أكد محققون تابعون للأمم المتحدة أن المرتزقة الروس في ليبيا خرقوا القوانين الدولية من خلال زراعة الألغام في المناطق المدنية دون تحديد مواقعها أو محاولة إزالتها، وفقا لما نقلته صحيفة “ذا غارديان“.
وذكرت الصحيفة البريطانية تفاصيل التقرير السري للأمم المتحدة، والذي يفترض نشره خلال الأسابيع المقبلة، وأشارت إلى أنه أكد أن المرتزقة ضمن المجموعة المعروفة باسم “فاغنر” التي أشار مسؤولون في دول الغرب مرارا إلى ارتباطها بالكرملين، زرعوا عبوات مضادة للدبابات برفقة ألغام، وأنهم كانوا مسؤولين عن مقتل عاملي مناجم كانوا موظفين لدى منظمة غير حكومية.
ويرجح المحققون أن مرتزقة “فاغنر” زرعوا متفجرات في دمية محشوة على شكل دب بحي سكني في مدينة طرابلس، وفقا لما نقلته “ذا غارديان” عن التقرير السري.
وستعمل اللجنة الأممية المعنية بمراقبة أي مخالفات للأسلحة ضمن العقوبات المفروضة على ليبيا، على تنبيه زعماء الغرب من مخاوفها بشأن أنشطة مجموعة “فاغنر” في أفريقيا.
ويشمل التقرير الذي اطّلعت عليه “ذا غارديان” 13 شهرا، من مارس عام 2021 إلى أبريل من عام 2022، إلا أن الاتهامات بزرع الألغام في المناطق السكنية تعود إلى الفترة التي دعمت بها المجموعة محاولات خليفة حفتر للتوسع في طرابلس في بداية عام 2020.
واستخدم عناصر “فاغنر” كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمضادة للدبابات لحماية مواقعهم في تلك الفترة.
ووفقا للقانون الدولي كان يتوجب على “فاغنر” أن تحدد مواقع الألغام وأن تحذر سكان الأحياء، وأن تزيلها بعد الانسحاب من المنطقة خلال الأسابيع التالية، وذكرت “ذا غارديان” أن عدم قيامها بكل ما سبق يشكل جريمة حرب وفقا لمعاهدات فيينا.
وكشفت اللجنة الأممية أن مرتزقة “فاغنر” تجنبوا اتخاذ الاحتياطات السابقة عندما زرعوا 35 لغما أرضيا في المناطق المدنية التابعة لبلدية عين زارة في طرابلس، وذكرت أن “الفشل في تجنب أو على الأقل التقليل من أضرار الحوادث لانفجار الذخائر المستخدمة للسكان المدنيين.. يؤكد أن أسلوبهم في الحرب غير قانوني“، وفقا للتقرير.
وأكد المحققون أن مرتزقة المجموعة لم يحاولوا “بتاتا” العمل ضمن القانون الدولي، عقب انسحابهم من منطقة عين زارة في طرابلس، حيث تسبب لغم أرضي بقتل مدنيين اثنين في طريق جنوبي طرابلس كان يستخدمه المدنيون.
وذكرت “ذا غارديان” أن بعض نتائج التحقيق أتت من كمبيوتر لوحي تركه عناصر المجموعة خلال انسحابهم، والذي حصل عليه صحفيون وفحصه الفريق الأممي.
وتتضمن الجهاز وثيقة بعشر صفحات من يناير 2020، ذكرت قائمة بالأسلحة والمعدات التي استخدمتها المجموعات الفرعية من “فاغنر” في ليبيا، بالإضافة إلى أسماء مستعارة لمرتزقتها.
وتضم الأسماء “المدير العام” الذي حدده المحققون بأنه يفغيني بريغوزين، الذي تؤكد الولايات المتحدة أنه ممول “فاغنر” الرئيسي، وهو من النخبة الحاكمة “الأوليغارش” المقربين من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الملقب بـ “طباخ بوتين” حيث يتردد أن الزعيم الروسي يفضل مطاعم الرجل المنتشرة في روسيا. وكان بريغوزين قد نفى في حديث مع “ذا غارديان” في وقت سابق علاقته بـ “فاغنر“.
وأكد التحقيق الأممي وجود العديد من الانتهاكات الحقوقية من قبل عناصر عدة خلال النزاع الذي أتى بعد 11 عاما من الإطاحة بنظام معمر القذافي.
ورغم أن ليبيا لن تشهد قتالا منذ حوالي عامين، إلا أن أنشطة العشرات نت الجماعات المسلحة لا تزال تزعزع الأمن في الدول المجاورة.
وقال التقرير إن “التواجد المستمر للمقاتلين الشاديين والسودانيين والسوريين والشركات العسكرية الخاصة في الدولة لا يزال يشكل تهديدا جسيما لأمن ليبيا والمنطقة“.
واختتم المحققون الأمميون تقريرهم بالتأكيد على أن حظر الأسلحة المفروض على ليبيا “عديم الفعالية” ،“أنه لا يملك تأثيرا رادعا“.
ونشرت “ذا غارديان” تقريرا، الشهر الماضي، حول مراسلات عسكرية في مالي كشفت علاقة “فاغنر” بسلسلة من المجازر، كما تعرضت المجموعة ذاتها إلى اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في جمهورية أفريقيا الوسطى خلال قتال مرتزقتها مع القوات الحكومية ضد الثوار.
وتواجه “فاغنر” اتهامات بقتل مدنيين خلال الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا.
واعترف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مؤخرا أن المرتزقة متواجدة في ليبيا “لأسباب تجارية” إلا أنه أعاد التأكيد على موقف موسكو بأن المجموعة لا علاقة لها بالحكومة الروسية.
ويرجح الخبراء أن هناك حوالي ألفين من مرتزقة روسيا في ليبيا، أي أقل بألف مما كان عليه الحال قبل عامين عندما كان القتال في أشده بالدولة.
______________