من تغريدات على البشير حمودة

خلال رحلة علاج قمت بها هذا الأسبوع خارج الوطن وقفت خلالها على معاناة ومأساة رفاق لنا بذلوا كل ما يملكون وامتطوا صهوة الغربة مكرهين لا مختارين وعانوا مرارتها مضافاً إليها كل ما يرهق الجسد ويجهد الفكر وينتزع الأمن والهدوء والراحة لا يفرقون في ذلك بين ما يلاقونه ويلاقيه الوطن.

وحين هبّ الليبيون في فبراير لإسقاط عدوّ الجميع وسبب المشكلة، بادروا وأنفقوا وجمعوا التبرعات واستنهضوا المنظمات وتحركوا نحو الوطن يحملون الآمال والمال والسلاح، وانطلقوا عبر وسائل الإعلام يُعرّفون العالم بقضية ومعاناة الوطن.

أتحدّث عن مناضلين شرفاء عرفتهم وخبرتهم وجمعتني بهم ميادين الغربة والكفاح ولا يزالون على مبادئهم وقيمهم ومُثلهم، وجدتهم اليوم غرباء عن الوطن تحسبهم في بحبوحة عيش وهم يدفعون الضرائب ويرهقهم وصل الليل بالنهار ليوفروا لقمة حلال وقرش كرامة.

بعضهم لا يملك ثمن العودة إلى وطنه لأنه أنفق جميع ما لديه، وبعضهم لا يجد ورقة تثبت له جنسية زوجته وأبنائه، وبعضهم اقتسم أهله ميراثه وحقه في أبيه وأمه، واتهموه بخلق مشكلة لهم.

وبعضهم ينتظر تأشيرة دخول (إلى وطنه)، وحين يدخل؛ يعامل معاملة الغريب المشكوك في أمره فيُؤمر بالاصطفاف مع الغرباء.

وبعضهم بدأ يُحس بمرارة الجحود والنكران، ويصدمه واقع لا يصدقه، ولا تزال تلاحقه تهم ومصطلحات العهد البغيض، من قبل من لا يميزون ولا يقدّرون مشاعر وأحاسيس البشر.

ومنهم من مات بحسته وغصته، حين رأى من كان يطارده بالأمس يتبوأ المناصب أما هذا فما زال اسمه على قائمة الممنوعين والمطلوبين.

يا ترى متى ستنتهي هذه المعاناة؟

وهل من عقلاء أوفياء يقفون مع هؤلاء؟ الذين لهم في أعناقنا حق وأمانة ودَين؟

، إنّ هؤلاء لهم أبناء وبنات وزوجات وحقوق وممتلكات وقدموا أغلى ما يملكون

ومن نكون وكيف سيصفنا التاريخ حين لا ننصفهم ولا نكرّم شخوصهم وجُهدهم.

ليست المسألة مسألة مادّة وأموال، ولكنها تقدير وعرفان واحتضان في حضن الوطن الحبيب.
______________

المصدر: صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *