تفخيخ الجيش الليبي .. صراع دولي على مناصب القيادة في المؤسسة العسكرية

بات توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية في ليبيا واحدًا من أهم المطالب والركائز الأساسية لإعادة الاستقرار والسلم إلى البلاد وخطوة رئيسية في مسار إنهاء الانقسام الحكومي والسياسي الذي يعصف بالدولة منذ سنوات.

وطالما تعثرت عملية توحيد المؤسسة العسكرية في أكثر من مرة بسبب التدخلات الغربية في السياسات الداخلية وهيمنتها على صناع القرار.

توحيد المؤسسة العسكرية الليبية

وبحثًا عن حل توافقي لإنهاء الأزمة الليبية بشكل كامل، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، لقبول خططها لتوحيد الجيش، وذلك من خلال وساطات ضباط رفيعي المستوى في القيادة العامة، ومن خلال إرسال سياسيين وسفراء للقاء المشير شرق البلاد وحثّه على المضي بمسار توحيد المؤسسة العسكرية، بينما تخطط سرًا لتنحيته عن المشهد في ليبيا من جهة أخرى من خلال دفعها رئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس لتوحيد الجماعات المسلحة تحت لواء واحد وضمّها في أجهزة الدولة العسكرية والأمنية، والترويج لآمر اللواء 444.

وبحسب تسريبات كشفتها تقارير إعلامية، ظهر إسم رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الليبي، عبد الرزاق الناظوري كقناة وسيطة بين الإدارة الأمريكية والمشير حفتر، وهو ما جعل العلاقة بين الأخير ورئيس أركانه متوترة في الفترة الأخيرة بحسب التسريبات.

خلافات حفتر ورئيس الأركان

وأكدت مصادر عسكرية، ما يدور في وسائل الإعلام حول خلافات القائد العام ورئيس الأركان، وأفادت أن زيارة الناظوري إلى طرابلس العام الماضي، ولقائه رئيس أركان جيش الغرب الليبي، محمد الحداد، كان مُخطط لها من قبل مستشارين أمريكيين، لفتح قنوات تواصل مع الناظوري ولعرض رؤية الإدارة الأمريكية في مسألة توحيد الجيش.

وحذر مراقبون من الخطوات التي تتخذها الإدارة الأمريكية، في التعامل مع مسألة توحيد الجيش الليبي، بهدف تفريق وحدة صف قادة الجيش الوطني الليبي، هو الهدف وراء جرّ رئيس الأركان وغيره إلى هذه المتاهة السياسية، فهي –واشنطن– تقوم من جهة باستدراج الضباط لاجتماعات سرية وعلنية لحث حفتر على الشروع بتوحيد الجيش، وتقدم تعهدات بتسليم المشير قيادة الجيش الموحد بهيكله الجديد، بينما من جهة أخرى ترسل مستشاريها وضباطها إلى معسكر اللواء 444 وتروج اعلاميًا لقائد اللواء محمود حمزة لتقوم بتنصيبه في منصب المشير في الجيش الموحد المزمع تشكيله“.

وهدف الضغط الأمريكي على حفتر وفق ما تتحدث دوائر سياسية ليبية، تهدف إلى قبوله بمسألة توحيد الجيش، وتقدم ضمانات فارغة له للقيام بذلك، لتقوم فيما بعد بتجريده من منصبه“. 

تدريب أفراد معسكر اللواء 444

وتواترت أنباء حول أهداف واشنطن غير المعلنة من الزيارة الأخيرة للوفد العسكري التابع لوزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” لمعسكر اللواء 444، بهدف تلميع صورة أحد القادة العسكريين في الغرب الليبي لاستلام زمام المبادرة من حفتر بعد توحيد الجيش.

كما تسربت معلومات عن قيام شركة أمنية أمريكية خاصة، بإرسال مدربين مختصين إلى معسكر اللواء 444 لتدريب عناصره بشكل مباشر ورفع جهوزيته القتالية، ونشر “راديو فرنسا الدولي” تقريرًا حول الشركة الأمريكية العاملة في المجال الأمني والتي تتبع بشكل مباشر لوزارة الخارجية الأمريكية، وتحدث فيه عن خطط الشركة في ليبيا وحاجة الولايات المتحدة لفرض نفوذها على هذا البلد الغني بالنفط لمواجهة النفوذ الروسي والصيني المتنامي في القارة الإفريقية بشكل عام.

ومحمود حمزة الذي تمهد له واشنطن الطريق، بدأ مسيرته العسكرية في قوة “الردع” التي يقودها عبد الرؤوف كارة، لكنّه انفصل عنها وأسس كتيبة “20-20” ومقرّها معيتيقة، وتحولت لاحقا إلى “اللواء 444″ وانضمت إلى رئاسة الأركان التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، لتصبح من أهم المجموعات المسلّحة في العاصمة طرابلس، وتسيطر هذه المجموعة على مناطق واسعة واستراتيجية في غرب ليبيا وتقوم بتأمين أجزاء كبيرة من العاصمة ومدن ترهونة وبني وليد، وكان لها دور كبير في الاشتباكات العديدة التي حصلت في المناطق المأهولة بالسكان وسقط فيها مدنيون جراء تلك الاشتباكات.

________________