في جنيف يعتزم ممثلو المجتمع الليبي اختيار أعضاء حكومة انتقالية تقود البلاد إلى مستقبل سلمي. المشاركون يتعرضون لضغط هائل من الداخل والخارج ويواجهون تحديات كبيرة، ما هي

تسير عملية توحيد ليبيا بشكل صعب. فمنذ مطلع الأسبوع تحصل في جنيف بدعوة من الأمم المتحدة خطوات ملموسة لتشكيل مجلس رئاسي ليبي من شأنه أن ينظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في ديسمبر القادم 2021. وإلى حد الآن لم يحصل أحد من المرشحين على غالبية الأصوات بنسبة 70 في المائة للرئاسة المكونة من ثلاثة أعضاء.

ويتقدم لهذه الانتخابات 24 مرشحا. كما أنه مبرمج انتخاب رئيس وزراء مؤقت. وشغل هذه المناصب سيحسم فيه 75 من الليبيين المدعوين إلى جنيف يمثلون المجموعات السياسية والإقليمية والقبلية المختلفة في البلاد.

ومن بين هؤلاء الأعضاء يوجد ممثلون عن الحكومتين المتنافستين، حكومة طرابلس في الغرب والحكومة الموجودة في طبرق شرق البلاد. وهذه التشكيلة من شأنها تمثيل ليبيا بشكل واسع قدر الإمكان ومنح القرارات المتخذة في جنيف أكبر شرعية ممكنة.

في المستهل أشارت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، شتيفاني وليامس مرة أخرى إلى الظروف الجيدة لعملية الوحدة. وقالت حسب تقارير وكالات أنباء بأن الحوار الليبي الداخلي سجل تطورات ملموسة.

ويوجد مخطط زمني لإعادة بسط الشرعية الديمقراطيةاعتمادا على موعد واضح لانتخابات وطنية وإقامة مؤسسة تنفيذية موحدة انتقالية“.

لقاء مهم ولكن دون مبالغة

ورغم العملية الصعبة في ليبيا يؤكد لقاء جنيف على التقدم الحاصل إلى حد الآن في الطريق نحو سلام دائم، كما قال توماس فولك، مدير برنامج الحوار لجنوب البحر المتوسط في مؤسسة كونراد أدناور في تونس. “قبل سنة ما كان ممكنا تصور هذا النوع من اللقاءات. وحينها كانت ليبيا في وضع حربي“. ويشير فولك إلى نجاحات الحوار القائم منذ شهور.

وفي نوفمبر اتفق الفاعلون الليبيون في تونس على وقف لإطلاق النار إضافة إلى خطة زمنية لإحلال السلام في البلاد تأتي بنتائج ملموسة في مؤتمر جنيف. “قلما يمكن المبالغة في تقييم أهمية هذا اللقاء. ففي هذا الأسبوع سيتبين كيف ستسير الأمور مع ليبيا، كما قال فولك لدويتشه فيله.

الفاعلون الأجانب يبقون ناشطين

والجهود الإضافية المطلوبة لإحلال السلام في البلاد تبينها نظرة إلى الوضع في عين المكان. وحقيقة أن الأسلحة هدأت، لكن المقاتلين والمرتزقة الأجانب الناشطين على كلا طرفي النزاع مازالوا موجودين في البلاد.

وكان واجبا عليهم في الحقيقة الانسحاب بحلول الـ 23 من يناير. وحتى حظر الأسلحة المقرر لا يتم الالتزام به.

تواجد وحدات تركية في ليبياهل تؤسس لنفوذ ليبيا في الشمال الأفريقي؟

وهذا يشير إلى أن الفاعلين الأجانب غير مستعدين للتخلي قريبا عن مصالحهم المختلفة: فروسيا ماضية في إقامة قواعد عسكرية في البلاد لـتأمين حضورها في منطقة البحر المتوسط. وتركيا تحاول عبر طريق ليبيا فرض مصالحها في الخلاف حول حقول الغاز في شرق البحر المتوسط.

ودول الاتحاد الأوروبي تتطلع لوقف حركات الهجرة نحو حدودها الجنوبية. وتحدى إضافي يتجلى من خلال الانهيار العسكري للوحدات الأجنبية المرتبطة بحكومة المهجر بقيادة الجنرال خليفة حفتر في طبرق.

وهزيمة الصيف الماضي دفعت الجهات الداعمة لحفتر مثل روسيا والعربية السعودية ومصر لتغيير خطتها، كما يكتب الخبير السياسيطارق مغريزي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

وهي لم تعد تراهن الآن على انتصار عسكري واضح، بل تتطلع لتوسيع الفوارق الليبية الداخلية. فهي تريد من ناحية حماية مصالحها ومن جهة أخرى تحميل الليبيين المسؤولية الأساسية على الكارثة في البلاد. “وعلى هذا النحو هي تريد التنصل من أي مسؤولية“.

قليل من الثقة في السياسيين

والعملية السياسية الحالية يقودها أشخاص لم يغيروا مواقفهم المبدئية منذ سنوات، كما يقول طارق مغريزي. وهؤلاء يتعرضون لضغوط هائلة من الداخل والخارج. إضافة إلى ذلك يجب أن يكون هؤلاء الفاعلون على استعداد لتجاوز ظلهم ووضع مصالحهم الشخصية تحت مصلحة البلاد.

فالمرشحون الذين يتقدمون الآن لشغل مناصب الحكومة الانتقالية لا يحق لهم الترشح مجددا في الانتخابات في ديسمبر. “يبقى مشكوكا فيه هل الأشخاص الأكثر نفوذا على استعداد لذلك، يقول فولك ويضيف: “هناك شكوك في ذلك بين المراقبين“.

وبالتالي يكون من المهم أن يتفق الممثلون الليبيون في جنيف على حكومة تكنوقراط تجلب الهدوء للبلاد وتعد بشكل سليم الانتخابات المرتقبة. والأعضاء المجتمعون في سويسرا يدركون أنهم يخاطرون بفقدان سمعتهم في الوطن.

فالسكان يعتبرون الحكومة الليبية في كلا شطري البلاد بأنها فاسدة، كما يقول فولك. “هناك قليل من الثقة تجاه الفاعلين السياسيين الحاليين، والناس يرغبون قبل كل شيء في السلام والاستقرار ويريدون ترك العقد الماضي بعدم استقراره السياسي خلفهم“.

************

الحرب في ليبيا: انتخاب حكومة وحدة وطنية ليبية مؤقتة برئاسة عبد الحميد دبيبه

REUTERS

جرى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أكتوبر تشرين الأول لكن هذا البلد لا يزال يشهد توترات متصاعدة، وتمخضت المحادثات التي أجريت في ليبيا اليوم الجمعة برعاية الأمم المتحدة عن تشكيل حكومة مؤقتة جديدة للبلاد بهدف إيجاد حل لحالة الفوضى والعنف والانقسام في ليبيا.

ووقع الاختيار على حكومة وحدة وطنية ليبية مؤقتة لتحل محل الإدارات المتنافسة في البلاد التي مزقتها الحرب ولتشرف على الانتخابات التي تجرى في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وأدلى المندوبون في منتدى تقوده الأمم المتحدة بأصواتهم لصالح مجلس رئاسي من أعضاء ثلاثة ورئيس وزراء وذلك في ختام خمسة أيام من المحادثات في جنيف.

هذه هي خطوة رئيسية في مسار عملية السلام التي تقوم على أساس وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه العام الماضي.

وسيصبح محمد يونس المنفي، وهو سفير ليبيا السابق إلى اليونان، رئيسا لمجلس الرئاسة، في حين وقع الاختيار على عبد الحميد دبيبة رئيسا للحكومة الانتقالية، وهو رجل أعمال من مصراتة، وذلك حسب نتائج التصويت الذي بث على الهواء مباشرة للمشاركين في عملية المحادثات السياسية.

ولن يسمح لأي من السياسيين الذي وقع عليهم الاختيار بأن يشاركوا في الانتخابات التي ستجرى في 24 ديسمبر كانون الأول 2021، كما سيخصص 30 في المئة من المناصب الحكومية المهمة للنساء.

كما تضم القائمة التي فازت بـ 39 صوتا مقابل 34 أيضا عبد الله اللافي وموسى الكوني في مجلس الرئاسة،

توصل الفرقاء السياسيون في ليبيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إلى اتفاق لإجراء الانتخابات الوطنية في ديسمبر/كانون الأول 2021

في حين ضمت القائمة الخاسرة رئيس برلمان الشرق عقيلة صالح ووزير الداخلية المقيم في الغرب فتحي باشاغا.

وقالت ستيفاني وليامز القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا إن أمام رئيس الوزراء الجديد 21 يوما لتشكيل مجلس وزاري يحظى بتأييد من مختلف المجموعات السياسية.

ودخلت ليبيا في حالة من الفوضى منذ إنهاء حكم الزعيم الليبي معمر القذافي في 2011 والإطاحة به، وانقسمت البلاد منذ 2014 بين إدارتين متحاربتين في الغرب والشرق تدعم كلا منهما قوى أجنبية.

وكانت لهذه الاضطرابات في ليبيا التي تمتلك واحدا من أكبر احتياطيات النفط والغاز في أفريقيا تداعيات على المنطقة بأسرها، إذ ساهمت ترسانة القذافي المنهوبة في إمداد مجموعة متنوعة من المسلحين والجماعات.

وأتاح ذلك أيضا للبلاد أن تصبح نقطة رئيسية لتهريب المهاجرين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

___________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *