اندلعت أزمة دبلوماسية في آب/ أغسطس الماضي بين مصر والحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا والتي تتخذ من طرابلس مقرا لها بعد طرد دبلوماسيين مصريين وإعلانهما شخصين غير مرغوب فيهما.
وأشار مصدر من وزارة الخارجية المصرية وآخر من جهاز المخابرات العامة إلى أن الأزمة مرتبطة بتواصل رئيس المخابرات المصرية مع الحكومة الليبية المنافسة في الشرق والمناقشات التي عقدت حول تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، بسحب موقع “ميدل إيست آي” البريطاني.
وعلم الموقع أن طرد الدبلوماسيين كان مرتبطًا بزيارة إلى بنغازي قبل أيام قام بها رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، والذي التقى حفتر.
وفقًا لمصدر استخباراتي مصري، تحدث مع الموقع، عقد كامل أيضًا اجتماعات غير معلنة خلال هذه الزيارة مع كل من أسامة حماد، رئيس وزراء الحكومة غير المعترف بها في الشرق، وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في شرق البلاد.
كما ناقشت اللقاءات تشكيل حكومة ترضى عنها القاهرة، وقال المصدر: “ناقشا تشكيل حكومة ليبية موحدة تسيطر على جميع الجبهات والمناطق في ليبيا، بشرط ألا يضم أعضاء هذه الحكومة أي مسؤولين سابقين“، موضحًا أن الاقتراح كان اقتراحًا مصريًا، ولكن تمت مناقشته فقط مع جانب حفتر.
وهذا يختلف عن اقتراح الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والذي لم ينفذه طرفا الصراع الليبي بعد. وأشار المصدر إلى أن هذه الخطوة أغضبت حكومة الدبيبة في طرابلس، لأنها تعني نية الإطاحة به من السلطة. لكن هذا لم يردع القاهرة عن توجيه دعوة رسمية لحماد لزيارة في آب/ أغسطس التقى خلالها مدبولي.
أثار هذا غضب حكومة الدبيبة، مما دفعها إلى الرد بعداء مفتوح تجاه القاهرة. وخاطبت وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، سفارة مصر في طرابلس، بشأن اثنين من موظفيها، معتبرة أنهما “غير مرغوب فيهما في ليبيا“.
وأكدت الخارجية الليبية أن “موظفين دبلوماسيين اثنين من البعثة الدبلوماسية بالسفارة المصرية في ليبيا، غير مرغوب فيهما على الأراضي الليبية“، مشيرة إلى أن الموظفين هما محمد الشربيني ومحمد حسني.
وطالبت وزارة الخارجية الشهر الماضي، بمغادرة الدبلوماسيين المصريين الاثنين من الأراضي الليبية خلال 72 ساعة، وهما يشغلان المستشار والسكرتير الثاني في السفارة المصرية في طرابلس.
*****
تعليقات مصرية على تصرفات “حكومة الدبيبة” ضد المخابرات المصرية
علق خبراء من مصر على طلب حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا من مسؤولين بالمخابرات المصرية مغادرة الأراضي الليبية.
وقال البرلماني والإعلامي المصري مصطفى بكري: “أمر غريب من حكومة عبد الحميد الدبيبة التي انتقدت مصر بسبب استقبالها رئيس الوزراء الليبي أسامة حماد للبحث في سبل التنسيق والتعاون المشترك بين الحكومتين“.
وتابع بكري في تصريحات لـ (أر تي) : “حكومة الدبيبة انتهت مدتها وشرعيتها بقرار من مجلس النواب الشرعي وحكومة أسامة حماد والتي تم انتخابها من مجلس النواب السلطة الشرعية الوحيده في ليبيا“.
وهاجم بكري قائلا: “حكومة الدبيبة مغتصبة للشرعية ولا يحق لها أن تحتج إطلاقا، وموقف مصر واضح وليس بجديد، حيث أن مصر لا تتعامل إلا مع القوى الشرعية“.
ونوه بأن الدور المصري المنتظر في ليبيا ينطلق من حرص مصر على وحدة الشعب الليبي ومؤسساته الشرعية وفي مقدمتها مجلس النواب والمؤسسة العسكرية والحكومة المنتخبة.
من جانبه، قال الباحث المصري في شؤون الأمن القومي أحمد رفعت في تصريحات لـ (أر تي): إن “قرار طرابلس عصبي وانفعالي ويعيدنا إلى أجواء تغليب الخطابة والشعارات وإثبات المواقف الوهمية والخيالية وإدمان الحضور والنضال الإعلامي“.
وتابع: “مصر لم تستقبل إرهابيين ولا لصوص للمال الليبي العام ولا هاربين من العدالة الليبية أو مطلوبين لها، مصر استقبلت عناصر تشكلت بقرار من البرلمان الليبي الذي يمثل الهيئة الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي“.
ونوه قائلا: “وبذلك تلتزم مصر بكافة المقررات التي صدرت من كافة الفعاليات التي اجتمعت وتناولت الشأن الليبي وأخرجت له قرارات مهمة مثل الصخيرات وبرلين والقاهرة والغردقة، ومصر التي استقبلت اجتماعات البرلمان الليبي ومجلس القبائل الليبية واجتماعات 5+5 واجتماعات دول الجوار الليبي لا تفعل شيئا يخالف أو يناقض الدستور الليبي ولا مقررات الصخيرات ولا أي شئ ضد إرادة أو مصلحة الشعب الليبي“.
وأكد رفعت أن “مصالح الدول والشعوب لا تدار بغياب الحكمة وهيمنة الانفعال فما بالكم وأن كان ذلك مع مصر الدولة الاكثر حرصا على مصالح ودماء وثروات الشعب الليبي وأثبتت التجارب وأثبت التاريخ أنها الأكثر إخلاصا للقضية الليبية“.
وكان رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح قد استنكر طلب حكومة الوحدة الوطنية من مسؤولين بالمخابرات المصرية مغادرة الأراضي الليبية، واصفا هذا التصرف بـ“غير المسؤول“.
_______________