أحمد مصطفى

هل التحشيد يهدف لقطع الطريق على سيف القذافي؟

تحرّكات قوات حفتر تمثل استعراضاً للقوة ليس فقط على الصعيد الداخلي، بل أيضاً للدول المتداخلة في الشأن الليبي.

تحمل التحرّكات العسكرية التي نفّذها الجيش الوطني الليبيرسائل محلية ودولية، بعد أن حشد قواته في مناطق شرق ليبيا وجنوبها، بالقرب من خطوط التماس مع خصومه في الغرب الليبي. وبدت هذه التحركات أشبه بـاستعراض قوة، وسط تصاعد التوتر السياسي داخلياً، وتطورات متسارعة على المستويين الدولي والإقليمي.

وكان قائد الجيش الوطنيالمشير خليفة حفتر، تفقّد أخيراً أعمال إنشاء مدينة عسكرية قرب مناطق التماس التي حدّدها اتفاق وقف إطلاق النار الموقع أواخر عام 2020. واطلع على المراحل المتقدمة من المشروع، ومستوى إنجاز البنية التحتية والمرافق الإدارية. وذكر بيان رسمي أن حفتر شدد على أهمية المشروع في دعم وتطوير القوات المسلحة“.

وتقع المدينة العسكرية الجديدة غربي مدينة بنغازي، على مساحة خمسة آلاف هكتار، وتُعد الأكبر في ليبيا. وستضم مناطق تدريب على مختلف أنواع الأسلحة، ومنشآت لتدريس العلوم الأمنية، وميناءً بحرياً عسكرياً على ساحل المتوسط، ومطاراً عسكرياً، إلى جانب منشآت إدارية ومقرّ للقيادة العامة.

 تحذيرات أممية من تصعيد ميداني

بالتزامن مع ذلك، نفذت قوات العمليات الخاصة التابعة للجيش عملية إعادة انتشار في الجنوب الليبي، على خلفية أنباء عن توترات أمنية مرتبطة بتحركات أنصار سيف القذافي.

وأوضح بيان عسكري أن القوات الخاصة باشرت مهامها في إسناد غرفة عمليات إعادة تنظيم الجنوب، في إطار الجهود المبذولة لفرض القانون، وتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الظواهر السلبية“.

جاء هذا النشاط العسكري في وقت حذرت فيه المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه، خلال إحاطتها الأولى أمام مجلس الأمن، من أن الوضع الأمني في ليبيا لا يزال متقلباً في ظل استمرار التحشيد العسكري، رغم استمرار اتفاق وقف إطلاق النار.

وأشارت إلى أن عمليات تعزيز وإعادة هيكلة القوات التابعة للجيش الوطني في جنوب ليبيا تغذي التوترات، مؤكدة أن اشتباكات اندلعت أخيراً في منطقة القطرون أدّت إلى خسائر بشرية، وشددت على أن الوضع الأمني في ليبيا سيبقى هشاً ما لم تتوفر الإرادة السياسية لتوحيد القوات العسكرية والأمنية“.

رسائل مزدوجة

ويرى المحلل السياسي الليبي حمد عز الدين الخراز أن إنشاء المدينة العسكرية يمثل نقلة نوعية في تطوير البنية التحتية للقوات المسلحة الليبية، ويحمل رسائل داخلية وخارجية مفادها أن الجيش الوطني بات جاهزاً لكل الاحتمالات“.

ويضيف، في تصريح لـالنهار، أن الرسالة الأبرز هي أن الجيش بات في مستوى عالٍ من الجاهزية، ويُطرح بوصفه الحل الأمثل لإنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد“.

ويشير الخراز إلى أن هناك أيضاً رسائل موجهة إلى القاعدة الشعبية الداعمة للمشروع بأن القيادة العسكرية في تطوّر مستمر، ويعتبر أن إعادة الانتشار في المنطقتين الوسطى والجنوبية رسالة شديدة اللهجة إلى كل من يسعى لزعزعة استقرار تلك المناطق، أو يطمح لإعادة النظام السابق عبر سيف الإسلام القذافي وتشكيل جناح عسكري خاص به، مؤكداً أن الرسالة واضحة: هذا التحرك لن يُسمح به، وسيتم التصدي له“.

 تحرّكات محسوبة

من جانبه، يرى المحلل السياسي وسام عبد الكبير أن أيّ تحرّكات عسكرية، حتى في الدول المستقرة، تحمل دلالات سياسية، مؤكداً أن تحركات قوات حفتر تمثل استعراضاً للقوة ليس فقط على الصعيد الداخلي، بل أيضاً للدول المتداخلة في الشأن الليبي“.

لكنه يستبعد، في حديث مع النهار، احتمال عودة الصدام العسكري بين قوات الشرق والغرب، قائلاً إن المجتمع الدولي لن يسمح بذلك، كما أن التفاهمات والتوازنات بين روسيا وتركيا على الأرض، تحول دون اندلاع شرارة حرب جديدة“.

ويلفت إلى أن اختيار مدينة سرت لإقامة المدينة العسكرية ينبع من أهميتها الاستراتيجية، لكونها تتوسط الساحل الليبي وتُعدّ العاصمة الإدارية للبلاد، فيما التحرك في الجنوب يأتي في إطار إحلال وتبديل بين الكتائب، وإعادة انتشار على الحدود“.

 العملية السياسية مستمرة

ويعتقد عبد الكبير أن التحركات العسكرية لن تؤثر على المسار السياسي، الذي يبدو مقبلاً على انفتاح، مشيراً إلى أن اللجنة الاستشارية التي شكلتها البعثة الأممية ستُنهي قريباً رؤيتها بشأن خريطة الطريق المؤدية إلى إنجاز الاستحقاقات الانتخابية“.

ويوضح أن هذه التحركات تتزامن مع مفاوضات جارية لتوحيد المؤسسة العسكرية، التي من شأنها أن تؤدي دور الضامن للعملية السياسية، إذا ما تم الاتفاق على إعادة هيكلتها ضمن رؤية وطنية جامعة.

____________________

مقالات مشابهة