إعداد: ابراهيم حامد الأسمر الحضيري
مقدمة:
من حسن السياسة التشريعية إمكان تطبيق نواميسها، وكل ما كان على خلاف ذلك انفرجت به مسافة الخلف بين وظيفة القانون وتطلعات المجتمع، ما ينعكس سلبا على بقائهما معا.
ولما كان القانون علما اجتماعيا من العلوم المعيارية المحكومة بالمقاييس والضوابط وليس مجرد علم تفسيري يحكم على الوقائع حسب قاعدة السببية أو قاعدة العلة، لزم أن يسن على ضوابط تراعي قيم المجتمع، وتعتمد الوسائل والأدوات والأشخاص وكل ما تقتضيه العملية التشريعية مما لو نقص بأن آثره جليا في مرحلة التطبيق.
فليس المقصود الأول سَنُّ التشريعات، وإنما تلبيتها لتطلعات المجتمع واحتياجاته، بالمحافظة على مصالحه ورعايتها من الناحيتين، الموضوعية والإجرائية، وليست العشوائية هي قيام هذه المحافظة، وإنما مراعاة لوازم العملية التشريعية.
كما أن عدم اتزان حركة التشريع، وتخبطها في الاهتداء إلى نهج تشريعي ملائم للنظام العام للمجتمع، متوازن مع أعرافه وتقاليده، ينعكس سلبا على مبدأي العدل والعدالة الاجتماعية، الأمر الذي تحكمه أسباب متعددة، منها ما يرجع إلى تأثير النظام الحاكم على سلطات الدولة، ومنها ما يرجع إلى تأثير سلطة التشريع بتوجهات أيدلوجية أو سياسية، ومنها ما هو فني محض متعلق بمن تناط بهم مهمة التشريع، ومنها ما يتعلق بأسلوب رعاية المصالح المحمية في المجتمع، ومنها ما يتعلق بمراعاة وإهمال التشريع ولوازمه، إلى غير ذلك من الأسباب.
ولما كانت بلادنا ليبيا تقبل على استفتاء عام على مشروع الدستور وجب على كل متخصص في مجاله ـ انطاقا من واعز الوطنية ـ إبراز مزايا تلك المسودة ومثالبها، ولما تعددت جهات النظر إلى تلك المسودة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وشرعيا وحقوقيا وموضوعيا وإجرائيا وغير ذلك، فها نحن نقدم بين أيديكم هذه الورقة (بتواضع) لعرض نماذج من الإشكاليات التشريعية فيها، لا لشئ إلا للوقوف على مدى ملائمتها للنظام العام للمجتمع، ومدى إيفائها بحقوق الأفراد من الناحيتين الموضوعية والإجرائية وذلك من خلال النقد الحقوقي، ونقد العلاقة السلطوية بين الدولة والأفراد، وبعض من النقد الفني المتعلق بالصياغة والأسلوب وذلك على النحو التالي.
***
إبراهيم حامد الأسمر الحضيري ـ استاذ الشريعة والقانون، عضو هيئة التدريس بالجامعة الأسمرية ـ (سبها)
_____________
المصدر: صفحات التواصل الاجتماعي
