محمد نصار
أثارت الحركات الإسلامية كثيراً من الآراء ليس على مستوى مصر فحسب، وإنما على مستوى العالم أجمع، بين مؤيد ومعارض ، وهذا يعني بأن التاريخ العربي الحديث لم يدون بعد بالشكل الذي جرت به الأحداث، ولكنه دون بأهواء الذين حكموا حتى يأتي جيل يُمحص ، ويعي ويفهم ما جرى فى بلادنا ، ليأتي بعد ذلك دور مؤرخين عدول بعدين عن النزاعات والأهواء الشخصية ليضعوا شهادة الشهود بجوار بعضها البعض ويقدموا الأصح منها للناس.
أما الذين يشتمون ويصرخون كلما ظهرت شهادة لا يرغبون فيها فإن التاريخ الذي سيحكم عليهم وعلى أفعالهم ومواقفهم ،وليس الذين يريدون التاريخ حسب أهوائهم وليس كما وقع، وهناك من يخلعون القدسية على بعض الحكام ويضعونهم فوق الأوطان ومصالح الشعوب، وهناك من يخلط بين الحاكم والوطن، ويختزل الوطن والشعب وربما الأمة والتاريخ في الحاكم، لكن وقائع التاريخ لها حقائق أخرى، لا يحتكرها أحد لنفسه أو حسب هواه، ومن حق كل كاتب أن يكتب شهادته للحقيقة والتاريخ والأجيال فى العصر الذي عاش فيه، ورأى بنفسه الحقائق، وبعد ذلك تأخد منها الشعوب ما تشاء وتترك ما تشاء.
ما هو مفهوم الحركات الإسلامية؟ وما الصعوبات والتحديات التي يواجهونها إقليمياً ودولياً؟ ولماذا فشلت هذه الحركات فى الحكم فى بلداننا العربية والإسلامية؟
وهنا في هذا المقال سنحاول بمشيئة الله الإجابة عن هذه الأسئلة .
ما هو مفهوم الحركات الأسلامية؟
هي حركات ظهرت بعد انهيار الخلافة الإسلامية، خاصةً بعد سقوط الدولة العثمانية،استنادًا إلى مرجعية إسلامية وتطرح غالبًا برامج سياسية تقوم على العودة لتطبيق الشريعة الإسلامية كأساس لعودة الأمة للنشاط الحضاري، أو تطرح عودة الخلافة الإسلامية لإعادة توحيد الأمة الإسلامية، ويُقسمها الباحثون عادةً إلى تيار إصلاحي وتيار ثوري.
والشخص الإسلامي في تعريفي هو كل من طبق الدين وتعاليم الدين الإسلامي فى المسجد ،والشارع، والملعب، وفى الحياة السياسية، والإقتصادية، والإجتماعية وصولاً لكافة ميادين الحياة، والإسلاميون بالرغم من وجود أخطاء لديهم في نظم الإدارة ومهارات التواصل أحياناً مع بعض الأشخاص، وربما فيهم نسبة من عشرة إلى عشرون بالمائة منهم طالبي سلطة،ومال، ومنافقون وهذه النسبة موجوة من أيام سيد الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنهم في المجمل خلقاً وسلوكاً وفكراً ، بل وجودهم كان وسيظل نعمة كبرى من الله–عز وجل– للدول العربية بل للإنسانية جميعاً ،والأمثلة بعيداً عن أي عاطفة او انحياز فالأمثلة والدلائل كثيرة وأكثر من أن تحصى.
الصعوبات والتحديات التي يواجهونها إقليمياً ودولياً؟
أولاً: هم اليوم يواجهون حملة مسعورة من الصهيونية العالمية، ومن حلف الرذيلة وأنا أسميه حلف الرزيلة، لأن أصحاب الرذيلة والفواحش والمنكرات والمستبدين والديكاتوريين وأدواتهم من جلادين، وضباط ،ومخابرات، وإعلاميين يسبحون ليل نهار بحمد الحكام، ولا يخجلوا من النفاق والإطراء العلني للحكام على حساب الشعوب، بل وعلى حساب الدين والعقيدة ،ومن المنافقين من المشايخ، أو إن شئت فقل من يلقبوا بالمشايخ وهم لا يعلموا شيئاً عن تعاليم الدين الإسلامي لأنهم ذهبوا يطلبوا رضا الحاكم، ورضا البيت الأبيض، عن رضا الله عز وجل، وكل هؤلاء حول العالم قد تحالفوا ضد هذه الحركات الإسلامية التى تهدد وجودهم وخططهم الاستخرابية فى وطننا العربي وعالمنا الإسلام .
ثانياً: علاوة على كل هذا العلمانيون ،وأنا أسميهم (حزب الوسكي) الذين يخافون أن يزول الوسكي من الحياة، ويتألمون لنقصان الدعارة والعري فى رمضان، فيسعون جاهدين على إقامة مسلسلات الخراب الأخلاقي، وتصدير إنحلال القيم في أبهى الصور، وذلك لأن أحفاد أبليس لابد وأن يقوموا بدور أجادههم من شياطين الإنس فى شهر رمضان المبارك، حتى لا يتركوا الناس يتوبوا من ذنوب العام بأكمله فى هذا الشهر الفضيل، فيقوموا بعرض شتى المسلسلات التي تدافع عن الزنا والدعارة، وشرب الخمور، والمخدرات، والمثلية الجنسية، وتقدم كل المحرمات بأجمل الأشكال والمبررارت الساقطة التى تدافع عن مرتكبي هذه المنكرات، حتي يقوموا بسد فجوة تقييد أجدادهم من الشياطين فى شهر رمضان، ويفعلوا ذلك كي يقوم المشاهد بأخدهم قدوة حسنة له، وتسهل فى عقل المشاهد كل هذه المحرمات.
وأتصور بأن الهدف الأكبر لأحفاد إبليس (لعنة الله) فى رمضان والذين يعملون عند إبليس بلإنابة، بأن ينالوا من المؤسسات الإسلامية مثل الأزهر الشريف، هذه المنارة التي تضيء الدنيا كلها بنور الإسلام وتعاليم الدين الحنيف (كمسلسل فاتن أمل حربي) الذي حاول أن يشوه صورة الأزهر وعلمائه العظماء ومقدمي الفتوى، من خلال تصوير شيخ بقسم الفتوى بأنه يتمايع مع متلقى الفتوى.
ويأتى مسلسل (بطلوع الروح) ليشوه الإسلام بكل صوره، وفي مشهد سخيف يظهر مدى التناقض، بأن تقوم إلهام شاهين بجلد أحدى النساء لتصل رسالة إلى المشاهد مفادها بأنه فى حالة وصول الحركات الإسلامية سيقوموا بجلدكم؟
وأنا هنا أتقدم إلى المذكورة بسؤال منذ متى وأنتى متبرجة ؟؟؟أتصور منذ اكثر من ثلاثين عاما ،هل قام أحداً بجلدك؟؟؟؟
ومن أهم الأهداف الكبرى لهذه الأحزاب الشيطانية هي إسقاط هيبة الإسلام ،والمسليمن، والحركات الإسلامية، حتى يرهبوا الناس من كل ما هو مسلم ،وكل ما هو مصلح في الأرض ، حتى يصلوا لجيل لا يحب الإصلاح فى الأرض ويدافع عن الرذيلة ويفعلها دون خجل، أو خوف من الله عز وجل ، ويكره كل ما هو إسلامي، وهنا أعني أنه أصبح حتي صورة الشيخ الملتحى عنده على أنه إرهابي وظلامي وبأن أعضاء حزب الوسكي، وأحفاد إبليس هم أقرب إليه لنفسه الأمارة بالسوء حتى تنعم نفسه بالملذات والشهوات ، وحتى يكون بجوارهم في جهنم..
ثالثاً : عصابات الدعارة والمخدرات والجريمة المنظمة، والعلمانيون والملحدين والمتطرفين، وهم الخطر الحقيقي على الإنسانية والبشرية جميعاً، ويجب أن يلصق بهم الأرهاب الحقيقي، وليس مصطلح الأرهاب الواهي الذى يلقونه العلمانيين على الحركات الاسلامية، والحركات الإسلامية تقف شامخةً أمام كل هؤلاء، لتمنعهم من إكمال مخططهم الإستخرابي التدميري للهوية الإسلامية، ومن الجدير بالذكر بأن إمكانيات الحركات الإسلامية ضعيفة مالياً وإعلاميً وأمنيً مقارنة بأحزاب الوسكي والصهيونة العالمية.
رابعاً : الفنانين والإعلاميين (أصحاب الأفكار الهدامة) ضمن حلف الرذيلة، يدخلوا بورطة تاريخية سيلعنهم التاريخ لإنهم سعوُا جاهدين لدمج أفعال شاذة لداعش ،على أنها من الاسلام ،وهناك من تورط اكثر من ذلك الورطة كبيرة، لأنهم يدخلون تفكير جديد كتابة جديدة عن القرآن، وتشريعاته وأحكامه ويتطاولوا عليها بالسب والاستهزاء علناً على قنواتهم، وهناك من يطعن فى الحجاب واحكام الشريعة وثوابتها، وسط صمت تام من الأجهزة الأمنية محلياً ودولياً، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على موافقة ورضى حكامنا من الطغاة العرب (أقصد مندوبي البيت الأبيض، والمملكة المتحدة)..
لماذا فشلت هذه الحركات فى الحكم فى بلداننا العربية والإسلامية؟
فشلت أغلب الحركات الاسلامية فى الوصول للحكم فى بلداننا العربية والإسلامية ،ومن وصل منها للحكم فشل في الإستمرار والبقاء حتى المدة الشرعية له وذلك للأسباب الأتية:-
أولاً: عدم وجود القوة التي تحمي نتائج الانتخابات وتضمن استمرار شرعية الصندوق الذي يمثل الشعب..
ثانياً: التشويه الإعلامي الهائل الذى تعرضت ومازالت تتعرض له هذه الحركات من شيطنتهم، وتخوينهم، وإلصاق التهم لهم ، مما يؤثر على عقلية المواطن العادي (عوام الناس) فى عداوة منه تجاه كل ما هو إسلامي، وهم يمثلوا النسبة الكبرى، أكثر من نصف الشعب في أى بلد كانت على الأرجح، وبذلك لا يستطيعوا الوصول بأفكارهم إلى جميع فئات الشعب ، واقتصار تأييد النخب الحقيقية من الشعوب والمخلصين لهم وهم لا يمثلوا أكثر من ربع الشعب .
ثالثاً: عدم وجود ديمقراطية حقيقية في بلداننا العربية والإسلامية ، تسمح بتداول السلطة بشكل حضاري، وتفعيل الشفافية ،والرقابة، والعدالة، والمسألة وهيمنة الحكم العسكري على السلطة وتخوين كل مطالب بتسليمهم السلطة للمدنيين ،وينصبوا أنفسهم أوصياء على الشعوب، ليتمكنوا من نهب مقدرات الشعوب وخيراتها.
رابعاً: الحظر الدولي لهم ووضعهم على قوائم الإرهاب تارة، ومنع الانتقال تارة أخرى ،وتقيدهم مالياً وإعلامياً، وغيرها من الوسائل لعرقلة وصولهم إلى السلطة، حتى لا يهددوا المصالح الصهيونية والأمريكية في العالم .
خامساً : تعمد السلطات والحكومات الديكتاتورية في بلداننا العربية إقصاء الحركات الإسلامية في الشكيل الحكومي والوزاري أثر ذلك سلباً على الحركات الإسلامية وأفقدهم الخبرة المطلوبة لإدارة شؤون الوزارات ومعرفة دهاليز السلطة، وكيفية إدارة البلاد حينما تسمح الفرصة لذلك ، ثم بعد ذلك يتم توجيه اللوم لهم على نقص خبراتهم فى إدارة شئون البلاد ليظهروا أمام الشعب بأنهم مقصرين وعلى غير الكفاءة.
سادساً : عدم استخدم الحركات الإسلامية العنف ضد معارضيهم ومنتقديهم ويحاولوا تطبيق الديمقراطية لشعوب مؤرثت عليها كل أنواع القمع والعنف والديكتاتورية، مما يعطى انطباع لدى المخربين وأحزاب الخراب والأفكار الهدامة بأنه لا يوجد عقاب ضدهم من الحركات الإسلامية ويقوموا باستغلال ديمقراطية هذه الحركات فى ممارسة الوقاحة، والسب ،والتطاول، وإثارة البلبلة،والفتن .
وهذا ما شهدناه بعد ثورات الربيع العربى، وما تبعها من وصول الحركات الإسلامية للحكم ، وتعمد إفشالها من المنظمات العميقة وأصحاب المصالح الدنيوية، وتعمد عدم العمل معهم لإنجاح المنظومة الديمقراطية، ليعيشوا بعدها فى ظلام الحكم العسكري دون التفوه بلفظ واحد يمس الجنرالات، لأنهم يعلموا بأن هذه الأنظمة العسكرية والليبرالية لا تعلم شيء عن الديمقراطية ، وأن العقاب سيكون قاسياً ومكلفاً للغاية في حاله الصدام معهم ، ومصر وتونس، والجزائر، والسودان، والعراق ،والسعودية، والإمارات، والبحرين وغيرها…. من الدول التي لا تتمتع بشيء من الحرية ولا يعلموا بأن الديمقراطية الحقيقية هي ( السيادة للشعب).
وفى الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير والتحية لكل مناضل ضحى بروحه، وحريته، وماله، وأهله فى سبيل الدفاع عن دينه، وأرضه، ووطنه ،وعرضه
وأدعو الله أن يحفظ بلادنا وأهلنا في كل مكان، وأن يحرر المسجد الأقصى الأسير.
***
محمد نصار ـ باحث بالمعهد القومي للتخطيط المصري
________________