تواجه الاستثمارات الليبية في القارة السمراء مخاطر، في ظل حالات عدم الاستقرار السياسي والانقلابات التي تشهدها بعض البلدان، ما ينعكس على الاستثمارات الليبية سواء المقامة من مؤسسة الاستثمار أو المصرف الليبي الخارجي، وهو ما يكبد الدولة خسائر بملايين الدولارات.

وتستثمر ليبيا أموالا في غينيا الاستوائية وأوغندا ومالي وبوركينا فاسو وتوغو وزيمبابوي وتشاد وغيرها من الدول؛ لكن بين فترة وأخرى تبدو حملات تأميم واستحواذ على الأصول الليبية في تلك الدول.

فقد أعلنت حكومة بوركينا فاسو الخميس الماضي تأميم المصرف العربي الليبي للتجارة والتنمية الذي جرى إنشاؤه بالشراكة مع المصرف الخارجي الليبي، زاعمة أن هذا الإجراء هدفه «ضمان حوكمة أفضل للبنك».

ووصف مدير المصرف الخارجي خالد القنصل القرار بأنه «إجراء غير قانوني»، مشيرا إلى «الجهود المبذولة من المصرف الخارجي ووزارة الخارجية (بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة) مع الجانب البوركيني من أجل تسوية قانونية».

ما طبيعة الملكية الليبية في المصرف البوركيني؟

وأوضح القنصل خلال لقاء عقده رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة لمتابعة أوضاع الاستثمارات الليبية بأفريقيا، أن المصرف أنشئ العام 1984 بالمساهمة بين المصرف الخارجي ودولة بوركينا فاسو برأسمال يصل إلى 18 مليون دولار وبنسبة 50 % لكل طرف.

وأشار إلى التنسيق مع لجنة غرب أفريقيا من خلال وزارة الخارجية ومكتب دولي متخصص في هذه القضايا.

7 استثمارات للمصرف الخارجي في أفريقيا

كما تحدث القنصل عن مساهمات المصرف بالقارة السمراء، موضحاً أنها تبلغ سبع مساهمات بالدول الأفريقية غير العربية من خلال مصرف النيجر التجاري والاستوائي المحدود بأوغندا والساحل التجاري بمالي والتجاري البوركيني ومصرف شاري في تشاد والشركة المصرفية عبر أفريقيا في توغو والشركة الزيمبابوية القابضة في زيمبابوي.

وفي تبريرها لقرار التأميم، قالت الحكومة البروكينية: «بعد 36 عاماً من العمل، لا يزال البنك يواجه صعوبات كبيرة لا تسمح له بمواصلة العمل وتحقيق أهدافه بشكل مناسب»، وألقت باللائمة على الجانب الليبي مضيفة: «على مر السنين لوحظ عدم كفاية الدعم للبنك من طرف الجانب الليبي، واكتفائه بتوفير حصته من رأس المال الاجتماعي».

واعتبرت السلطات هذا الغياب الليبي عن تمويل المصرف «يتحول في كثير من الأحيان إلى معارضة، وحتى صراع بين المساهمين حول مواضيع مختلفة مثل اختيار المدير العام والإصلاحات الهيكلية التي تعترض عليها ليبيا دائماً حتى لو تأكد أنها ضرورية».

واتهمت الجانب الليبي برفض جميع المبادرات التي اتخذها الجانب البوركينابي من زيادة رأس المال، والدعم من حيث تعبئة الموارد، وفتح رأس المال، وتوفير الموارد في شكل حسابات جارية للمساهمين.

الدبيبة يحدد المخاطر أمام الاستثمارات الأفريقية

وخلال اللقاء مع القنصل، تحدث الدبيبة عن أربعة مخاطر أمام الاستثمارات الليبية في أفريقيا، وهي: عدم كفاية رؤوس الأموال، والتأميم الذي تستخدمه عدد من الدول الأفريقية دون إجراءات قانونية رسمية، وإنهاء مدة التراخيص الممنوحة، إلى جانب القضايا المختلفة مع المقاولين والبنوك والشركاء الحكوميين في أغلب الدول الأفريقية.

وشدد الدبيبة على ضرورة «مواصلة العمل القانوني الجاد والمستمر بالتعاون مع مكاتب قانونية دولية، والقيام بالشراكات مع أطراف ذات وثوقية وبشروط جيدة»، معتبرًا ذلك هو «الخيار الأول» في هذه المرحلة.

وخلال اللقاء، قدم مدير عام محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار محمد الميلادي عرضا ضوئيا شمل نشاط المحفظة في القارة السمراء والصعوبات والمشاكل التي تواجه المحفظة في كل الدول، ووصف الوضع الحالي للمحفظة بـ«الإيجابي» مقارنة بالسنوات الماضية.

مشاورات موسعة بخصوص المصرف البوركيني

قبل ذلك، أصدر المصرف الليبي الخارجي بياناً قال فيه إنه عقد مشاورات موسعة بخصوص المصرف التجاري البوركيني، حيث جرى تقديم شروط من الجانب البوركيني يمكن وصفها بـ«شروط إذعان».

وأضاف المصرف أنه رفض تلك الشرط وطالب بتعديلها «لضمان التوازن بين الطرفين، وبما يحقق مصالح الجانبين بشكل عادل، حيث إن المصرف الليبي مؤتمن على المؤسسة وأموال المودعين».

وقال المصرف الخارجي إنه يمتثل لاتفاقية التأسيس المبرمة بين الجانبين وأحكام النظام الأساسي وقانون الأوهادي (OHADA)، وكذلك قرارات ومنشورات اللجنة المصرفية لدول غرب أفريقيا (WAMU).

وتابع أن الإجراءات التي قام بها الجانب البوركيني: «تعد انتهاكا صريحاً لنصوص الاتفاقية المبرمة بين الطرفين»، وأيضاً تعليمات اللجنة المصرفية لدول غرب أفريقيا.

إجراءات المصرف

وقام المصرف الليبي الخارجي باتخاذ الإجراءات اللازمة تشمل: تكليف مكتب محاماة دولي لمتابعة الملف، والتواصل مع اللجنة المصرفية لدول غرب أفريقيا لتوضيح الموقف، والعمل بشكل وثيق مع الحكومة الليبية، ممثلة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي وبالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي، لمحاولة حل الإشكال بالطرق الودية والحفاظ على حقوق المصرف الليبي الخارجي.

وفي هذا السياق، رحَّب المصرف بأي دعوات من الجانب البوركيني لفتح باب الحوار مجدداً والوصول إلى اتفاق يحقق التوازن بين التزامات وحقوق الطرفين، ويضمن استمرارية التعاون المثمر بين الجانبين.

__________________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *