عبدالله الكبير

ليس ثمة جديد في تكليفات حفتر لأبنائه بمناصب قيادية للعصابات الإجرامية التي يسميها جيش، فعمليا هم يديرون شؤون هذه العصابات إداريا وتنظيميا وَماليا منذ سنوات، وهم من يصدر الأوامر لتنفيذ كافة الجرائم والانتهاكات.

ولا جديد في مباركة مجلس عقيلة وبقية القطيع الذي يسمي نفسه زورا وبهتانا مجلس النواب، فقد سبق أن قرر حفتر وأعلن أنه قائد الجيش قبل أن يولد مجلس اللعنة، وبارك عقيلة وقطيعه هذا الإعلان، ومنح لنفسه ترقيات لا يستحقها قطعا وفقا للقوانين واللوائح المنظمة للجيش الليبي، وصادق مجلس القطيع على هذه الترقيات، وشن حفتر هجومه الفاشل على طرابلس قبل مباركة عقيلة لهذا الهجوم.

وليس غريبا أن يستمر كهنة المعبد في التطبيل وهز الأرداف وإطلاق البخور احتفالا واشادة بهذه التكليفات، حتى بعد أن كشف الحجاب وتبين لهم أنه لا مؤسسة عسكرية ولا جيش، بل هي عصابات تقودها عائلة أوغلت في الدماء، والنهب، وتدمير مقدرات الوطن، وتخريب اقتصاده، حتى وإن كفروا بها في قرارة أنفسهم بعدما تبينت لهم الحقيقة، لا يمكنهم النزول عن شجرة العناد والاعتراف بعمق الشرك الذي وقعوا فيه، وفداحة الخدعة التي طوقتهم بشباكها.

دوافع حفتر للتسريع بالتكليفات دفعة واحدة مفهومة، ومن المؤكد أن لحلفائه الإقليميين دور في هذا التسريع عبر النصح والتحذير من التأخر، فعامل السن و أمراض الشيخوخة لا تنتظر، وإذا كان الحلم بحكم ليبيا كلها يتهاوى فيما يتقدم العجز البدني والزهايمير، فليحصن نفسه من الملاحقة القضائية الدولية إذا امتد به العمر بضع سنوات أخرى، ويوزع سلطاته بشكل رسمي على وراثته قبل رحيله الذي قد يقع في أي لحظة.

ما الذي يتعين التيقظ له بعد هذه التكليفات لأبناء حفتر في الجيش المهزوم أبدا؟

وما الذي نعده في مواجهة المرحلة الجديدة من مشروعه المدمر؟

على كل الأحرار، كل من يؤمن بحرية الوطن وحق الشعب في اختيار قياداته، كل من يعي أن الاستبداد واحتكار السلطة في يد الاستبداد والطغيان والدكتاتورية هو أنجع وصفة لدمار الأوطان وتلاشيها، أن يتوقع مضي هذا المجرم في مخطط تقسيم البلاد وتنصيب نفسه رئيسا على مناطق نفوذه، ويفك الارتباط بالعاصمة ويحكم قبضته على النفط، ليضع غالبية الشعب بين خيار القبول بسلطته أو الحرمان من موارد البلاد، التي سيواصل احتكارها لتوطيد سلطته برشوة الدول الفاعلة في السياسة الدولية، وإغرائها بالعقود والاستثمارات والمكاسب الاقتصادية.

كل من ساهم في دعم هذا المجرم ولو بشطر كلمة. النواب عن المنطقة الغربية في وكر عقيلة للخيانة والعمالة، أعضاء مجلس الدولة الذين شاركوا في مشاريع عقيلة صالح لخدمة أهداف هذا المجرم، أمامكم فرصة تاريخية اليوم بعد اتضاح الصورة وتكبيرها عدة أضعاف، أن تغادروا مسرح الجريمة، وتتبرأوا من قرارات وقوانين هذا المجرم الذي يحطم الوطن ومؤسساته واقتصاده لمصلحة حفتر وأطفاله.

انجوا بأنفسكم من لعنة التاريخ والأجيال القادمة، أركبوا مع أحرار ليبيا الشرفاء ولا تكونوا مع المجرمين.

هذا نداء أخير فقط لتنقذوا أنفسكم، أما إنقاذ الوطن بمفاصلة المجرم وعصاباته، ومنازلتهم في كل الميادين، وتحطيم مخططاتهم وتدمير أحلامهم، فهي مهمة الشرفاء الذين لم يهادنوا هذا المجرم يوما وحافظوا على الولاء للوطن، وأخلصوا العبودية لله الواحد الأحد، ولم ينحتوا الأصنام ليسجدوا لها ويسبحوا بحمدها، ولم يكونوا في أي لحظة مطية وشهود زور على تفكيك الوطن وتقطيع أوصاله.

_____________

مقالات مشابهة