أحمد الخميسي

تعمل وزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الليبية على إعداد الموازنة الاستيرادية للعام 2024 لمعالجة الخلل الحالي في الميزان التجاري بارتفاع حجم الواردات مقابل الصادرات، في الوقت الذي رأى فيه خبراء أن الموازنة رغم أهميتها إلا أن إعدادها يتطلب إجراءات تعالج الخلل والفساد الذي اعترى بعضها من قبل.

وقال المحلل الاقتصادي حسين البوعيشي إن الموازنة الاستيرادية حققت نجاحات خلال السنوات الماضية وذلك من أجل الحد من الطلب المتزايد على النقد الأجنبي“. وأضاف في حديث لـالعربي الجديد، أن هناك تجارب عملت بها ليبيا في الموازنة الاستيرادية سنة 1991 وكذلك 1999 وآخرها في سنتي 2017 و2018 وساهمت بشكل كبير في توفير السلع في الأسواق، مؤكدا أن لها تأثيرات إيجابية“.

من جانبه، أبدى الأكاديمي عادل المقرحي تخوفه من شبهات الفساد التي صاحبت الموازنة الاستيرادية سنة 2017 والتي ذكرها ديوان المحاسبة في تقرير سابق له“. وأضاف في حديث لـالعربي الجديد، أن الموازنة الاستيرادية تحتاج برنامج روشتة إصلاح اقتصادي مع إلغاء الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي“.

ويذهب المحلل المالي محمود سالم إلى أن الموازنة الاستيرادية تعتبر حلا لمعالجة توقف منظومة الاعتمادات المستندية بين الفينة والأخرى“. وقفزت الاعتمادات المستندية خلال عام 2023 بقيمة 12.5 مليار دولار، بزيادة قدرها 30.5% بالمقارنة مع عام 2022، وتعتمد ليبيا على استيراد معظم احتياجاتها من الخارج بنسبة 85% للسلع، بينما تعتمد بشكل رئيس في الصادرات على النفط.

وقال سالم لـالعربي الجديد، إن الموازنة الاستيرادية في ليبيا تشير إلى فارق بين قيمة السلع والخدمات التي تستوردها البلاد من الخارج وبين السلع والخدمات التي تصدرها، فإذا كانت قيمة الواردات تفوق قيمة الصادرات، فإن البلد يواجه عجزا في الميزان التجاري“.

اقتصاد إعداد الموازنة الاستيرادية

وتسعى حكومة الوحدة الوطنية لمعالجة الخلل في الميزان التجاري وذلك بعد تفاقم العجز في ميزان المدفوعات، الذي بلغ حتى نهاية شهر إبريل/نيسان الماضي نحو 7.4 مليارات دولارودعا رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الأسبوع الماضي، إلى ضرورة تنظيم أوضاع الجهات التابعة لوزارة الاقتصاد، وإعداد مقترح للموازنة الاستيرادية وفق الاحتياجات الضرورية من أغذية وأدوية وغيرها، وضرورة ممارسة الوزارة اختصاصاتها في هذا الشأن بالتنسيق مع المصرف المركزي“.

وقالت وزارة الاقتصاد في بيان، إن الوزير محمد الحويج بحث مع الدبيبة الإجراءات التنظيمية المقترحة لديوان الوزارة والجهات التابعة لها، والمقترح المعد للميزانية الاستيرادية للعام الجاري، والتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي بشأن التنفيذ، باعتبار الوزارة صاحبة الاختصاص الأصيل في إعداد وتنظيم الميزانية الاستيرادية وفق الإيرادات المقدرة من العملة الصعبة، وتحديد الاحتياجات من المواد الأساسية والاستهلاكية والبنود الأخرى“.

وتعتمد الموازنة الاستيرادية في ليبيا بشكل كبير على صادرات النفط التي تعد مصدرا رئيسيا للإيرادات في ليبياودعا صندوق النقد الدولي، في تقرير حديث له، إلى ضرورة إصلاح الحوكمة في القطاع العام بأكمله، مشيرًا إلى أن الفساد مصدر قلق مهم في ليبيا على الرغْم من التقدم الأخير في بعض مؤشرات الحكم، مؤكدًا ضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات لتحسين الحكم وسيادة القانون ومؤسسات مكافحة الفساد والإطار القانوني“.

وبلغت إيرادات ليبيا من النقد الأجنبي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024 نحو 6.4 مليارات دولار، بينما بلغ إجمالي الاستخدامات والالتزامات القائمة بالنقد الأجنبي نحو 13.8 مليار دولار، حيث توزعت الاستخدامات من النقد على 7.5 مليارات دولار لاستخدامات الدولة، منها 1.18 مليار دولار للمؤسسة الوطنية للنفط، والشركة العامة للكهرباء بنحو 313 مليون دولار، و27 مليون دولار مرتبات العاملين في الخارج، وحوالات لجهات أخرى بالإضافة إلى الالتزامات أخرى بـ5.5 مليارات دولار.

كما بلغ إجمالي استخدامات المصارف التجارية 6.28 مليارات دولار، منها الاعتمادات المستندية بـ3.62 مليارات دولار وحوالات بـ99 مليون دولار، والأغراض الشخصية 2.46 مليار دولار، وفق آخر بيان لمصرف ليبيا المركزي.

***

الخلافات تتجدد بشأن أكبر مصرف في ليبيا

عاد السجال حول المصرف الليبي الخارجي (أكبر مصارف ليبيا)، بين حكومة الوحدة الوطنية التي تؤكد أن المصرف شركة مساهمة ليبية، وبين مصرف ليبيا المركزي الذي يؤكد أن المصرف تابع له. وكشفت عدة مصادر من حكومة الوحدة الوطنية لـالعربي الجديدأنها تسعى لاستخراج سجل تجاري جديد للمصرف وتشكيل مجلس الإدارة، موضحة أن الموضوع محل نقاش في مجلس الوزراء حول الأسماء المطروحة.

وفي سياق متصل، اجتمع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مع رئيس مجلس إدارة المصرف الخارجي محمد عبد الله والمدير العام خالد القنصل، لمناقشة عدد من القضايا بشأن خطابات الضمان الممنوحة للشركات الأجنبية خلال السنوات الماضية.

وأشار خبر لمنصة حكومتنا إلى تفعيل دور المصرف الخارجي في دعم الأجهزة التنفيذية بفتح الاعتمادات المستندية، وتقديم خطابات الضمان، إلى جانب تفعيل برنامج الدعم التأجيري بواسطة إجراء الشركة المؤسسة من المصرف الخارجي بالشراكة مع عدد من المصارف التجارية والمؤسسات الاستثمارية.

وأكد المصرفي الليبي محمد الميلودي لـالعربي الجديدأن محاولة الحكومة السيطرة على المصرف الليبي الخارجي سوف تكون لها تداعيات سلبية على المصرف الذي يعاني مشكلات قانونية ومالية. في المقابل، رأى المحلل الاقتصادي عبد الهادي الأسود أن المصرف الخارجي شركة مساهمة ليبية ولها قانون خاص صدر في مطلع السبعينيات من القرن الماضي وتبعيته لمجلس الوزراء.

وأوضح في تصريحات لـالعربي الجديدأنه خلال فترات النظام السابق كان تكليف الجمعية العمومية للمصرف يكون عبر اللجنة الشعبية العامةولكن بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي وفق اللوائح الداخلية للمصرف.

وتودع المؤسسة الوطنية للنفط، الإيرادات في حسابها الجاري لدى المصرف الليبي الخارجي (مؤسسة مصرفية خارج ليبيا) رقم 28808، وبلغت الإيرادات من النقد الأجنبي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 6.4 مليارات دولار حتى نهاية شهر إبريل/ نيسان الماضي.

وفي عام 2020، حدث صراع بين حكومة الوفاق الوطني السابق برئاسة فايز السراج، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، على خلفية اتخاذ السراج قرارًا يقضي بتشكيل جمعية عمومية تتولى تسمية إدارة المصرف الليبي الخارجي، ما عده الكبير مخالفًا للقوانين واللوائح. ولكن مطلع عام 2021 عاد المصرف الخارجي إلى تبعيته للمصرف المركزي.

وتأسس المصرف الليبي الخارجي بصفته شركة مساهمة ليبية عام 1972، ويقدم عدة خدمات، أهمها القروض، وإصدار صكوك مصرفية وشخصية وغيرها. ويبلغ رأسمال المصرف نحو 23.4 مليار دولار، وهو منتشر في 26 بلداً حول العالم.

________________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *