عبدالله الكبير

هل انتهت أزمة المصرف المركزي؟

يبدو ذلك، لأن اتفاقا تم برعاية رئيسة البعثة الأممية في ليبيا ستيفاني خوري، ووقع عليه مندوبا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بعد الاتفاق على المحافظ الجديد ونائبه.

إذا نجح المجلس الرئاسي في إنجاز تغيير طال انتظاره، أو بمعنى أكثر دقة، نجح في دفع المجلسين إلى تفعيل مهمة من جملة مسؤوليتهما، وهي اختيار وتكليف شخصيات ذات كفاءة وقدرة للمناصب السيادية حسب الاتفاق السياسي.

المؤكد أن الاتفاق تم أولا بين الأطراف الفاعلة في الظل، بينما يظهر في الصورة أنه اتفاق تم بين مجلسي النواب والدولة، لأن آلية الاختيار كما نص عليها الاتفاق السياسي، تحتم المفاضلة بين عدة شخصيات مرشحة للمنصب السيادي، ومن ثم فإن دور المجلسين لم يتعد التصديق على من وقع عليه الاختيار بين المفاوضين الحقيقيين بعيدا عن كاميرات الإعلام.

اقتحام المجلس الرئاسي لحلبة الفعل السياسي كان قويا ومفاجئا وثابتا، فلم يتراجع عن موقفه بإقالة المحافظ السابق للمصرف، رغم كل الضغوطات كإغلاق النفط من قبل عصابات حفتر، والحملات الإعلامية المكثفة، وتأليب المحافظ السابق للبنوك والمؤسسات المالية الدولية بوقف التعامل مع المصرف المركزي، وانخفاظ قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية إلى مستويات مخيفة، بل مضى ممثل المجلس في مفاوضات اختيار المحافظ الجديد في رفع سقف الطلبات، إلى حد مطالبة مجلس النواب بالالتزام بكافة الإجراءات الدستورية والقانونية في جلسة المصادقة على الاتفاق.

 ومع استمرار أزمة المجلس الأعلى للدولة، وانقسامه الحاد حول انتخابات رئاسته الأخيرة، ورفض خالد المشري حكم محكمة جنوب طرابلس ببطلان جلسة الانتخابات، يبدو الطريق ممهدا أمام المجلس الرئاسي ليتبوأ موقع مجلس الدولة، ويصبح الطرف السياسي الممثل لطيف سياسي وعسكري واجتماعي واسع في المنطقة الغربية.

لأن عدم حسم مجلس الدولة ملف الصراع حول رئاسته بين محمد تكالة وخالد المشري، سيعطل المجلس عن أداء دوره الاعتيادي في مختلف الملفات المختلف حولها، باعتباره شريكا لمجلس النواب في إدارة العملية السياسية خلال المرحلة الانتقالية، حتى مع اعتراف عقيلة صالح رئيس مجلس النواب برئاسة خالد المشري للمجلس، لا يمكن لمجلس الدولة ممارسة دوره ونيل الاعتراف بقراراته ومواقفه.

فالبعثة الأممية لم تتواصل مع أي من الرئيسينفي أزمة ومفاوضات المصرف المركزي، ودعت رئيس اللجنة المالية واعتبرته مندوب مجلس الدولة في مواجهة المندوب الذي اختاره رئيس مجلس النواب.

نجاح المجلس الرئاسي في تغيير محافظ المصرف المركزي، والتأكيد على تكليف مجلس إدارة فاعل وليس مجرد ديكور، سيعيد للمصرف دوره المتوازن في إدارة الشؤون المالية والنقدية، وقد يدفع المجلس الرئاسي إلى اتخاذ خطوات أكثر جرأة لمعالجة الانسداد السياسي.

وقد تحدث موسى الكوني عضو المجلس بوضوح في لقاء نقله التلفزيون الرسمي، عن إجراءات إعلان حالة الطوارئ لإنقاذ الدولة إذا تهددتها مخاطر الانهيار، فتتدخل السلطة السيادية لممارسة مهام استثنائية، وتسحب الصلاحيات من الحكومات وكافة الأجسام، وتنتقل للجيش إذا كان قادرا وموحدا لينقذ الدولة.

وحتي إذا تردد المجلس الرئاسي في اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه، فالمؤكد أن كل الأطراف السياسية ستأخذ بعين الاعتبار التموضع الجديد للمجلس الرئاسي، وهذا وحده سيدفعها إلى العمل بجدية في كل الملفات العالقة، خاصة المسار الدستوري والانتخابات.

______________

مقالات مشابهة