يا رسول الله ـ صلى الله عليك وسلم
علوت فليس يدركك الثنـــاء فأنت النور يسطع و الضيـاء
و أنت الشمس ليس لها حجـاب و أنت البدر ليس به خفــاء
و أنت المصطفى يجلوك فيض من الأنوار جلله السنـــاء
تباه الأرض أن آوتك فخــرا و تغبطها لموضعك السمـاء
أهم بمدح شخصك يا حبيبــا فيمنعني جلالك و البهـــاء
و حسبك مدحة قرآن ربـــي و ما اجتمعت عليه الأنبيـاء
* * * *
رسول الله لست بذي بيـــان فليس لما أكابده عنــــاء
جلالك معجز و أنا عيــــي و إن حاولت يصرفني الحياء
أحوم حول ذاك النور جهــدي فيبهرني بروعته الضيـــاء
فان تأذن بفيض منك نحــوي فأشرع في مديحك ما أشـاء
و ابلغ منه من أرجو و تأتــي روائع فيك يبدعها الوفـــاء
و يظهر حسنها حب و شــوق و تجلوها المهابة و الوضـاء
و ينشر عطرها في الكون حـاد له في كل ناحية دعــــاء
بحبك يا حبيب الله يشــــدو فتهتز الكواكب و السمـــاء
و تنتفض البسيطة في هيــام و إحلال و يختلج الفضــاء
* * * *
أتأذن يا رسول الله أنــــي بباب الشوق يحدوني رجـاء
اسلم هائبا و أعود صبـــا و للأشواق بالروح انتشــاء
تأجج لا يكف لهــــا أوار و نار الشوق يطفئها اللقــاء
و نورك مائل للقلب أمـــا دعا شوق وجد به النـــداء
أتأذن يا رسول الله أنــــي أضر بي التوجع و البكــاء
وحيد ليس يؤنسني رفيـــق و ما جهدي و قد حكم القضاء
أهيم صبابة و أذوب شوقــا و مدحك للمحبين الشفـــاء
فان تأذن بفيض منك نحـوي و من كفيك يلتمس العطــاء
أكن من آل فضلك لا أبالـي أناخ علي ضيق أم رجــاء
* * * *
يا رسول الله
أهل جلال نورك في ربيــع بمكة و استفاض بها الضياء
فقرت عين شيبة بعد حــزن لفقد أبيك إذ فيك العــزاء
و أعلى من مقامك بين أهــل و أولاد فكان لك العــلاء
و سدت على بني سعد رضيعا فأنت لهم و قد سغبوا رخاء
و بين بيوتهم و افاك رهــط من الاملاك لمستهم شفــاء
أزالوا عن فؤادك كل ســوء و حل الطهر قلبك و النقـاء
رجعت لحضن أمك بعد حيـن لتؤنسها فما طال اللقـــاء
رضعت اليتم غضا و استمرت عليك شدائد فيها ابتـــلاء
و لم يكتب لجدك و هو بــر بشخصك كي يواسيك البقـاء
أراك الله فيهم من قريـــب بأن العيش غايته الفنـــاء
و كل للتراب و ليس يغنــى لدى الموت المودة و الفـداء
قضى جد فقام عليك عـــم حفي في مبرته الغنــــاء
يحوطك ليقصر و هو أهــــل لذاك الفضل و هو له كفـاء
و كنت رفيقه في السعي حينا و عونا حين أرهقه الشقـاء
كفلت له (عليا) حين عضـت صروف العيش و اشتد العناء
و كنت بهاشم برا و كانــوا بأمرك في الشدائد احفيــاء
* * * *
درجت بأرض مكة في نقاء سما طهرا شبابك و الفتــاء
و خصك من خديجة كل خيـر غناؤك و المودة و الرفــاء
ترب بنيك في داب و تعنــى بشأنك حين و افاك النــداء
تلم بدارها فتعيش فيضــــا من الأشواق ليس له انقضاء
و لم تأنس بقومك حين ضلـوا فآنسك التعبد و الخـــلاء
تحن إلى الحقيقة في هيـــام و يشركك الهيام بها حـراء
تبيت بخلوة في الغار تدعــو و عند الله شوفك و الدعاء
فعند الأربعين جلاك نـــور من الرحمن و انكشف الغطاء
و فاض الوحي حولك و استفاضت هدايتك و تم الاصطفـــاء
و كنت بشارة في الوحي قبـلا فتمت و استقام بك البنــاء
و كان من النبوة فيض شـوق إليك ففزت و انتظم اللقــاء
قرأت و لم تكن من قبل تدري كتابا خط حين أتى النــداء
و لقنك الأمين الوحي صرفـا لتتلو ما حبتك به السمــاء
أتيت الناس بالقرآن نـــورا و في آياته لهم الشفــــاء
صدعت به فثاب إليك رهــط و كذبك الطغاة الأشقيـــاء
صبرت على الذي عاداك منهـم و آزرك الرجال الأصفيـاء
فما وهنوا و ما ضعفوا و كانوا أباة لا يزعزعهم بـــلاء
و كنت لهم من الأهـوال ردءا و عند الله عزمك و المضاء
* * * *
عتت عن أمر خالقها و صدت قريش و استبد بها الجفــاء
و كنت على هدايتهم حريصـا ولج بهم عناد و افتـــراء
مضيت على سبيلك في ثبـات و لم تأبه بما مكروا و جاءوا
و ان يك بعض أهلك ذو عناد ففيهم رأفة و لهـــم ولاء
و كنت بهاشم برا و كانــوا بأمرك في الشدائد أحفيــاء
فما تركوك رهن الشعب نهبا لقومك و استبان لهم وفــاء
و أنت بحفظ ربك في أمـان يحوطك من عنايته وقـــاء
و عام الحزن جاءك منه فيض من الرحمات ليس له انقضـاء
فكان لليلة الإسراء أنـــس و معارج بشخصك و ارتقـاء
تعاين من كبار الآي أمــرا تضيق بوصفه الصحف الملاء
و زرت المسجد الأقصى و صلى وراءك في حماه الأنبيـــاء
و كذب قومك الآيـــات زورا فهم قوم جفاء اغويـــاء
و تم هناك للصديق قـــــول تباركه البسيطة و السمـاء
اراد القوم قتلك ضل قـــــوم أرادوا قتل سيدهم و ساءوا
حرصت على الهدى منهم و صدوا و كان البغي منهم و البذاء
فشاهت تلك اشباح و ضلـــت اضر بها اللجاجة و العداء
* * * *
تتيه بذكر هجرتك القوافـــي ففيها كان فوزك و النجـاء
تركت القوم في سر و سـارت ركاب الحق يسترها الخفاء
و للأنصار شوق و انتظــار لقربك و احتفال و اختفـاء
حللت بدارهم فحللت سهـــلا و طاب بها مقامك و الثواء
اطاقوا حول ركبك من هيــام و للقصواء من طرب رغاء
بأمر الله تم لها مسيـــــر و كان لها لمسجدك اهتـداء
* * * *
فعز بنصرهم لله ديـــــن و حق الحق و ارتفع النـداء
و خاب البغي و انقلبت بخـزي عداتك و استتب لك الهنـاء
فحولك من جنود الله جمـــع مهاجرة و أنصار ســواء
هم النصر المؤزر ليس فيهـم نكوص حين يحتدم اللقــاء
و ذاك الجيش لا يثنيه وهــن و لا يلهيه بيع او شــراء
شهرت السيف إذا أخرجت قسرا فسالت تنصر الحق الدمـاء
و مزق صولة الكفار بـــدر و عز الدين و ارتفع اللـواء
* * * *
و في أحد دروس بينــــات نصرت به و كان بك الفنـاء
و لم يفلح من الأحزاب كيــد فباءوا بالهزيمة حين جـاءوا
و كان من اليهود عليك بغــي فتم القتل فيهم والجفاء
و رمت الحج فاعترضت قريش و ذاك بهم عناد واعتداء
فجاءت بيعة الرضوان فتحــا و تم الصلح إذ رجعوا و فاءوا
فسارت دعوة الإســـــلام لها في كل ناحية لــــواء
و جاء الفتح فانقادت قريـش و كان لها رجوع و اهتـداء
عفوت و كنت عند النصر برا هم الطلقاء ليس لهم فــداء
و جاءت الوفود مهنئـــات لكل بعد بيعته وفــــاء
هي الأفواج فوج بعد فــوج تتابع لا تصد و لاتســـاء
* * * *
هناك تم دين الله حقـــــا و جاء النصر و انتظم البناء
و حج الناس بالتوحيد صرفـا فلا جهل هناك و لا مكــاء
و أعلى الله حجته و ســارت بها الآيات نور يستضــاء
كتاب محكم و بيان صـــدق يبين الحق ليس به خفـــاء
و سار الدين تظهره جمــوع مظفرة و يظهره النقـــاء
فذكرك يا نبي الله عــــال يردده على الكون النـــداء
* * * *
نبي الله قدرك فوق قولـــي بما لا يستطاع له اجتــلاء
و شأنك لا يحيط به مقـــال و هذا النزر ليس به وفــاء
ببابك حوم الشعراء قبلـــي فجئت و لي على الأثر اقتفاء
فإن أخفق فقد حاولت جهــدي و حسبي في هواك الإقتـداء
و إن أحسن ففضلك قد حبانـي و أنت البحر شيمتك السخاء
* * * *
نبي الله أنى جئت أشكــــو إليك و كل أنفاسي رجــاء
نبي الله ضقت هنا و أنـــى ليرقني بذا الحبس العنــاء
شكوت إليك من ضنك و ضيق لتغمرني البشاشة و الهنـاء
رسول الله جئتك من بعيـــد يرافقني مديحك و الثنــاء
ببابك قد وضعت اليوم رجلـي و عندك راحتي و بك الشفاء
أؤمل فيك إفراجا سريعـــا و فوزا لا يكدره شقـــاء
و عونا عند ضيق الحشر يغني و يشملني ودادك و الحبـاء
فجودك غاية و نداك فيــض سخي النبع ليس له انقضـاء
_____________
المصدر: صفحة أنس النامي على الفيسبوك