أحمد مصطفى

لا حقوق لهن ولا لأولادهن

تواجه نحو 15 ألف ليبية متزوجات من أجانب اشكاليتين: الأولى أنه عقب زواجها من غير ليبي يسقط قيدها في الأوراق الحكومية وبالتالي لا يُعترف بهويتها الوطنية وما يترتب عليها من ميزات للمواطنيين، أما الاشكالية الاخرى فتتعلق بـ رفض منح الجنسية الليبية للأبناء“.

داخل إحدى قاعات المنظمة الوطنية لأمازونات ليبيافي مدينة بنغازي، تخضع أكثر من ٢٠ سيدة لدورات تدريبية حول فنون الحياكة والتطريز، في خطوة هدفها إيجاد عمل لهؤلاء المعيلات لأسرهن. تجوب مدربة المنظمة على كل سيدة لإعطائها التعليمات الفنية وإصلاح الأخطاء حتى تتقن المتدربات فنون المهنة وينخرطن في سوق العمل.

وتتنوع برامج المنظمة التدريبة ما بين مجالات التصوير وصناعة الحلوى والموالح وفنون الحياكة، وكذلك التدريب على استخدام الحاسوب والتسويق الالكتروني. وفق قول مؤسسة المنظمة خديجة بسيكري، التي تضيف لـ النهار“: “بعد مرحلة التدريب نبحث لهن عن فرص عمل أو ندعم مشاريعهن الصغيرة بمعارض دورية وتسويق منتجاتهن، وبالإضافة إلى ذلك لدينا فريق للدعم القانوني لأولئك النسوة المنتميات إلى الطبقة الفقيرة“.

من بين المتدربات أم المعتصم (٣٩ سنة) التي تركها زوجها المصري وعلى كتفها طفلها، قبل نحو عقد، في خضم المواجهات المسلحة التي عانتها ليبيا عقب إطاحة نظام الرئيس السابق معمر القذافي، عائداً إلى بلاده بعد خمس سنوات زواج، لتجد نفسها عند مفترق طرق تواجه تحديات الإقصاء والتهميش، بالإضافة إلى عدم اعتراف السلطات الرسمية بإبنها.

تروي لـالنهارتفاصيل معانتها عندما اضطرت إلى العودة إلى منزل عائلتها المحدودة الدخل لتعيش أياماً صعبة تحت وطأة شكوى الأب من الأعباء المالية المضافة وتنمر المحيطين، وحتى بعض أفراد في العائلة، ومع مرور الأيام زادت المعاناة، فالمدارس الحكومية في ليبيا  تتلكأ في قبول أوراق طفلها بحجة رفض السلطات منحه جنسية أمه الممنوعة عنها ايضاً المنح والإعانات الحكومية“.

تكشف أم المعتصم عن صدمتها عندما رفض اتحاد كرة القدم في ليبيا، قبل شهور، انضمام نجلها إلى صفوف المنتخب الوطني تحت ١٧ عاماً لعدم حصولة على هوية وطنية، رغم مهاراته التي شهد بها مدرب المنتخب وحبه للعبة منذ الصغر“.

معاناة أم المعتصم تسلط الضوء على ملف الليبيات المتزوجات من أجانب الشائك، والذي ظل يراوح مكانه لعقود، قبل أن يعالجه قانون منح جنسية الأم للأبناءالذي أصدره القذافي بعد ضغوط وقبل شهور قليله من رحيله. لكن بعد سقوط النظام السابق وما اعقبه من انقسام سياسي عميق في البلاد، ترفض السلطات الحكومية المتعاقبة، تطبيق هذا القانون، تحت ذرائع مختلف.

لا هوية للأبناء

وتواجه نحو 15 ألف ليبية متزوجات من أجانب اشكاليتين: الأولى أنه عقب زواجها من غير ليبي يسقط قيدها في الأوراق الحكومية وبالتالي لا يُعترف بهويتها الوطنية وما يترتب عليها من ميزات للمواطنيين، أما الاشكالية الاخرى فتتعلق بـ رفض منح الجنسية الليبية للأبناء، وفق ناشطة ليبية متزوجة من عربي، لكنها رفضت الكشف عن إسمها، بعد قرار رسمي عُمم أخيراً بمنع التعامل مع جهات اجنبية.

وتلفت إلى أن ثمة قرارات حكومية لايتم تفعليها من بينها قرار اصدرته وزارة الصحة يسمح بعلاج أبناء الأجانب على كلفة الدولة. الأم الليبية وابناؤها من أجنبي، لاسيما الذين يعانون أمراضاً مستعصية كالأورام، يواجهون رفض المصحات والمراكز العلاجية الحكومية منحهم حقوققهم في العلاج المجاني، وامضيفة أن على العكس، فإن الليبي عندما يتزوج من إمرأة اجنبية يحصل وأبناؤه على كل حقوقه في بلده. هذا التمييز في المعاملة لابد من معالجته“.

حقي في موطني

وكانت منظمة الرونق للمرأة والطفلالتي تنشط في مدن ليبية عدة، أطلقت حملة حملت شعار حقي في موطني“. وتقول الناشطة الليبية أن هذه الحملة تهدف إلى رفع الظلم عن المتزوجات من غير ليبي وتسليط الضوء على حقوقهن المشروعة في بلدهن، لافتة إلى أن الاشكالية ليست فقط في السلطة وامتناعها عن تنفيذ القوانين والقرارت الرسمية، وإنما في نظرة مجتمعية متدنية للمرأة بصفة عامة والمتزوجة من غير ليبي خصوصاًنحتاج إلى تغيير في مفاهيم المجتمع سلوكياته تجاه زواج الليبية بغير الليبي“.

وعزت رئيسة المنظمة الوطنية لأمازونات ليبياظاهرة زواج الليبيات من أجانب إلى الفقر الذي تعانية أسرهن ما يجبرهن على قبول الزواج بأجنبي يسعى إلى الإقامة والاستقرار في ليبيا“.  وتوضح بسيكري خريطة توزيع هذه الزيجات ففي المنطقة الشرقية اأثرية الأزواج مصريون نظراً لإلى قرب الحدود والروابط العائلية بين المحافظات الحدودية، أما في الجنوب فغالبية الأزواج تشاديون، وفي غرب ليبيا أكثر تنوعاً والغالبية ينتمون إلى دول المغرب العربي“. وتوقعت أن تزداد حدة الظاهرة وتحدياتها مع تدفق المهاجرين على ليبيا خصوصاً السودانيين“.

وكثيراً ما سلطت منظمات حقوقية دولية من بينها هيومن رايتس ووتش، الضوء على القضية الشائكة. وأتوضح  الباحثة في المنظمة حنان صلاح، في تقرير أن حرمان أولاد النساء الليبيات غير المواطنين من الجنسية يضعهم أمام صعوبات منها الحصول على وثائق الهوية، إضافة إلى أن حقوقهم المدنية والسياسية محدودة للغاية، فهم ممنوعون من التصويت في الانتخابات، ومن الحصول على وظائف حكومية، واضامضيفة أن الليبيات لا يواجهن تمييزاً في ما يتعلق بأولادهن فحسب، بل أيضا عقبات في القضايا الخاصة بالميراث والطلاق، فضلا عن غياب الحماية القانونية الحقيقية عنهن ضد العنف الأسري والجنسي“.

_________________

مقالات مشابهة