وليد اللافي

ما الذي حدث لليبيا؟

هذا السؤال، الذي طُرح في 9 سبتمبر/أيلول، يعكس إحباطًا يشعر به الكثير من الليبيين.

من السهل تصوير بلادنا بملامح اليأس – ميليشيات منفلتة، ومؤسسات منقسمة، وشبكات إجرامية، وفساد متفشي.

لكن هذه السردية عن الفشل الدائم لا تحكي إلا نصف القصة. إنها تتجاهل صمود شعبنا والتقدم الحقيقي الذي يُحرز.

نعم، لقد عانت ليبيا عقدًا من الانقسام. لكن القول بأن شيئًا لم يتغير منذ وقف إطلاق النار عام 2020، أو أن مؤسساتنا مُحنَّطة في حالة تدهور، هو قول مضلل للغاية.

حكومة الوحدة الوطنية تدرك تمامًا حجم العقبات الكبيرة التي تواجهها.
لا يزال التأثير المُدمّر للميليشيات المسلحة والدور الخبيث للقوى الجيوسياسية الخارجية يُشكلان تحديين رئيسيين أبرزهما في المناطق المنفصلة في شرق ليبيا، بقيادة خليفة حفتر، المنشق والمدعوم من روسيا.

ولسنوات، استغلت الميليشيات فراغ السلطة، متسللة إلى قطاعات حيوية ومتآكلة، من أمن الدولة إلى المؤسسات المالية الوطنية.

هذه حقائق لا تنكرها حكومة الوحدة الوطنية؛ بل اخترنا مواجهتها وجهاً لوجه خدمةً للشعب الليبي وحقّه في دولة حرة ديمقراطية ومزدهرة في ظل سيادة القانون.

يجب أن يكون المحللون والمعلقون واضحين بشأن وجود برامج مستدامة جارية لتفكيك شبكات الاتجار الإجرامية، وإخضاع الميليشيات، ووضع قوات الأمن تحت قيادة مركزية.

وفي دليل واضح على هذا الالتزام الجاد والمتجدد، بدأت حكومة الوحدة الوطنية في يوليو باستخدام الطائرات المسيرة لأول مرة لاستهداف شبكات تهريب البشر العاملة على طول الساحل.

وهذا جزء من حملة أمنية مستمرة وممنهجة وخطة استراتيجية شاملة لإضعاف وتفكيك الأعمال الإجرامية وفروعها العديدة.

إنه عمل شاق ولكن كما يقول المثل القديم، لم تُبنَ روما في يوم واحد.

التقدم السياسي حقيقي أيضًا، وإن كان غير كامل. في الشهر الماضي، وعلى الرغم من التحديات التشغيلية، أُجريت انتخابات بلدية بنجاح في 26 بلدية.

لم تتمكن كل البلديات من المشاركة لا سيما تلك الموجودة في الشرق تحت السيطرة الوحشية لحفتر وحكومته الدُّمية ولكن العملية نفسها تمثل خطوات حقيقية والتزامًا حقيقيًا بالحوكمة التمثيلية.

نحن لا نقلل من التحديات المتبقية. يجب معالجة الفساد من جذوره، ويجب تحسين الخدمات العامة، ويجب أن يشعر المواطنون بالاندماج الكامل في الحياة السياسية والمدنية.

لكن ما تحتاجه ليبيا الآن ليس جوقة يأس تردد صدى الماضي؛ بل تتطلب الاعتراف بأن شعبها بدعم دولي مصمم على إعادة بناء بلده.

هدف حكومة الوحدة الوطنية واضح: تفكيك الميليشيات، وتوحيد القوات المسلحة تحت السيطرة المدنية، والتوافق على دستور وطني، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة كل ذلك كجزء من العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.

هذا هو المستقبل الذي نبنيه.

ليبيا ليست محاصرة في الفشل.

ما حدث لليبيا ليس قصة تدهور لا نهاية له، بل قصة شعب يستعيد مستقبله بثبات.
***
وليد اللافي ـ وزير الاتصالات والشؤون السياسية، حكومة الوحدة الوطنية، دولة ليبيا
_____________

مقالات مشابهة