لا تزال قيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تلتزم الصمت المثير للاستغراب حيال تسريبات نشرتها شبكة سي أن أنالأميركية، أمس الخميس، كشفت فيها عن طرح مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع مسؤولين ليبيين إمكانية ترحيل مهاجرين من الولايات المتحدة إلى ليبيا، خاصة أن هذه التسريبات جاءت بعد يومين من زيارة صدام، نجل حفتر، إلى واشنطن.

وفي سياق تقريرها عن طرح إدارة ترامب إمكانية إرسال طالبي اللجوء الذين يجرى اعتراضهم على الحدود الأميركية، بمن فيهم ذوو السجلات الجنائية، إلى ليبيا ورواندا، نقلت سي أن أنعن مصادر أميركية أن مسؤولين في إدارة ترامب ناقشوا مع مسؤولين ليبيين إمكانية إبرام اتفاقية الدولة الثالثة الآمنة، بحيث تتيح للولايات المتحدة ترحيل طالبي اللجوء الذين يُعتقلون على حدودها إلى البلدين الأفريقيين، مشيرة إلى أنه لم يُتخذ في ذلك أي قرار بعد.

وجاء تقرير الشبكة الأميركية في أعقاب زيارة أجراها صدام حفتر إلى واشنطن الاثنين الماضي، والتقى فيها مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية بصفته مبعوثاً لوالده، وقالت الشبكة إنها تواصلت مع من وصفته بممثل صدام للحصول على تعليق، فنفى أن يكون صدام قد ناقش ترحيل المهاجرين.

كما أفادت الشبكة بأنها تواصلت مع متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية للحصول على المزيد من التوضيحات، لكنه اكتفى بالقول إن المسؤولين لا يناقشون الاتصالات الدبلوماسية، مؤكداً أن الإدارة الأميركية تعمل مع دول عديدة لتنفيذ سياسات ترامب المتعلقة بالهجرة.

وفي هذا السياق، يصف القانوني والناشط السياسي إبراهيم الناجح صمت قيادة حفتر، رغم مرور يوم على نشر التسريبات والجدل الواسع الذي يشهده الوسط الليبي الرافض مشروعَ ترامب، بأنه مقلق للغاية“.

ورغم أن الناجح يؤكد في حديثه لـالعربي الجديدأن مشروع ترامب سيأخذ وقتاً ليمر خلال العديد من العقبات في المؤسسات الأميركية، وكذلك عدم توفر شرط الأمان في ليبيا ليتحقق فيه وصف الدولة الثالثة الآمنة، إلا أن صمت حفتر وأبنائه يُنذر بوضع خطر، فلن يتوانى حفتر عن الموافقة على مثل هذه الخطوة مقابل حصوله على دعم سياسي أميركي للاستحواذ على أكبر نصيب في السلطة، مشيراً إلى أن حديث إدارة ترامب عن اتفاقلتمرير هذا المشروع يقتضي وجود سلطة موحدة في ليبيا لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات، وهو ما لن يحدث في ظل الانقسام الحكومي الحاد في البلاد.

ويلفت الناجح إلى أن صمت قيادة حفتر وغموض الموقف الأميركي قد يدفعان للظن أن الاتصالات في هذا المشروع قد تكون جرت بالفعل مع صدام باعتبارها جزءاً من صفقة تدعم حفتر في صراعه على السلطة، ولتجاوز العديد من العقبات أمام ترامب، قد يُنفذ هذا المشروع خلف الكواليس“.

ويضيف الناجح: “أما الأمر الأكثر خطورة، فهو أن يكون حفتر متورطاً في تسهيل وصول المهاجرين إلى الأراضي الأميركية، وصار مجبراً بالتالي على القبول بتنفيذ خطة ترامب.

فقبل أشهر، كشفت تقارير دولية عن انطلاق رحلات جوية غامضة من بنغازي نحو نيكاراغوا محملة بمهاجرين آسيويين يسعون للوصول إلى الولايات المتحدة، في إشارة إلى تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية في يونيو/ حزيران من العام الماضي، كشفت فيه عن تسيير رحلات جوية من مطار بنينا في بنغازي إلى نيكاراغوا، على متنها المئات من المهاجرين الآسيويين، تنظمها شركة طيران مقربة من حفتر.

وفي منتصف يوليو/ تموز من العام الماضي، أعلن مكتب النائب العام في طرابلس عن إصداره أمراً بحبس مسؤول رفيع في شركة غدامس للطيرانبتهمة تسهيله هجرة غير نظامية إلى الولايات المتحدة عبر دولة نيكاراغوا.

ويكرر الناجح استغرابه حيال صمت السلطات في شرق ليبيا وغربها، معتبراً أن صمت قيادة حفتر يزيد من حجم الشكوك حول إمكانية تورط حفتر في صفقة ترحيل المهاجرين إلى ليبيا، موضحاً أن امتلاك واشنطن ملفات تثبت تورط حفتر في تهريب المهاجرين واستخدامها لإجباره على القبول بصفقة الترحيل سيفتحان باب البلاد واسعاً أمام المزيد من قرارات ترامب التي لا يمكن توقع طبيعتها، فترامب لا يقيم وزناً إلا لمصالحه“.

يذكر أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قال، الأربعاء الماضي، في تصريحات حادة خلال اجتماع حكومي حول قضية إبعاد المهاجرين من بلاده: “أقول هذا من دون اعتذار، نحن نبحث بنشاط عن دول أخرى لاستقبال الأشخاص من دول ثالثة، مضيفاً: “نحن نعمل مع دول أخرى لنقول نريد أن نرسل إليكم بعضاً من أكثر البشر دناءة إلى بلدانكم، فهل ستفعلون ذلك خدمةً لنا؟ وكلما ابتعدنا عن أميركا كان ذلك أفضل، حتى لا يتمكنوا من العودة عبر الحدود“.

وتصريحات روبيو لا تبدو منفصلة عن سياق أوسع، فمنذ مطلع إبريل/ نيسان المنصرم، كشفت تقارير إعلامية دولية، من بينها تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، عن سعي إدارة ترامب لعقد اتفاقيات مع دول أفريقية وآسيوية، على غرار اتفاقها مع بنما، لإرسال مهاجرين ترفض دولهم الأصلية استقبالهم.

_____________

مقالات مشابهة