هناء عوض
لم تعرف البلاد الليبية منذ الاستقلال سنة 1951 نشأة أي حزب أو نشاطه بفعل حالة الحظر في العهد الملكي وفي عصر معمر القذافي. وغياب الخبرة التاريخية يؤثر بقوة اليوم على أداء الأحزاب السياسية إلى جانب حالة الفوضى القائمة ، ولكن هذا لا يمنع من القول أن هناك أحزاب تؤثر بقوة في الحياة السياسية وتتعامل مع الأطراف الدولية والداخلية ولها قواعدها الشعبية.
قبل 2011 لم تكن ليبيا ساحة للتجاذب السياسي ولم تكن فكرة تأسيس أحزاب سياسية في الداخل مطروحة لعدة اعتبارات منها ما قررته السلطة بإلغاء الأحزاب تجنبا لأي إشكالات داخلية البلد في غنى عنها أخذا في الاعتبار التعقيدات القبلية والمناطقية.
الأحزاب السياسية في ليبيا لم تكن موجودة قبل ثورة السابع عشر من فبراير بعدما كان مهيمن على الحكم نظام معمر القذافي ، و لكن الآن تشكلت احزاب عديدة للمشاركة في المسار الديمقراطي .
في زمن نظام القذافي ، كان النظام السابق نظاماً لا يسمح بالتعددية الحزبية ولا بالهيئات ولا النقابات ولا التجمعات، وكان قمعياً مع من يخالفه الرأي. فكل من تحوم حوله شبهة معارضة النظام فهو معرض لأشد أنواع العقوبات، من سجن وحرمان وربما إعدام.
وعقب صدور قانون الأحزاب، كان عدد من الأحزاب الليبية على الاستعداد للإعلان عن تأسيسها في مؤتمرات مختلفة، إذ شهد العام 2012 م، في الأشهر التي سبقت انتخابات المؤتمر الوطني العام، طفرة في إشهار عدد من الأحزاب، تنافست فيما بعد في انتخابات المؤتمر الوطني، وتحصل كل منها على مقاعد فيه.
بعض الأحزاب الليبية المعروفه :
حزب الليبيين الأحرار:
هو أول حزب سياسي ليبي تأسس بعد ثورة 17 فبراير ذو توجه ليبرالي , والحزب يتكون من عدد من اطياف المجتمع الليبي عرب و تبو وطوارق وأمازيغ, برئاسة المحامي محمد إبراهيم العلاقي وحسب اعلان تاسيس الحزب فان الحزب تنصب اهتماماته على النساء والشباب , وكذلك قيام دولة المؤسسات الدستورية وسيادة القانون تعتمد على اقتصاد وطني حر مع ضمان العيش الكريم لكل الليبين, ومن اعضاء الحزب د.فتحي البعجة و د.سعد المريمي والمحامي أنور فكيني والمحامية نيفين عبد الحميد, والمحامي عبد السلام قديمش .
حزب تحالف القوى الوطنية:
شهد أواخر شهر فبراير من عام 2012 تأسيس عدد من الأحزاب والمنظمات لتحالف أطلق عليه حزب تحالف القوى الوطنية، وترأس هذا الحزب محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي، ويعد هذا الحزب من أكبر الأحزاب على الإطلاق، وقد حظي بدعم داخلي وخارجي كبير.
شارك حزب التحالف في العملية الانتخابية التي جرت في يوليو 2012م، وحصل على أعلى نسبة من أصوات الناخبين بلغ 39 مقعدا في المؤتمر الوطني العام. وحقق نتائج مهمة في انتخابات البرلمان سنة 2014 ويميل هذا التحالف إلى الفكر الليبرالي، في السنوات الأخيرة أضعفته كثيرا من المشاكل وأثرت على أدائه مما اضطره إلى عقد مؤتمر في الأردن لتجديد قيادته وتغيير اسمه ليصبح” التيار الوطني”.
وعقب الانقسام السياسي في 2014م، أيد حزب التحالف عملية الكرامة التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لا سيما بعد هزيمة لواء القعقاع في طرابلس الذي يتزعمه عبد المجيد مليقطة، رئيس المكتب السياسي للحزب، إثر أحداث فجر ليبيا التي شهدتها العاصمة.
كان من الأهداف الرئيسية والأساسية لتحالف القوى الوطنية والذي طرحت في ميثاقه خوض إنتخابات المؤتمر الوطني العام والمشاركة في صياغة الدستور عبر محاولة الدخول في الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي وذلك لإرساء قواعد الدولة المدنية الديمقراطية على حد وصف رئيس الحزب محمود جبريل.
حزب العدالة والبناء:
تأسس حزب العدالة والبناء في بداية مارس 2012 م وهو حزب ذي مرجعية إسلامية ،ويعتبر الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين، وانتخب محمد صوان رئيسا للحزب.
فاز بالمرتبة الثانية في انتخابات المؤتمر الوطني العام ، وحصل على نسبة أصوات الناخبين فانتزع بذلك 17 مقعدا من مقاعد المؤتمر الوطني العام.
أما نتائجه في انتخابات البرلمان فقد كانت ضعيفة.
أيد الحزب عملية فجر ليبيا في العاصمة طرابلس التي قضت على لواءي القعقاع والمدني، المتحالفين مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وعارض عملية الكرامة في الشرق الليبي، الأمر الذي وضع أعضاءه في المنطقة الشرقية في مرمى استهداف قوات حفتر.
من مبادئ الحزب: يؤمن الحزب بأن الإسلام دين الدولة، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع.
حزب الجبهة الوطنية:
هو مرتبط بالجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المعارضة سابقا لنظام القذافي ،والتي تأسست في أمريكا سنة 1981 بعد نضال لمدة ثلاثة عقود ضد حكم القذافي، تحولت الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا إلى حزب الجبهة الوطنية في شهر مايو 2012، وانتخب إبراهيم صهد الذي أصبح فيما بعد عضوا في المؤتمر الوطني العام رئيسا للحزب. يصنف حزب الجبهة الوطنية مع الأحزاب الليبرالية. معارضاً في الوقت نفسه النظام الفيدرالي.
يقود الحزب السيد محمد يوسف المقريف ،شارك الحزب في انتخابات المؤتمر الوطني العام وفاز بمقعدين .ولازال له حضور فاعل إلى اليوم بفعل قياداته المتمرسة في العمل السياسي .
حزب الاتحاد من أجل الوطن:
تأسس الحزب سنة 2016 ولا يحظى بامتداد جماهيري مهم، وهو يكافح اليوم من أجل البقاء.يضم الحزب في قيادته وجوها سياسية وإعلامية معروفة على غرار الدكتور صلاح البكوش. وهو من الأحزاب المحسوبة على ثورة فبراير.
يتزعم هذا الحزب عبد الرحمن السويحلي، عضو المؤتمر الوطني العام ورئيس المجلس الأعلى للدولة فيما بعد، ومقعد السويحلي في المؤتمر الوطني هو المقعد الوحيد للحزب.
حزب الرسالة:
انبثق حزب الرسالة عن حركة التجمع الإسلامي، المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين أوائل تسعينيات القرن الماضي، ومثل الحزب في المؤتمر الوطني العام محمد عماري زايد، الذي أصبح عضوا في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ، يعرف هذا الحزب انكماشا في الأداء ولا يحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة ويصارع من أجل المشاركة في الاستحقاق الانتخابي القادم
حزب الوطن:
هو حزب سياسي ليبي ذو مرجعية إسلامية تأسس بعد سقوط نظام معمر القذافي سنة 2012 ، من بين أهم قادته المؤسسون هو عبد الحكيم بلحاج أحد قادة الثوار البارزين ورئيس المجلس العسكري لطرابلس السابق.
فاز الحزب بمقعدين في انتخابات المؤتمر الوطني العام.
ولازال له حضور على الساحة وتعمل قيادته من الخارج وينسق سياسيا مع التجمع الوطني الليبي.
يدعو الحزب إلى “نظام ديمقراطي معتدل يكفل حقوق جميع المواطنين ويضمن التعددية، وإلى تطبيق الشريعة الإسلامية.
لا يزال للحزب ظهور إعلامي خاصة في بياناته من الأحداث السياسية، وهو من الأحزاب المعارضة لعملية الكرامة شرق ليبيا.
حزب التغيير:
في مايو من عام 2012 تأسس حزب التغيير، وهو حزب ليبرالي ، لكن الحزب أعلن على لسان رئيسه جمعة القماطي عدم مشاركته في انتخابات المؤتمر الوطني العام، والتفرغ للبناء الداخلي للحزب.
ويظل هذا الحزب يصارع في الواقع ولا يبدو أنه سيكون له حضور في المستقبل.
يؤيد الحزب حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ويعارض عملية الكرامة، وله فروع في مختلف المناطق الليبية.
حزب التجمع الليبي الديمقراطي:
أعلنت مجموعة من مختلف شرائح المجتمع الليبي في شهر سبتمبر 2018 بالعاصمة طرابلس عن تأسيس التجمع الليبي الديمقراطي، ويتزعم هذا الحزب رجل الأعمال الليبي حسونة طاطاناكي مالك قناة ليبيا أولا الشهيرة التي ساهمت في تأجيج الشارع الليبي اثناء المؤتمر الوطني العام، التجمع ذو توجه ليبرالي ومعاد للتيار الإسلامي.
ويدعو الحزب إلى ضرورة حل أزمة ليبيا عن طريق انتخابات برلمانية ورئاسية، مطالبا الليبيين بالعمل على تحقيق هذا المطلب.
للحزب فروع في مختلف المدن الليبية، وله مبادرات سياسية مختلفة آخرها تجمع القوى الوطنية المنعقد بالجمهورية التونسية المدة الماضي.
حزب التجمع الوطني:
شهدت مدينة بنغازي تأسيس نخبة من المجلس الوطني السابق، والمكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني، إعلانه من وسط مدينة بنغازي يدل على الموافقة لتأسيسه من قبل اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كما أن أبرز أعضائه المؤسسين وعلى رأسهم عضو المجلس الانتقالي السابق فتحي البعجة، والعضو السابق بالجبهة الوطنية للإنقاذ ابريك سويسي من داعمي عملية الكرامة.
تجمع المشروع الوطني:
وفي أواخر ديسمبر 2018 شهدت مدينة طرابلس تأسيس نخبة من الأكاديميين والسياسيين لحراك تجمع المشروع الوطني الذي أعلن في بيانه التأسيسي عن دعمه لمدنية الدولة ومعارضته لعسكرتها، وتبرز في هذه الحراك أسماء بارزة على المستوى السياسي والدبلوماسي، قادت وزارات مختلفة في الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الرحيم الكيب، وهم وزير الصناعة محمود الفطيسي، ووزير التخطيط عيسى التويجر، ووزير الاتصالات أنور الفيتوري.
تيار ليبيا الدولة:
تزامن ذلك مع تأسيس مجموعة أخرى لتيار ليبيا الدولة الذي يقوده القيادي السابق باللجان الثورية، محمد بعيو الذي يعمل حاليا مستشارا إعلاميا لمحافظ مصرف ليبيا المركزي بطرابلس
يهدف التيار بحس بيانه السياسي إلى دولة مدنية ديمقراطية يتساوى فيها الجميع، اما البيان شن حملة شديدة على الأحزاب الموجودة في الساحة الليبية، واصفا إياها بأحزاب الإيديولوجيا والأشخاص.
لكن المتابع للحساب الشخصي لقائد هذا التيار يدرك تأييده لعملية الكرامة وقائدها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وشنه هجوما لاذعا على تيار الإسلام السياسي، رغم دعوته إلى بناء دولة مدنية تسع الجميع.
الائتلاف الدستوري:
تأسس الائتلاف سنة 2018 ويقوده الدكتور عبد الحميد النعمي أستاذ العلوم السياسية ووزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني سنة 2015 . يعمل هذا الحزب الذي أصبحت له قاعدة شعبية على تكريس دولة القانون .ويؤمن بالمرجعية الدستورية الذي يسعى إلى تكريسها كضمانة لبناء ليبيا جديدة.
يضم الحزب في قيادته شخصيات سياسية مهمة وهو محسوب على أحزاب الثورة
التكتل الوطني الديمقراطي :
ويقوده الدكتور على الصلابي. تأسس التكتل بداية سنة 2018 .تستند مرجعية الحزب إلى فكرة المصالحة الوطنية الشاملة وهو يشتغل على هذا الملف وتمكن من تكوين قاعدة شعبية مهمة بالنظر لسمو الفكرة . يضم الحزب في قيادته شخصيات من مرجعيات مختلفة تجتمع حول فكرة التعايش بين الليبيين بعيدا عن العنف والإقصاء ،هذا الحزب يؤمن بدولة القانون والمؤسسات.
الجبهة الشعبية :
هو حزب محسوب على أنصار النظام السابق ويمثل خط سيف القذافي الذي لا يقوده عمليا.
تأسست الجبهة سنة 2016 وانطلقت كتنظيم عسكري حيث أسر قائدها مبروك احنيش في عملية جنوب العاصمة سنة2017 .أعلنت الجبهة أنها سترشح سيف القذافي للانتخابات الرئاسية القادمة.
هذه الجبهة أو هذا الحزب ينشط على الساحة ولها أنصار يؤمنون بمشروع ليبيا الغد الذي اشتغل علية سيف القذافي قبل الثورة.
حركة المستقبل :
ومؤسسها السيد عبد الهادي حويج وهي محسوبة على النظام السابق . تحظى هذه الحركة بنصرة فئة من أنصار القذافي وتشتغل في الحقل السياسي والفكري وتحاول التأقلم مع الواقع الجديد دون القطع مع الماضي ، دخلت الحركة مجال العمل السياسي سنة 2016 .
تجمع الوحدة الوطنية :
ويقوده الدكتور محمد أحمد الشريف وهو أكاديمي ليبي اشتغل لفترة طويلة مع القذافي. جمع السيد الشريف حوله خبراء وأكاديميين ويشتغل على فكرة تجاوز الماضي وتوحيد صف الليبيين بعيدا عن التعصب الفكري والسياسي.
الحزب لازال في بدايته وقد يتمكن في المستقبل المنظور من كسب عدد مهم من الأنصار من مختلف الجهات بفعل شخصية مؤسسه المقبولة من النخب ومن عامة الناس.
الأحزاب الضعيفة الحضور
– حزب القمة ومؤسسه السيد عبد الله ناكر
– ليبيا الجديدة . ومؤسسه السيد رمضان بن عمر
– التيار الوطني . ومؤسسه السيد محمد عبد اللطيف الهوني المقيم في بريطانيا
– حزب الوفاق الوطني
– حزب التنمية والرفاه الديمقراطي
– الحزب الليبي للتنمية
– حزب الاستقلال المحافظ
– حزب الوسط الليبي
– حزب شباب ليبيا
– حزب التيار الوسطي الوطني
– حزب التضامن الليبي
ومع إعلان البعثة الأممية لدى ليبيا عن انتخابات برلمانية ورئاسية ، شهدت البلاد عودة لدور الأحزاب السياسية وتأسيس أخرى جديدة تشابهت في المبادئ والمنطلقات التي نصت عليها بياناتها التأسيسية.
وهناك إجماع بين الناس و توافقاً كبيراً على قضية إخفاق الأحزاب والواجهات السياسية، ما بعد فبراير أخفقت إخفاقاً ظاهراً، واهم
أسباب إخفاق الاحزاب :
– لم تضع الأحزاب رؤية واضحة المعالم للخروج بالشعب الليبي من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة.
-الانفصام الشديد بين الشعارات التي ترفعها الأحزاب وبين التطبيق العملي والممارسات التي تمارسها تلك الأحزاب.
-المصالح الحزبية مقدمة على مصلحة الوطن والمواطن.
-تولي المناصب في الدولة الليبية مبني على الانتماء الحزبي وليس على المهنية والكفاءة.
-الخطاب الإعلامي لتلك الأحزاب والمتمثل في بعض القنوات ساهم بشكل كبير في زيادة الأزمة، ولم يرتقِ إلى مستوى بناء وطن.
-الصراع المحموم بين الأحزاب على النفوذ والسلطة.
-إقصاء غالب النخب الوطنية التي لا تنتسب بشكل أو بآخر إلى تلك الأحزاب.
-بروز بعض القيادات في تلك الأحزاب والتي لم تكن محل ترحيب عند الليبيين لخلفياتها الفكرية، أو ارتباطها بالنظام السابق، أو دخولها في منظمات أو تنظيمات محل جدل.
-فقدان تلك الأحزاب للقاعدة الشعبية التي لم تر مصداقية شعارات تلك الأحزاب.
-هذه أهم الأسباب التي جعلت الناس تنفر أشد النفور من تلك الأحزاب، مهما تنوعت واختلفت شعاراتها، ولعله من هذه الحيثية تحديداً صار من الضروري للمخلصين والوطنيين إيجاد بديل يجمع بين تحقيق رغبات وطموحات الناس وبين العمل المهني المنظم.
______________