محمّد السنوسي
تتسم العلاقة بين مفوضية المجتمع المدنيّ في ليبيا، ومنظمات حقوق الإنسان بأنّها علاقة معقّدة. فهي:
أوّلا: غير واضحة المعالم؛ نتيجة عدم التزام المفوضية باختصاصاتها، وغياب قانون ينظم عمل المجتمع المدني، وتدخّل جهات أخرى في عمل المفوضية والمنظمات والجمعيات الأهلية؛
وثانيّا: فبسبب حداثة تجربة المجتمع المدني الليبي؛ نجد أن كثيرا من المنظمات غير الحكومية والناشطين المدنيّين يعملون دون دراية كافية بحقوقهم القانونية وسقف تحرّكاتهم وعملهم.
وفي هذا الإطار، يسعى هذا المقال إلى تسليط الضوء على ممارسات المفوّضيّة التي قد تؤدي إلى تقييد عمل منظمات حقوق الإنسان.
نظرة عامة على نشأة ودور مفوضية المجتمع المدني
مفوضية المجتمع المدني “هي الجهة المخوّلة قانونًا بقيد وإشهار الجمعيّات والمنظّمات والمؤسّسات المدنيّة”. ومِن ثَمَ فهي “سلطة حكومية تُشرف على تنظيم عمل المجتمع المدني”.
وتأُسّست المفوّضيّة في 2012 وفق قرار مجلس الوزراء للحكومة الانتقاليّة (المنبثقة عن المجلس الوطني الانتقالي) رقم 12 لسنة 2012، تحت اسم “مركز دعم منظمات المجتمع المدني” وحُدِّدت اختصاصات المركز (المفوضية لاحقًا)، وأُقرّ له: الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، كما قُرّرت تبعيّته إلى وزارة الثقافة والمجتمع المدني.
لاحقًا، أصدر المجلس الرئاسي (المنبثق عن اتفاق الصخيرات، وحكومة الوفاق الوطني) قرارًا جديدًا بشأن “تنظيم مفوّضية المجتمع المدني وتقرير بعض الأحكام” وحمل رقم 1605 لسنة 2018.
وقد أكدت المادة الثانية من القرار “الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة” للمفوضية، ومنحها سلطة “إنشاء فروع أو مكاتب وفقًا لحاجة العمل”، كما أكد القرار تبعية المفوضية لمجلس الوزراء.
وأشارت المادة الثالثة إلى أن اختصاصات المفوضية تشمل “تعزيز حرية المواطنين في تأسيس منظمات المجتمع المدني غير الحكومية والانضمام إليها، المحافظة على القواعد الدولية والمبادئ العامة التي وضعتها المواثيق الدولية الموقعة عليها الدولة الليبية”
وبالرغم من أن القرار 1605 المذكور أعلاه ينص على ضرورة “المحافظة على القواعد الدولية والمبادئ العامة التي وضعتها المواثيق الدولية الموقعة عليها الدولة الليبية فيما يخص نشاط المفوضية”؛ فإنه على صعيد الممارسة نجد أن المفوضية واللوائح المنظمة لعملها، لا تلتزم باحترام المعايير الدولية لحرية التنظيم وتكوين الجمعيات.
على سبيل المثال، يجب على المنظمات، وفقا للمادة 57 في باب المنظمات الأجنبية من القرار 286 لسنة 2019، إخطار المفوضية مسبقًا وفي مدة لا تقل عن أسبوعين في حال رغبت في تنفيذ أي نشاط، بما في ذلك الندوات والمؤتمرات وورش العمل والحملات وأعمال الدعاية والنشر.
وينبغي أن تقوم المنظمة بتزويد المفوضية ببيانات عن المستهدفين بالنشاط، ومعايير اختيارهم، ومحتوى المطبوعات والأعمال الدعائية. ونلاحظ في هذه المادة أن المفوضية أصبحت تحظى بسلطة واسعة وشرعية، تسمح لها بالتدخل في أنشطة المنظمات وتقييد حريتها.
وفيما يتعلق بجمع “بيانات المستهدفين”؛ فتثير المخاوف بشأن تعرض المشاركين في أنشطة المنظمات – سواء من المدافعين عن حقوق الإنسان أو غيرهم – للتحقيق أو مشكلات ذات طبيعة أمنية.
ومؤخرًا أضافت مفوضية المجتمع المدني مستندًا جديدًا إلى أوراق تسجيل الجمعيات وتجديد الترخيص، حيث يتم إجبار مؤسسي المنظمات على توقيع ورقة يتعهدون فيها بـ “عدم التعامل مع السفارات والقنصليات الأجنبية في الداخل والخارج والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية بكافة صور التعامل سواء كان ذلك بعقد الاجتماعات واللقاءات، أو توجيه الدعوة لهم، أو تلبية دعواتهم، أو توقيع أي اتفاقيات أو معاهدات أو عقود بشكل عام ]…[ إلا بعد الرجوع وطلب الإذن والموافقة من مفوضية المجتمع المدني وكذلك الجهات ذات العلاقة وفقًا للتشريعات والقوانين الليبية”.
وبالرغم من أن التعامل مع السفارات والقنصليات يقع في صلب عمل منظمات المجتمع المدني؛ فإن المفوضية تسعى لمنعها من ممارسة هذا الحق ومن التواصل الفعّال مع الشركاء الإقليميين والدوليين، خاصة فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان في البلاد.
علاوة على ذلك، فإن هذا القيد التعسفي من شأنه حرمان المجتمع المدني الليبي من اكتساب الخبرات التي يحتاجها لتطوير وبناء قدراته.
ووفقًا لمركز مدافع لحقوق الإنسان، توجهت مفوضية المجتمع المدني إلى إدارة القانون، وهي هيئة قضائية تتبع المجلس الأعلى للقضاء، لاستطلاع رأي الإدارة حول مدى أحقية المفوضية في وضع ضوابط عمل منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنبية غير الحكومية، وفقًا لما جاء بنموذج التعهد.
وفي 4 نوفمبر 2020 قام المستشار محمود الكيش، رئيس بإدارة القانون، بالرد بما يدعم قرارت المفوضية، إذ يرى أنه لا يجوز للجمعيات الأهلية إجراء أي اتصال بالجهات الأجنبية “إلا عن طريق وزارة الخارجية”.
وجدير بالذكر أن الأساس القانوني الذي تم الاستناد إليه للوصول لهذه الخلاصة المثيرة للجدل هو القانون رقم 2 لسنة 2001 الخاص بالعمل السياسي والقنصلي. وبالرغم من كل هذا، فإن التوقيع على “التعهد” لا يضمن الموافقة على إصدار الترخيص أو تجديده.
وتتناقض تلك الممارسات مع فكرة المجتمع المدني؛ إذ تضع مزيدًا من القيود والعراقيل على نشاطه، وتُضّيق الخناق على حرية تكوين الجمعيات التي تكاد تفقد استقلاليتها خلال محاولة إخضاعها لسيطرة الدولة، ممثلةً في مفوضية المجتمع المدني.
الحاجة إلى قانون للجمعيات الأهلية
إن غياب قانون ينظم عمل مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا، ويكون ملتزمًا بالمعايير الدولية لحرية التنظيم وتكوين الجمعيات، يُعَدُّ سببًا رئيسًا في العراقيل التي تواجه عمل المجتمع المدني، إذ باتت المنظمات ضحيّة اللوائح وما تفرضه من قيود تفرضها السلطات السياسيّة وفقًا لمصالحها.
وبالإضافة إلى المفوضية، تتعرض المنظمات غير الحكومية، لا سيّما تلك العاملة في مجال حقوق الإنسان، لانتهاكات جهات أخرى رسميّة مثل الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية، وغير رسميّة “المجموعات المسلحة المختلفة”.
في هذا السياق، أعرب محمد أبو عرابة، وهو ناشط مستقل ومدافع عن حقوق الإنسان في مدينة طرابلس، عن موقفه تجاه العراقيل التي تواجه منظمات المجتمع المدني ومدى تأثير ممارسات المفوضية في الحق في تكوين الجمعيات: شهدت طرابلس قبل إصدارالقرار رقم 286 لسنة 2019 مساحة شبه حرة لمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات والجمعيات الخيرية؛ الأمر الذي أتاح لها إنشاء كياناتها المستقلة وإقامة فعالياتها بشكل مستقل وحر.
ولكن بعد هذا القرار صُدمنا بمجموعة من الشروط التي تقيّد عملنا. وقد تفاقمت القيود بعد فرض التوقيع على “التعهد” بعدم التعامل مع أي أطراف أجنبية أو تلقي منح ومعونات إلا بعد موافقة المفوضية.
وفيما يخص إجراءات المفوضية المتعلقة بعمل الجمعيات وإصدار التراخيص وتجديدها، قال أبو عرابة: يجب على المفوضية تعديل القوانين والقرارات؛ لأنها ساهمت في تقليص والحد من أنشطة المنظمات داخل مجتمعاتها؛ حيث لا توافر لها الحماية اللازمة للقيام بأنشطتها، وتعرضها للمساءلة من قبل الأجهزة الأمنية دون أي وجه حق، كما أن إجبار المنظمات على توقيع “التعهد”، يفقدها استقلالها و يؤدي إلى تقييد تحركاتها وعرقلة أنشطتها.
وفيما يتعلق بسبل تحسين العلاقة بين المفوضية والمنظمات وكيفية بناء الثقة بين الطرفين، أكد أبو عرابة ضرورة “مد جسور الثقة بين المجتمع المدني والدولة أولاً، والمتمثلة في رئاسة الوزراء والبرلمان، وثانيًا تحسين العلاقة بين المنظمات ومفوضية المجتمع المدني؛ عبر صياغة قوانين مرنة تحفظ للجمعيات حقها في ممارسة مهامها وأداء عملها، وحمايتها من تدخلات المؤسسات الأمنية والمجموعات المسلحة”.
ولا تقتصر تلك الممارسات القمعيّة ضد منظمات المجتمع المدني، على ما تمارسه المؤسسات الأمنيّة؛ بل امتدّ ذلك إلى المؤسسات الدينيّة أيضا، ممثّلة في “الهيئة العامة للأوقاف” التي هاجمت منظمة “تاناروت” ببنغازي بسيل من الفتاوى والتهديدات والتلفيقات والتحريض، حيث اتهمت المنظمة بـ “الإساءة للدين الإسلامي” وبأنها من “أذناب الغرب”؛ الأمر الذي أسفر عن استعداء الرأي العام ضدّ المنظمة والعاملين فيها.
وقد حدث الهجوم على تاناروت وسط تقاعس من مفوضية المجتمع المدنيّ التي يُفترض منها أن تسعى إلى “توفير البيئة والمناخ الملائم لعمل المنظمات المحلية والأجنبية في أداء أنشطتها وبرامجها داخل ليبيا، تعزيز حريّة المواطنين في تأسيس منظمات المجتمع المدني، المحافظة على القواعد الدولية والمبادئ التي وضعتها المواثيق الدوليّة الموقعة عليها الدولة الليبية فيما يخص نشاط المفوضية”.
هذا التقاعس والضعف في أداء دورها الأساسي واختصاصاتها القانونية في تنظيم المنظمات غير الحكومية، سمح لجهات أخرى بالتوغّل وملء الفراغ؛ مثل بعض الممارسات التي تقوم بها وزارة الداخليّة وبعض الجهات التابعة لها.
وفي النهاية، تدفع منظمات حقوق الإنسان الثمن بوقوعها تحت طائلة مزيد من الانتهاكات، دون أن تتخذ مفوضية المجتمع المدني أية خطوات ملموسة لحمايتها أو مساءلة الجهات المنتهِكة.
خاتمة
من أجل تعزيز حرية تكوين الجمعيات والقضاء على العراقيل التي تواجه منظمات حقوق الإنسان واستقلالها وإصلاح العلاقة بين مفوضية المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية – لا بد من إصدار قانون ينظم عمل المجتمع المدني، بما يتماشى مع المعايير الدولية، وبالتشاور مع منظمات حقوق الإنسان الليبية، والاستفادة من الجهود التي بذلتها في هذا الصدد خلال السنوات الأخيرة. هذا بالإضافة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتوحيد مجلسي إدارة مفوضية المجتمع المدني في طرابلس وبنغازي؛ لتصبح مؤسسة رسمية واحدة تخدم العمل المدني والأهلي والخيري في كل ربوع ليبيا.
وأخيرًا، لا بد من توافر الإرادة السياسية لتوفير بيئة عمل آمنة للمدافعين عن حقوق الإنسان، ووقف التحريض ضدهم في وسائل الإعلام، وكذا إيقاف استغلال الفتاوى الدينية في الهجوم على النشطاء والمنظمات، بالإضافة إلى حماية منظمات المجتمع المدني والعاملين فيها من تدخلات الأجهزة الأمنية ومضايقات المجموعات المسلحة.
***
محمد السنوسي ـ كاتب من ليبيا
__________
Быстрая покупка диплома старого образца: возможные риски
[url=https://eco-sistem.com/product/]Инсинератор Brener[/url] — это бренд, которому доверяют. ЭКОСИСТЕМЫ создаёт технику, которая не подводит даже в самых жёстких условиях. Работает в минус сорок, не боится перегрузок, жрёт отходы — как пылесос. Это не просто установка — это сила под капотом.
texasnews365.com
Demystifying Counterfeit Hermès Purses: A Thorough Analysis
The domain of high-end accessories has always been mesmerized by Hermès
handbags, particularly their renowned Kelly and Birkin models.
These sought-after pieces embody prestige, craftsmanship, and uniqueness, with prices varying from $10,000
to exceeding half a million dollars for special editions.
With such high worth and desirability, it’s not surprising that Hermès has grown into one of the frequently counterfeited designer names in the global market.
The History of Hermes
Created in 1837 as a equestrian store in the French capital, Hermes began by
creating fine leather horse riding gear. The brand’s dedication to outstanding artisanship was formed from the beginning and continues
to be their trademark today. Each Hermes craftsperson requires no
less than 24 months of apprenticeship before they can produce their first handbag,
exemplifying the company’s devotion to quality.
The renowned Kelly was introduced in 1935 (first called the “Sac a depeches”), while the celebrated Birkin emerged in nineteen eighty-two following a unexpected encounter
between Hermes chief executive Dumas and icon Birkin on a flight
from France to the UK.
The Growth of Imitation Hermes Handbags
The extraordinary demand and steep prices of genuine Hermes
bags have generated a significant industry for knockoffs. Current research suggest that as many as ninety percent of all Hermes Birkin and Kelly
handbags available on websites aren’t actually real, causing significant difficulties for buyers seeking the authentic
item.
Current copycats have become more and more clever,
utilizing sophisticated processes to make persuasive counterfeits that can be
hard to separate from authentic products at initial inspection. These replicas vary from
obvious obvious fakes to high-quality replicas that replicate many elements of real Hermès handbags.
How to Authenticate Authentic Hermès Handbags
When analyzing a Hermes bag to assess its authenticity, specialists
evaluate several critical aspects:
1. Craftsmanship and Fabrics
Genuine Hermes purses are artisan-made with the finest grade materials and
superior attention to detail. The leather should feel soft and pliable with a unique earthy aroma that replicators can’t duplicate.
The hardware should be solid, crafted from gold-plated metal that won’t wear or flake easily.
2. Stitching
One remarkable detail is that because real Hermès handbags are hand-stitched,
the thread work should indeed have some irregularities.
Imitations are commonly machine-sewn, so they are absolutely uniform with one another.
Hermes employs a unique saddle-stitch style derived from their saddle-making
history.
3. Branding and Imprinting
The Hermès logo marking should say “Hermès Paris Made in France” on three lines with sharp sharp imprinting.
On fake Hermes bags, the logo would appear odd, oversized, or squared and might
have fuzzy borders or irregular positioning.
4. Hardware and Features
The metal components on genuine Hermes purses features characteristic
aspects like exact markings, high-end fasteners, and securely secured base studs.
Hermes creates its proprietary zippers, so you should not see a third-party brand or another brand’s mark on the zipper.
5. Validation Signs
Remarkably, Hermes doesn’t issue certification cards with their purses.
They have never and certainly never will. If you’ve acquired a Hermes handbag and received an authenticity card with it, it is certainly a fake.
The Moral Implications
The replica business creates serious moral issues. While replica handbags may look alike to real ones,
they are manufactured without the quality standards, fair working
standards, or environmental guidelines that authentic high-end brands adhere to.
Additionally, the replica industry has been linked to
illegal operations and worker mistreatment.
Conclusion
For those who respect the craftsmanship and history of Hermès,
understanding the disparity between real and imitation purses is vital.
Whether investing in for financial or individual satisfaction, knowing how to recognize genuine Hermes artisanship allows ensure that you’re acquiring what you
pay for – a piece of designer style heritage made with incomparable expertise and care.
If you’re thinking about purchasing a Hermès bag, the most reliable way is to purchase straight from Hermes or from reliable retailers
who provide thorough authentication services and certificates of authenticity.
… [Trackback]
[…] Here you will find 67683 additional Information on that Topic: manarlibya.com/2021/05/10/ليبيا-نحو-إصلاح-علاقة-مفوضية-المجتمع-ا/ […]