يتصدر الحديث عن النفوذ الروسي في ليبيا وعن رغبة روسيا بالتوسع في إفريقيا انطلاقاً من ليبيا، أحاديث المراقبين والخبراء والمحللين خاصة مع مخاوف الدول الغربية من هذا النفوذ وتأثيره على مصالحهم في المنطقة. ومؤخراً، حذر خبراء ومراقبون من تنامي النفوذ الروسي داخل ليبيا والقارة الأفريقية، ووصوله إلى مستويات وُصفت بـالخطيرة، داعين القوى الغربية للتدخل بتدابير أكثر صرامة.
وحسب ما جاء في جريدة إكسبرس البريطانية، الأحد، أن بصمة موسكو في ليبيا سمحت لها بجني خمسة مليارات يورو من المبيعات النفطية منذ العام 2022، بينما يوفر لها الوجود في البلدان الأفريقية الأخرى مليارات أخرى من خلال استغلال الموارد المعدنية السخية. كما أن عوائد عمليات مجموعة فاغنر القانونية وغير القانونية في أفريقيا تسمح لموسكو بأكثر من تغطية التكاليف التشغيلية التي تشمل 20 مليون يورو من الرواتب الشهرية لمنتسبيها في ليبيا.
وجنت روسيا أكثر من 2.5 مليار يورو من الذهب المهرب، أو ما يعرف بـ”ذهب الدم” منذ العام 2022، كما فرضت سيطرتها على منجم ألماس بقيمة مليار يورو في جمهورية أفريقيا الوسطى، بصافي عائدات 300 مليون يورو سنوياً.
وخلال الأسبوع الماضي، وصل 100 من المستشارين الروس محملين بالعتاد العسكري إلى النيجر، التي تملك واحدًا من أكبر احتياطات اليورانيوم في العالم. يأتي ذلك فيما أعلنت الولايات المتحدة رسمياً سحب قواتها العسكرية من نيامي.
وقالت الجريدة إن وجوداً عسكرياً لروسيا في ليبيا، بما في ذلك سيطرة محتملة على ميناء يطل على البحر المتوسط ويقع على بعد 700 ميل فقط من جزيرة صقلية، يمنح الكرملين نفوذاً في قارة غنية بالموارد، والفرصة لممارسة ضغوط على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (ناتو). وأشار تقرير الجريدة البريطانية إلى وجود ما يقرب من ألفي عنصر تابعين لمجموعة فاغنر الروسية في ليبيا، إضافة إلى 15 طياراً، و35 خبيراً تقنياً و80 إدارياً.
وانضم إلى هؤلاء أخيراً، حسب التقرير، مجموعة من 1500 من القوات الروسية النظامية، في إشارة على أن موسكو لم تعد راغبة في العمل بالظل بعد الآن. وقال التقرير: “تحولت مجموعة فاغنر إلى قوات استطلاع روسية في أعقاب الانقلاب الفاشل لقائدها، يفغيني بريغوجين، الذي لقي مصرعه بشكل غامض العام الماضي.
وتقع المجموعة الآن تحت الإشراف الكامل لوحدة الاستخبارات العسكرية الروسية”.
وفي السياق، تكشف الشبكة الاستقصائية كلّ العيون على فاغنر في تحقيق لها، أن روسيا تنقل جنوداً ومقاتلين روساً إلى ليبيا منذ ثلاثة أشهر، بينما تقع الجفرة في صلب استراتيجية الكرملين في النظام الجديد، مشيرة إلى عمل موسكو على زيادة عدد قواتها والمعدات إلى المنطقة، ثم تعزيز نفوذها الذي يمكن أن يؤثر على تدفقات الهجرة نحو أوروبا.
وحسب التحقيق، يجري تعزيز الهيكل الاستراتيجي الذي رسمته موسكو في شمال أفريقيا قطعة قطعة، حيث شهد الوجود الروسي في ليبيا، الذي أصبح ملموسًا منذ العام 2019 على شكل وحدات شبه عسكرية (مجموعة فاغنر سابقاً)، تسارعاً مفاجئاً منذ بداية العام، وهو ما لم يغب عن أنظار الغرب المصابين بالعجز حيال الأمر، وفق ما تقول جريدة لوموند الفرنسية.
وكشفت مذكرة نشرها الفريق الدولي في المنظمة الذي يحقق في الشبكات الروسية في أفريقيا، يوم الجمعة، إن تسليم المعدات والمركبات العسكرية من سوريا إلى ليبيا، وهو ما يشكل الجانب الأكثر وضوحاً في هذا التدخل المتزايد.
ووفق المنظمة، ينتشر 1800 روسي الآن في جميع أنحاء البلاد، مشيرة إلى أن سفينتين تابعتين للبحرية الروسية – سفينتي إنزال – غادرتا قاعدة طرطوس البحرية السورية، ووصلتا إلى ميناء طبرق في الثامن من نيسان/أبريل في برقة.
وبالصور الداعمة، يوضح فريق المحققين أن تفريغ مركبات وأسلحة، مثل مدافع الهاون 2 إس 12 ساني أو مركبات النقل المدرعة، ليكون هذا التسليم الخامس من هذا النوع إلى طبرق خلال خمسة وأربعين يوماً.
وتؤكد مصادر دبلوماسية غربية لـ “لوموند” هذا الصعود للنفوذ الروسي في ليبيا، وهي الدولة المحورية في شمال أفريقيا، وملتقى المشرق والمغرب العربي.
وتنقل الجريدة عن دبلوماسي أوروبي قوله إن الزيادة تتعلق بالمعدات أكثر من المقاتلين، ويضيف أن هذه التحركات الأخيرة في ليبيا هي جزء من اختراق روسي يهدف إلى تثبيت حكومات موالية لموسكو في جميع أنحاء شرق وغرب إفريقيا. بقيت فقط تشاد لتقسيم أفريقيا إلى قسمين، وتعد تشاد هي الأخرى موضع رغبة شديدة من قِبل روسيا.
وحسب التحقيق، تقع العقدة الاستراتيجية لهذا النظام الجديد في الجفرة التي تقع على بُعد 350 كيلومتراً جنوب خليج سرت، حيث تصل المعدات والمسلحون من طبرق قبل إعادة توجيههم إلى المسارح الإقليمية التي تطمع فيها موسكو.
_________________