المنتصر خلاصة

إن الأمانة الملقاة على عاتق مصلحة الأملاك العامة في المحافظة على مصالح الشعب الليبي وأملاكه ومدخراته العقارية الذي استطاع بفضل غيرة أبنائه وحرصهم على المال العام يوجب عليها ويلزمها القيام بكل واجباتها واستخدام كافة الأساليب التي تكفل لها القيام بهذه المهمة الجسيمة والتي تحفظ به عمليا وعلى الأرض ما اؤتمنت عليه .
إن كافة الانتهاكات والتحايلات والتزوير الذي لحق بالملكية العامة من أراضي فضاء ومقرات حكومية عمومية ومن غابات ومحاجر و شواطىئ ومنتزهات يعود سبب نجاحها الرئيسي هو تقاعس إن لم نقل تخاذل وتواطؤ مصلحة الأملاك العامة مع أولئك اللصوص.
إن طريقة عمل المصلحة وأسلوب تصرفها في الذود عن المصلحة العامة يجعلها المتهم الرئيسي في تلك الانتهاكات.
لا يمكنني كمواطن ليبي قبول العذر الذي تتحجج به مصلحة الأملاك العامة مهما تعذّرت واحتجّت في تدني فاعليتها لأنها قبلت أن تكون المدافع الأول للملكية العامة في وجه الحُذّاق والشُطّار ومن تحَالف معهم من مليشيات وذوي نفوذ.
في ظل مصلحة الأملاك العامة المتخاذلة، كل مشاريع وطموحات الليبيين في خطر بعدما تفشت ظاهرة السكوت عن نهب الملكية العامة بداعي الإغراءات أو الترهيبات، لن يكون لأي استثمار أو تخطيط للنهوض والتقدم أي حظ من النجاح ونحن نرى هذه الجيوش الجرارة من المزوِّرين والدّهاقنة والمحتالين تجوب خلال الملكية العامة وتضع الدولة الليبية تحت سياطها وليس هناك من يقف بوجهها أو يفضحها ويسترجع منها ما سلبته.
،الأملاك العامة هي أهم ما يملكه الشعب الليبي ولا يمكن قبول العذر، فمن لا يستطع عليه التنحي لأنه عمل نضالي يحتاج إلى أرواح مقاتلة وقدرات فريدة لا تستكين للمكيّفات ولا تتسربل تحت المكاتب والجلسات ولا يغريها المال الفاسد ولا الوعود البرّاقة لأنها تعلم أنها تحارب الله ورسوله.
من المسلّم به أن لا وجود للملكية الخاصة في ليبيا إلا في بعض الأحياء وهي حالات بسيطة جدا وما نراه من ادعاءات للملكية في إنشاءات وأراضي هي ادعاءات باطلة تستغل الظروف المواتية والأجواء الخادمة لأهدافها القذرة.
المجتمع الليبي مجتمع في أغلبه بدوي غير مستقر والملكية العقارية فيه عابرة وما كانت تحت الأيدي إنما هي قيعان ومراعي سمحت بها السلطات الأميرية العثمانية للقبائل والنجوع ارتيادها والإقامة فيها مقابل أتَوات وضرائب، أي أنها وضع يد حتى أن تلك القبائل كانت تأتي لتصل تحت السرايا فتقيم خيامها على التلال المحيطة وتقوم بزرع القمح والشعير ولا ترحل إلا بعد حصادها بعد أن تكون قد سدّدت مقابل ذلك لباشا السرايا العثماني وعندما توالى من بعده الاستعمار تدحرجت الملكية صعودا وهبوطا تحت وطأة احتياج الإدارة الاستعمارية حينها .. فكان للجاليات الأجنبية ملكيتها، وكان لأصحاب الأديان غير الإسلامية باعتبارهم مواطنين، أيضا ملكيتهم..
وفي عهد القذافي تم إعادة الأمور إلى نصابها بقانون الاسترداد وإعادتها من ثم للدولة الليبية أو المواطن الليبي للانتفاع وليس للتمليك وبالتالي كل ما نراه من تداولات هي لا تعدو أن تكون في الملكية العامة.
إن الأرشيف العقاري الحقيقي للدولة الليبية بأيدي الغزاة المستعمرين أي أنه خارج البلاد ولا يوجد داخله إلا ما تمكن النظام من جلبه والحصول عليه.
ومن هنا فإن التلاعب بالملكية العقارية هو مخطّط خارجي يتم عبر أبناء البلد الطّامعين أي أنه تكملة لمشروع الاستحواذ على ليبيا المفيدة وإخراج أهلها مستقبلا إلى مناطق كانت تصنّف على أنها منافي وغير صالحة للسكن ليصبحوا تحت رحمة السادة الجدد في الآونة الأخيرة فحقيقة الملكية العامة نهبت تحت وطأة الإدارات الفاسدة والمسئول المرتشي.
اليوم وقد أصبحت الأراضي تحقق الثراء الفاحش فقد قام العديد من شذاذ الآفاق بالاستيلاء على الأراضي العامة تلك مستغلين فجوة إدارية سببها قصور لدى مصلحة الأملاك العامة ورفع قضايا على أشخاص وهميين لتحقق ملكيات غير صحيحة.
المطلوب من الأملاك العامة إذا كانت فعلا وطنية ويهمها الصالح العامة أن تقوم بنشر ملصقات مصورة ومكتوبة على كافة ألاماكن العامة أو أن تستحدث لها مكانا تنشر فيه المواقع العامة والتي لا يجب المساس بها وعدم النظر فيها حتى من قبل المحاكم إلى حين قيام الدولة القادرة على الوصول إلى الحقيقة.
وعليها أن توضح للمواطن عبر نشرات توعويّة في القنوات الفضائية تلك المواقع التي يجب عدم شراءها أو التصرف فيها، ومن يفعل ذلك يتحمل مسئوليته القانونية وان تقوم مصلحة الأملاك العامة بنشر مخاطباتها لكافة المسئولين والجهات ذات العلاقة توضح فيه بالصورة تلك المواقع حتى يتم استخراج التشريعات اللازمة التي تحمي الملكية العامة من التدليس والعبث.
أين الأملاك العامة من انتهاكات الغابات والشواطىئ وجعلها ملكية خاصة وهي متيقنة أنها عملية سلب وسرقة ومع ذلك لم تحرك ساكن. أقصد هنا التحرك الكفيل بوقف أي عبث فورا وليس تبليغ الجهات العامة برسائل وكأنها لرفع الملام بينما يترك السارق ليعيث في الأرض فسادا مغيرا من معالمها وطمسها بالبيع أو الرهن أو الاستثمار.
إن تحالف الرأس المال الفاسد مع اللصوص يجب أن تقابله روح وطنية جماعية وقدرات استثنائية لردعه وإيقافه.
آخر ما فعلته العقول المتآمرة هو انتهاك حرمة حديقة للأطفال بطريق السكة بداعي الملكية وهذا الموقع لا يبعد عن مقر مصلحة الأملاك العامة إلا عشرات الأمتار ، وقد جاءوا مدججين بأوراق وبالسلاح في غياب كامل لرجالات المصلحة ومن يتقاضون رواتب لحماية الملكية العامة وفي حضور كامل للأهالي .
نحن كمواطنين لا ننتظر كلاما بل أفعالا توقف هذا التصرف وليعتبر هذا المقال شكوى مباشرة ضد المنتهكين.
إن إيجاد الحلول الناجعة وكشف وفضح المزوّرين هو جزء أصيل من مهام الأملاك العامة في الذود عن الملكية العامة .
________________