محمود عبدالرازق
كما أن لهم دور كبير في العملية السياسية للبلاد من خلال ترشيح الأفراد للمناصب الرسمية في الدولة، كما لعب الجانب القبلي دورا كبيرا في عمليات إقفال النفط، التي تكررت لأكثر من مرة لأسباب سياسية وأخرى من أجل المطالبات بتطبيق التنمية المستدامة، وأخرى كانت داعمة للجيش الليبي شرقي البلاد.
وفي هذا الجانب، قال الشيخ أحمد هارون بوزيدان، أحد الشيوخ في ليبيا، إن “القبيلة تتكون من مشايخ وعمد ومستشارين. عند حدوث أي مشكلة في القبيلة نلجأ إلى قبيلة أخرى محايدة وهي التي تدخل كوسيط لحل، لأن القبائل الليبية متجانسة مع بعضها البعض، ولأن أغلب قضايا القتل تنتهي بسرعة بسبب الترابط القبلي والعرفي، حتى في ظل غياب القانون بسبب الظروف التي مرت بها البلاد، لعبت القبيلة دورا كبيرا في فض النزاعات والخلافات في ليبيا“.
العمل في ظل غياب القانون
وتابع بوزيدان، في تصريحه، لـ“الخليج 365″: “في عهد الملك إدريس السنوسي، وعند صياغة الدستور، وضع الشق القانوني ووضع الشق العرفي، مع معارضة كبيرة للعرف في ذلك الوقت، وبعد مرور السنوات وغياب القانون في ليبيا، لم يتبقى إلا الدور العرفي في حل النزاعات في البلاد“.
وأردف، بالقول: “في برقة، عندما غاب القانون بسبب الصراعات على السلطة، أصبحت القبائل هي الفيصل في هذا الأمر، مع العلم بأن المحاكم تعتد بشكل كبير على مخرجات الشق العرفي، وفي هذا الوقت العرف له دور كبير جدا، لأن الدولة لا تقوم بالشكل الصحيح والقانون لا يزال ضعيفا، وأن أغلب الإشكاليات الحالية انتهت وتم حلها بفضل العرف ودور المشايخ في ذلك، أي أنه يأتي بعد القانون وفي غياب القانون“.
ومضى بوزيدان، قائلا: “في ليبيا وفي برقة، تحديدا يقوم المشايخ بهذا الدور الاجتماعي الارتجالي بدون مقابل مادي وكل هذه الأعمال تأتي بشكل مجاني، مع العلم بأن هناك دول يتقاضى فيها المشائخ والعمد مقابل مادي من الحكومات نظير المهام الاجتماعية التي يقومون بها“.
وأوضح بأن “المشايخ يسعون للمحافظة على النسيج القبلي وعلى عادات المناطق المتعارف عليها، وأن الجميع ملتزمون بالعادات التي تؤدي إلى احترام الصغير قبل الكبير، وأن المشايخ لهم حظوة اجتماعية ينصاع لها الجميع“.
وأكد بأن “لهم دور كبير في لم الشمل والتقارب بين العائلات المتنازعة بالتراضي، ويسعى المشايخ إلى نشر المحبة بين الجميع وبين القبائل المختلفة“.
وشدد على ضرورة أن “يمتاز المشايخ بمزايا خاصة منها القدرة على الحل والصبر في أغلب المشاكل، ويجب أن يتفادى ثورات الغضب من المتخاصمين، لأن الشيخ لديه وضع خاص ونظرة بعيدة للتحكم في زمام الأمور، لذلك يحظى الشيخ بقبول واحترام كبير من الجميع، وليس كل من ادعى بأنه شيخ فهو شيخ، لأن المشايخ لهم صفات معينة ومميزة“.
ولفت بوزيدان، بأن “للمشايخ دور سياسي كبير، وأن القبيلة هي المعول الحقيقي للمجتمع الليبي، وأن القبائل عندما تشعر بالظلم الذي يمارس عليها يكون للقبيلة دور في طلب التنمية المستدامة من الشركات النفطية.
لذلك قامت بعض القبائل في التحكم في ملف النفط الذي يمر بأراضيها ولم تستفد منه شيء ولم يحقق معايير التنمية المستدامة المنتظرة، وعدم تمكين أبنائهم من العمل في هذه الشركات كنوع من أنواع التنمية المستدامة، وأن إغلاق النفط المتكرر هي رد فعل لتهميش أبناء هذه القبائل الذي يمتلكون خبرات ومؤهلات عالية في مجال النفط، كما أن ملف النفط يحتاج إلى دولة حقيقية تكون قادرة على إدارة هذا القطاع بالشكل الصحيح، وتوزيع إيراداته بصورة مثالية“.
وأشار إلى أن “القبائل والمشايخ والأعيان كان لها دور كبير في المساهمة في تأسيس الجيش الذي قضى على الإرهاب وتنظيم داعش (المحظور في روسيا وفي دول عديدة)، الذي انتشر في السنوات السابقة في مناطق برقة، وقامت القبيلة بدعم المشير حفتر، في حربه على التنظيمات الإرهابية التي كانت تسيطر على البلاد“.
إصلاح ذات البين
ومن جهته، يقول الشيخ جويده ازغيليل، في تصريحه لـ“الخليج 365″، إن “المشايخ والأعيان لهم دور كبير في فض النزاعات والخلافات، يأتي الدور من مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى الإصلاح بين المواطنين على أن يكون هذا العمل لوجه الله، والعدل هو الأساس في حل الخلافات، كما أن دور المشايخ كبير في إصلاح ذات البين ورأب الصدع بين المتخاصمين“.
وأكد بأن “المشايخ يحظون بمكانة كبيرة في المجتمع الليبي وباحترام من جميع الفئات حتى يتمكن من حل الخلافات بسلاسة تامة، وبأن من الضروري أن يتمتع الشيخ بحيادية كبيرة لحل الخلافات وفض النزاعات والوقوف على مسافة واحدة بين أطراف النزاع“.
مشددا على ضرورة أن “يتحلى الشيخ بدرجة كبيرة من الصدق ويكون قادرا على انتقاء العبارات، التي تساهم في حل الخلافات ورأب الصدع بين كافة الأطراف“.
وأردف، قائلا: “يحظى الأعيان بمكانة كبيرة في المجتمع يستطيعون من خلالها حل المشاكل عن طريق الأعراف المتفق عليها في المجتمع ولا يمكن أن يخرج عنها“، وشدد على ضرورة أن “يقوم الشيخ بجبر الضرر للمتضرر في النزاع، ويجب على المشايخ تذكير أفراد المجتمع بفضل التسامح والعفو والصلح“.
_____________