حطت مركبة الفضاء الأمريكية بيرسفيرنسوالتي تعني “المثابرة” على سطح كوكب المريخ لاستكمال مهام اخواتها من المركبات ابرتيونيتي وكيريوستي (الفرصة والفضول) وهي مركبات تتحرك على سطح المريخ وتقوم بعمليات مسح جيولوجي وكيميائي لصخور وتربة والغلاف الجوي القريب من السطح.
هذه المركبة مزودة بطائرة مسيرة صغيرة (هيلوكبتر) ستطير بعيدا عن المركبة لتقوم بالتصوير والمسح الجيوفيزيائي من أجل توسيع رقعة الاستكشاف وهذه أول طائرة صنعها الانسان تحلق في الغلاف الجوي لكوكب آخر غير كوكب الأرض.
المركبة “المثابرة” تزن اكثر من 1000 كيلوجرام وقد اطلقت في30 يوليو الماضي (تستغرق الرحلة 203 يوما) وعند هبوطها هذا المساء على سطح المريخ تكون المركبة قد قطعت مسافة 470 مليون كيلومتر.
تابعت على مدى ساعة مراحل هبوط مركبة الفضاء الأمريكية بيرسفيرنس بسلام وبدقة متناهية على سطح كوكب المريخ كما خطط لها…انجاز علمي وتقني مذهل وقدرة انسانية على تحقيق المستحيل اذا ما تسلح الإنسان بالعلم وعمل بروح الفريق
***
بعد القهوة
الحرس الوطني الامريكي وحماية الثورة
اقتحام مبنى الكونغرس..مبنى الأمة الأمريكيه كشف ان مكتسابات الثورة الأمريكية قد تتعرض لخطر محقق ولو بعد 200 سنة…..استجابة لهذا الخطر تم استدعاء وحدات الحرس الوطني من كل ولايات أمريكا – في رمزية مقصودة – كي تتولى دون غيرها حماية مبنى الكونغرس ومباني المؤسسات الديمقراطية وبقية مواقع الدولة الحيوية في العاصمة، في حشد عسكري لهذا الحرس غير مسبوق في الذاكرة الأمريكية..الحرس الوطني دون سواه كان القوة الأساسية للقيام بهذه المهمة..الرمزية الكبيرة لهذا الحشد واطواق الحماية ان هذا الحرس هم أحفاد وحفيدات مجموعات الثوار والميليشيات المسلحة التي شاركت في الثورة الأمريكية ونجحت في التحرر من الاستبداد والأستعمار البريطاني وبذلك تم ميلاد الدولة الأمريكيه..هولاء الأحفاد اعضاء الحرس الوطني هم في غالبيتهم العظمى مواطنون عاديون يمارسون حياتهم واعمالهم العادية ولكن يتدربون بشكل روتيني ومنظم على القتال بكل انواع الأسلحة ومنها الطيران الحربي..وهم رهن الإشارة للتحرك لاي واجب وطني سواء أعمال الإغاثة واستباب الأمن او مساعدة القوات المسلحة الأمريكية داخل وخارج البلاد….اصرار الأمريكان ان يحمي العاصمة ومؤسسات الديمقراطية بعد هجوم أنصار ترامب عليها كان لإرسال الرسالة الى الداخل والخارج..ان احق من يحمي مكتسابات ثورة الشعب هو الشعب نفسه ممثلا في ثواره ان نظمت صفوفهم وطورت قدراتهم
***
قبل القهوة
QAnon كيواي نن
حركة جديدة انتشرت بعد فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية قبل اربع سنوات..الحركة يؤمن اصحابها بأن الرئيس ترامب مبعوث العناية الإلهية لمحاربة عبدة الشيطان في أمريكا والقضاء عليهم وهؤلاء عبدة الشيطان كما يزعم اصحاب هذا الاعتقاد منتشرون في الشركات الكبرى وفي مناصب الدولة المختلفة و في الاحزاب السياسية واعضاء في الكونغرس كما أنهم منتشرون في وسائل الإعلام الرئيسية..ويؤمن هؤلاء ان الحرب التي يقودها ترامب ستتكلل بانتصار ترامب وانصاره على عبدة الشيطان وسيتم محاكمة كبارهم واعمارهم وعلى رأسهم هيلاري كلينتون..وللحركة رموزها وعباراتها الخاصة وشعاراتها التي تحمل رسائل يفهمها المنتسبون إليها..مثل شعار Trust the plan….او ضع ثقتك في الخطة (خطة القضاء على اعوان الشيطان) .اعضاء الحركة كان حضورهم بارزا في اقتحام مبنى البرلمان الامريكي ” الكونغرس” يوم 6 يناير الماضي
***
بعد القهوة
نانسي بيلوسي
رئيسة الكونغرس استطاعت لم شمل اعضاء الكونغرس ليستأنفوا جلسة توثيق واعتماد نتائج الانتخابات بصورة رسمية ونهائية..فهم ممثلو الأمة والكلمة الأخيرة لهم..الجلسة استمرت حتى ساعات الصباح الأولى وتم اعتماد فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لمدة أربع سنوات قادمة..بهذا استطاعت هذه المؤسسة التي تمثل العمود الفقري للنظام الجمهوري الديمقراطي أن تصمد بعد يوم دامي مزلزل استهدف وجودها ومصداقيتها..قبل هذا صمدت المؤسسة القضائية أمام هجوم ترامب وأنصاره عليها واسقطت عشرات الدعاوي الكاذبة..بصمود المؤسستين التشريعية والقضائية ستصمد مؤسسات الدولة التنفيذيةفي وجه ترامب وتياره الشعبوي الجارف المهووس بنظريات المؤامرة والمفتون بزعيمه المترف الأخرق
***
قبل القهوة
ذكرى سقوط غرناطة
غرناطة كانت أحد معقل للمسلمين في الاندلس التي كانت تضم معظم شبه جزيرة ايبيريا ..ففي يوم 2 يناير/كانون الثاني 1492 (897 هجرية) انتهى وجود المسلمين بالأندلس مع سقوط مدينة غرناطة بعد حوالي أربعة قرون من حروب شنتها ممالك الشمال المسيحية على الثغور الأندلسية فيما سُمي بحروب الاسترداد
في سنة 1992 بمناسبة مرور 500 على سقوط الأندلس كتب الشاعر محمود درويش قصيدته الرائعة “احد عشر كوكبا على اخر المشهد الأندلسي ” ربط بها فلسطين بالأندلس..كتبها بعد عام واحد على انعقاد موتمر مدريد للسلام الذي عقد بعد حرب الخليج 1991
جاء في القصيدة:
لا حُبَّ يَشْفَع لي
مُذْ قَبِلْتُ (مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ) لَمْ يَبْقَ لي حاضِرٌ
في مثل هذا اليوم قبل 529 سنة تم تسليم مدينة غرناطة واقيمت مراسم التسليم في قصر الحمراء (الصورة) ، وسلم مفاتيح المدينة والقصر حاكم غرناطة واخر ملوك الأندلس المسلمين أبي عبد الله الصغير الى الملكة ايزابيلا والملك فرناندو ملوك اسبانيا المنتصرين، وشمل التسليم جميع خدم وجواري القصر المسلمين..الجدير بالذكر، ان الرحالة كريستوفر كولومبس كان حاضرا مراسم التسليم في قصر الحمراء، حيث كان ينتظر موافقة الملكة ايزابيلا على تمويل رحلته الاستكافية عبر المحيط الاطلسي ليكتشف العالم الجديد (القارتين الامريكيتين) ولتفتح صفحة جديدة من التاريخ يكتبها غير المسلمين..رمزية هذا اليوم تكمن في لحظة تسليم مفاتيح قصر الحمراء لحظة التداول على قيادة الحضارة وريادتها…وتلك الايام نداولها بين الناس
***
بعد القهوة
في ذكرى الاستقلال
يجدر بنا تذكر جهاد الأجداد البطولي في صراع عسكري غير متكافيء ، كانت نتيجته محسومة لصالح ايطاليا في ظل موازين القوى العالمية التي سادت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية …لكن على رغم قسوة هذه الحقيقة، لم تدفع الاجداد الى اليأس من النصر وتحقيق حلمهم بنيل الحرية في نهاية المطاف. بل كان الثمن الذي دفعوه خلال سنوات الجهاد المسلح وسنوات العذاب والمعاناة سببا في عدم تفريطهم في ذلك الحلم، وهو ما زودهم بالعزيمة والإصرار على خوض المعارك السياسية لاحقا بجدارة على المسرح الدولي لنيل الاستقلال منتهزين فرصة تشكل نظام عالمي جديد بعد هزيمة دول المحور وانتصار الحلفاء. ..ذلك الثمن الباهظ (سنوات العذاب والحرمان وهيمنة إيطاليا على حياتهم) وذلك الحلم كانا دافعا لهم ايضا على خوض معركة بناء الدولة بامكانيات بشرية قليلة لا تكاد تذكر، وإمكانيات مادية شبه معدومة،في عالم ما بعد الحرب الذي شهد دمار اقتصاديات دولا كبرى ناهيك عن بلد مثل ليبيا…كانوا يرون ان شبح عودة إيطاليا لحكمهم سيظل قائما مالم يقيموا هم دولتهم ويتحملوا عبء بنائها ويحصنوا استقلالها وحريتها …كان عمي عبد العزيز جبريل رحمه الله، وهو من أبناء ذلك الجيل، يكرر على مسامعي خلال زياراتي له في منفاه في مصر: يا بني بسبب الجهل احتلتنا إيطاليا.لهذا كنا نؤمن ان التعليم وسيلتنا للحفاظ على الاستقلال.. وعي سابق لزمانهم..التعليم والمعرفة والحكمة، وليس تكديس الاسلحة والرتب العسكرية، هو الدرع الواقي الذي يضمن الاستقلال ويحمي دولته.
لكن للتاريخ مفاجأته وللأمم كبواتها..وان من لا يدفع ثمن الشئ لا يدرك قيمته مهما كان نفيسا ، واذا لم تورث قيمة ذلك الشئ النفيس الى الجيل الوارث فلا ضمان لمحافظتة عليه. من أضاع دولة الاستقلال جيل أخر تربى وترعرع في اوائل مراحل بناء الدولة. كانوا اول ثمار الغرس..جيل ورث الدولة ولم يرث قيمتها، كان جيل الدفعات الأولى من خريجي الجامعات الليبية والكليات العسكرية. شباب لم يمضوا بضع سنوات في وظائف الدولة المدنية أو العسكرية..فلم يتعبوا في بنائها، ولم تستهلك أعمارهم تبعات مسئولياتهاا. جيل صغار الضباط وصغار المثقفين، جيل شباب الستينات المتمرد على كل شيء..جيل معمر القذافي وخليفة حفتر والصادق النيهوم وعلي وريث وجمعة الفزاني وإبراهيم الغويل، جيل تمرد على دولة الاستقلال وعلى فكرة الاستقلال..كما يتمرد جيل على جيل..لكنه تمرد من أجل التمرد.، ولم أجد هناك اكثر رمزية على ذلك من تغيير اسم شارع “الاستقلال ” في عاصمة البلاد– بكل ما تحمله كلمة الاستقلال من دلالات وتختزله من تاريخ وتضحيات – الى اسم احد ضباط الانقلاب!!. فهذا الضابط المتمرد – الحانث بقسم تخرجه – كان يعدل عند القوم “الاستقلال“..كفكرة..ومبدأ ..وايمان وما تطلب نيله من تضحيات وعذابات ومرارات وجهاد أمة على مدى أربعين سنة. ..وحتى كتابة هذه السطور استمرت أجيال بعد اجيال بدفع ثمن التفريط في توريث معنى “الاستقلال ” وثمن التمرد والانقلاب على دولة الاستقلال، تدفعه، جهلا، ودماء، وخرابا، وضياعا، وفقرا.