في خطوة شهدت شدًّا وجذبًا بين رئيس مجلس النواب وبعض أعضائه. وكان السعيطي قد دخل في خلافات ونزاعات مع خالد شكشك“.

وأشار العبدلي إلى أن ضعف موقف شكشك سياسيًا يعود إلى اصطفافه سابقًا مع الصديق الكبير، أو إلى اتخاذه قرارات تعارض حكومة طرابلس. وبعد إقالة الكبير، بات شكشك بلا حماية سياسية أو دعم ميداني، وفي ليبيا، إذا لم تكن لديك حماية سياسية أو سند من الجماعات المسلحة، فمن السهل أن يتم إقصاؤك“.

______________

مقالات مشابهة