دعم غير مشروط لحفتر من بيلاروسيا مقابل قاعدة عسكرية
يخلق التواجد الروسي المتصاعد في ليبيا، ومحاولاتها المستمرة لخلق مواطئ قدم جديدة لها في البلاد بقواعد عسكرية توسعت الآن نحو الجنوب، قلقاً دولياً واسعاً على اعتبار أن ليبيا بوابة إفريقيا نحو أوروبا. وفي سياق تصاعد هذا النفوذ.
حذر موقع “ناشيونال إنترست” من التحركات الروسية المتزايدة في ليبيا، لافتاً إلى أن هذا التوسع قد يهدد الأمن الأوروبي ويعقد الوضع في البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.
ورأى التقرير أن التحول الروسي نحو ليبيا قد يكون رد فعل على التطورات في سوريا، إلا أنه يحمل في طياته مخاطر جمة على الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن ليبيا، المنقسمة بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس و”الجيش الوطني” بقيادة خليفة حفتر، أصبحت مرتعاً للقوى الخارجية الساعية لتعزيز نفوذها.
واستعرض التقرير أدلة على تعزيز الوجود الروسي في ليبيا، بما في ذلك تقارير عن طائرات شحن قادمة من سوريا وإعادة نشر معدات عسكرية رئيسية، منبهاً من أن هذه التحركات تضع القدرات البحرية الروسية على مقربة من المصالح الأوروبية، وفقاً لوزير الدفاع الإيطالي.
كما لفت إلى الانسحابات الفرنسية من دول مثل مالي والنيجر، مرجحاً أن ليبيا تمثل فرصة لروسيا لإعادة تأكيد نفوذها المتناقص في سوريا، مع طموحات تتجاوز مجرد دعم حليف محاصر.
وأوضح التقرير أن روسيا تسعى إلى تحقيق حضور بحري دائم في البحر الأبيض المتوسط، والسيطرة على طرق العبور من ليبيا، واستخدامها كنقطة انطلاق لتوسيع نفوذها في منطقة الساحل، محذراً من أن السيطرة على موارد شمال إفريقيا ستغذي طموحات روسيا الأوسع نطاقاً في إبراز قوتها.
وأشار التقرير إلى أن روسيا تواجه قيوداً، إلا أن ليبيا توفر لها فرصة للعمل من خلال مقاولين عسكريين خاصين وتوريد الأسلحة والنفوذ السياسي، مما يجعلها نموذجاً أكثر ملاءمة للظروف الحالية.
وحذر من أن الوجود الروسي في ليبيا يهدد جيرانها في شمال إفريقيا وأوروبا، حيث يمكن للأسلحة الروسية المتطورة أن تصل إلى البنية التحتية الحيوية في أوروبا، لافتاً إلى أن التحرك الروسي في ليبيا يمثل تحدياً كبيراً للولايات المتحدة وحلفائها، ويتطلب استراتيجية دقيقة لاحتواء الطموحات الروسية وتجنب المزيد من التدهور في المنطقة.
وقبلها نشر موقع “إنسايد أوفر” الإيطالي تقريراً تحدث فيه عن تصاعد النفوذ الروسي والبيلاروسي في ليبيا مع حصول خليفة حفتر على دعم غير مشروط من ألكسندر لوكاشينكو خلال زيارته إلى بيلاروسيا مقابل السماح بإنشاء قاعدة عسكرية مشتركة في طبرق لتعزيز الوجود الروسي في المنطقة.
وقال الموقع، في هذا التقرير، إن روسيا وبيلاروسيا تواصلان توسيع نفوذهما وحضورهما العسكري في منطقة برقة الليبية. وفي إطار زيارة غير مسبوقة إلى مينسك في 17 شباط/ فبراير الماضي، حصل الجنرال خليفة حفتر على تأكيد من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو حول الاستعداد الكامل لبلاده لتعزيز التعاون الثنائي بين مينسك وطبرق “بجميع الطرق الممكنة”، خاصة في المجال العسكري.
ووفقاً لبنود الاتفاق، التي كشف عنها قسم “أتلانتيدي” على موقع الأنباء الإيطالي “أجينسيا نوفا”، فإن الوعد الذي قدمه حفتر مقابل ذلك لكل من لوكاشينكو وبوتين يتمثل في السماح بإنشاء جيب عسكري صغير داخل أراضي مدينة طبرق، حيث ستتمركز بشكل دائم وحدة عسكرية روسية وبيلاروسية.
وأوضح الموقع أن تزايد الوجود العسكري الروسي في شرق ليبيا ليس بالأمر الجديد على الإطلاق، بل هو امتداد لديناميكية تاريخية ازدادت حدتها مع التغيرات في موازين القوى التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الأخيرة.
فمنذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لوحظ مراراً وتكراراً كيف أن روسيا، بعد فقدانها لحليف استراتيجي مع سقوط الأسد، بدأت إعادة النظر في استراتيجيتها الجيوسياسية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، من خلال نقل مركز ثقل مصالحها من سوريا إلى شرق ليبيا عبر سلسلة من الجسور الجوية العسكرية التي رصدها موقع “إيتاميل رادار” بين القاعدة الجوية السورية في حميميم ونظيرتيها الليبيتين في الخادم والجفرة.
وقبل أيام، قال موقع مجلة« فورين بوليسي» إن منشأة بحرية روسية بديلة، قد تتشكل أيضاً في ميناء طبرق شرق ليبيا.وأضاف في تقرير له أن البحرية الروسية تبحث عن ميناء تحت سيطرة حفتر، مشيراً إلى أن وسائل إعلام سورية ذكرت في أواخر يناير أن عقد إيجار روسياً لمدة 49 عاماً لميناء طرطوس السوري، قد تم إلغاؤه.
وأوضح الموقع أن إنشاء منشأة بحرية شرق ليبيا يسمح لموسكو بالاحتفاظ بقدراتها في غرب إفريقيا مع توفير مركز إستراتيجي ضد حلف شمال الأطلسي على البحر الأبيض المتوسط.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى القاعدة في معطن السارة، فإن موسكو تنقل معداتها إلى القواعد الجوية الليبية في الخادم والجفرة لتكون بمثابة مركز للعمليات في إفريقيا.
ولفت الموقع إلى أن القواعد الروسية الإستراتيجية في شرق ليبيا من شأنها أن تمنح حفتر المزيد من القوة في المفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة حول مستقبل ليبيا، ما قد يطيل أمد الجدول الزمني للانتخابات.
ويشير مراقبون إلى أن التوسع العسكري الروسي في ليبيا يعكس رغبة موسكو في تعزيز نفوذها في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، مستغلةً الفراغ الاستراتيجي الناجم عن التغيرات في الشرق الأوسط.
ويبدو أن روسيا تسعى لجعل ليبيا نقطة انطلاق رئيسية لعملياتها العسكرية والاستخباراتية، خصوصاً في ظل التنافس الدولي المتزايد على الموارد والنفوذ في القارة الإفريقية.
وقبل أسابيع، رجح تقرير لموقع “ميليتري أفريكا” أن ليبيا أصبحت تمثل قاعدة عمليات جديدة لموسكو في البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، مشيراً إلى منح حفتر في كانون الثاني/ يناير الماضي، القوات الروسية السيطرة على قاعدة معطن السارة الجوية بالقرب من الحدود بين تشاد والسودان.
وقاعدة السارة التي تقع أقصى جنوب ليبيا، هي آخر القواعد التي تشير تقارير استخباراتية إلى أن القوات الروسية بدأت الانتشار فيها.
وارتفع معدل الرحلات اليومية بين سوريا وليبيا، حيث يسعى المسؤولون الروس إلى مواقع بديلة بعد فقدانهم نفوذهم في دمشق. ووفقاً لاتحاد التحقيقات “كل العيون على فاغنر”، فقد رصدت أنشطة روسية في نحو عشرة مواقع في ليبيا، بما في ذلك ميناء طبرق، حيث تم تسليم معدات عسكرية. وأكد نقل روسيا رادارات وأنظمة دفاع من سوريا إلى ليبيا، بما في ذلك بطاريات إس-300 وإس-400 المضادة للطائرات.
_______________________