الذين قفزوا على الثورة الليبية وشوهوا قيمها 

اسمحوا لي إيها الأخوة الافاضل والأخوات الكريمات بهذه السطور والكلمات التي أرجو ألا اكون متحامل بها على جهة ما أو أحد، ولكن من حق الشعب الليبي أن يقف متأملا ومحللا ومستقرئا لمستقبل يبدو أشد قتامة، فالحقيقة المرّة التي يحاول البعض تجاهلها  أن هناك فجوة في واقعنا الليبي الذي لم نشكله بإرادتنا بل شُكِّل رغماً عنا بأشخاص وأطراف وقوى داخلية وإقليمية وأجنبية، وقام من قفزوا على الثورة الليبية يمسكون بمشارط ويشرعون في تمزيق جسد الوطن والنسيج الاجتماعي.

ورغم أن الثورة كانت مجرد عجينة لم تتخمر لتـتشَـكَّـلَ على مهل تشكيلاً يناسب الواقع الذي نطمح إليه بعد عقود من الإستبداد وتدمير البلاد والعباد، فقد قفز من ردنا مراراً إلى الوراء حتى وصل الأمر بنا إلى أن حارب الليبي الليبي، تحت شعارات واكاذيب واقاويل ليس لديها المصداقية الكاملة، بل روّج لها إعلام “القذارة السياسية” الفاقد لأي شكل من أشكال الموضوعية والحيادية بواسطة نوعيات من الرجال والنساء من قمامة المجتمع وعديمي المبادئ وفاقدي القيم.

قامت الثورة ووجد الشعب الليبي نفسه يشاهد سباق ماراثوني بين الذين قفزوا إلى سطح الأحداث من أشخاص وأسماء من الرجال والنساء يتزاحمون حول الظهور والتشكيل المؤقت للسلطة الانتقالية، والكثير منهم لاعلاقة لهم لا بالثورة ولابقيمها ولم يكن لديهم ايّ مواقف مما كان يجري من الظلم والجور والإستبداد والدكتاتورية وحكم الفرد تحت دكتاتورية وتسلط القذافي، بل الكثير منهم كان لا صوت لهم تجاه غياب ابسط صور العدالة وقيم ومبادئ الحرية الإنسانية.

لقد وجدنا اشخاص من الرجال والنساء من المحامين، والصحفيين، والتجار ورجال الأعمال، وآخرين ممن تصالحوا مع المجرم القذافي الذي نكّل بالشعب الليبي وأبنائه بأبشع الصور مع ذلك قبلوا باستمراره في السلطه والحكم هو أبنائه، ولم يغب عن هذا المشهد الجديد بعض من كانوا في “اللجان الثورية” التي عاثت فساداً وظلماً وقهراً ضد الشعب الليبي وأبنائه في الداخل والخارج.

كما شاهدنا من يركبون قارب الثورة  وكانوا فى الواقع مجرد أدوات في ما يسمى بالنظام الجماهيري رغم حصولهم على الشهادات العلمية العليا في بداية تكوّن المشهد السياسي للثورة، ورأى الشعب الليبي كيف تحول مذيعين ومذيعات من إعلام المجرم القذافي المظلل والفاسد وقد خلعوا اثوابهم المزيفة ولبسوا اثواب أخرى لكي يتصدروا الفضائيات الليبية المدعومة من الخارج، والمأساة كانت عندما قفز اشخاصاً  قدّموا فروض الولاء والطاعة إلى جانب الدكتاتور القذافي حتى بعد قيام الثورة ثم وصل بعضهم إلى أعلي المناصب والوظائف الرسمية.

هؤلاء الذين قفزوا على الثورة كان همهم الوحيد هو كيفية الحصول على الكراسي والوظائف والمناصب وتحقيق مصالحهم الشخصية، هولاء حتى اليوم هذا همهم الآن من الرئيس؟ .. من الوزير؟ .. من المدير؟.  وأين موقعهم في الوظائف وفي سلم السلطة؟ .

هؤلاء يهتمون فقط بوضعهم و حالهم ومصالحهم، ولم ولن  يلتفتوا طوال السنوات العشرة الماضية إلى الآم وهموم ومعاناة مواطنيهم ولا إلى مصلحة بلادهم وكيفية النهوض بها، هؤلاء جميعاً للأسف الشديد ليس فيهم أمل ولايرجى منهم شئ مفيد للوطن وأهله.

إن الذين قفزوا على الثورة غير المحصنة قد غرسوا إبر الشؤم في جسدها حتى لا تقوم من جديد، وحتى لا يتم إنتاج سيناريوهات الماضي الإستبدادي البغيض ويُعاد تاريخ الظلم نفسه مرة أخرى، فسوف يبقى تيار الثورة الليبية من الرجال والنساء الشرفاء والاوفياء وكل من ضحى بروحه وحياته من الشهداء والأبرار هم الأصدق للوطن وأهل الوطن .

*********

أدارة التوحش ..

حفتر قتل الكاني لينصب باشاغا .. وترك المغفلين عراة من الحجة والحديث وحتى من ورقة التوت يلوكون شعار ( الكرامة وجيشنا طوق نجاتنا ) !! .. كما كان في 2011 يقاتل مع المجموعات الإسلاموية ويعتبرهم (ثوار) ثم أنقلب عليهم  بأمر غربي بأعتبارهم ( أرهابيين ) .

باشاغا قتل محمد بعيو ” شريخان ” ليحتضن حفتر .. وترك المغفلين يبتلعون الحسرة ويلوكون شعار ( الدولة المدنية ولا لحكم العسكر ) !! .. كما كان يقاتل مع المليشيات المسلحة ويعتبرهم ( ثوار ) ثم أنقلب عليهم بأمر غربي ويعتبرهم ( مليشيات خارجة عن القانون ) .

نعمان لن يردد كلمة ( المتمرد ) والمصراتي لن يردد كلمة ( العجلاتي ) وأنتهى فصل من خديعة ( ربيع الأوديسا ) بأصفار معاركها التي فسّرها عقيلة بأنها ( حرب خاطئة ) وشرعنة باشاغا ( رئيس ) وإلغاء خدعة ( الأنتخابات ) وتأييد المسماري بأن ماحصل ( أنتصار وطني ) لعله يزور ( جزيرة الفرناج ) بدون مؤتمر صحفي وخريطة توضح دعم تركيا ( للأرهاب ) ودعم باشاغا ( للمليشيات ) .. حتى إشعار أخر ، يقرر اللاعب الغربي ( قلب المعادلة والتحالفات والشعارات ) ..

نجحت ستيفاني بأمتياز، لكن ليس النجاح الذي يراه المغفلين بشعارات الكرامة والدولة المدنية والاستقرار ، بل نجاحها في ترتيب مسرح العمليات والوصول إلى شفا جولة صراع أخرى أشد فتكا ، ضمن نظرية الفوضى الخلاقة ، ومن يقول لن تكون حرب قادمة ، هو مغفل كالذي يقول ستيفاني جاءت لإجراء أنتخابات نزيهة ، والأفريكوم قرر أنهاء المليشيات الاجرامية .

بعد أن قالت أمريكا تم القضاء على داعش في العراق وسوريا ، أرتال أرهابية تهاجم محافظة ديالي بالعراق وتقتل 11 جندي ، وأرتال أخرى تهاجم سجن الحسكة بسوريا خلف مقتل أكثر من 500 من الطرفين ، المثير أن القوات الكردية ( حليفة أمريكا ) في بيان رسمي ووفق معلوماتها تتهم مباشرة أن تركيا وراء دعم الهجوم الأرهابي ، كذلك في العراق جاء الهجوم الأرهابي متزامن مع قصف تركي لمواقع عراقية بها القوات الكردية النظامية ولم تتعرض لأي تحركات لداعش ..

سردت لكم هذا .. لتفهم ماذا يخطط المشروع الغربي في ليبيا .. وقبل العاجل ترقبوا تحركات أرهابية معلنة .. ( أدارة الفوضى ) وكما قال المؤلف ماكس بلومنتال في كتابه ( أدارة التوحش : كيف غذت دولة الأمن القومي الأمريكية صعود القاعدة وداعش ودونالد ترامب )

كل ماسردناه وماتراه مبادرات أستقرار ، من شرعنة المليشيات الاجرامية ( أجهزة أمن وكتائب جيش ) وشرعنة العملاء والقتلة واللصوص ( رؤساء حكومات وقادة جيش ومدراء مؤسسات ) وشرعنة تجار الدين ( دار أفتاء وأئمة وفقهاء ) وشرعنة نخب الإرتزاق المجندين ( منظمات مجتمع مدني وأحزاب ) وشرعنة بائعي الذمم والضمائر ( قنوات إعلام ومحللي سياسة ومستشارين ولجان حوار ) .. كل ذلك يأتي ضمن ( أدارة التوحش ) لأنه يقود إلى الحروب الأهلية والوصاية الخارجية .

لاتغرقوا في تفاصيل زرائب ( مجلس النواب ، مجلس الدولة ، مجلس رئاسي ، قيادة جيش ، حكومة وطنية ) لأنها كلها مجرد أدوات رخيصة ومأجورة للاعب الغربي تنفذ خرائط ( أدارة التوحش ) تحت شعارات الأستقرار والأنتخابات والمصالحة ، كما كانت حرب ( الغزو الأمريكي ) باليورانيوم المنضب تحت شعارات التحرير والديمقراطية وحماية المدنيين.

___________

المصدر: صفحات التواصل

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *