جاكلين زاهر

عبّر الليبيون عن أملهم في أن تنعكس أرباحه على نمط حياتهم بشكل إيجابي

يأمل الليبيون في أن تنعكس موارد نفط بلدهم على حياتهم المعيشية، بما يضمن تحسين الخدمات، وسط تخوفات من أن يؤدي استمرار استنزاف هذه الثروة في حرمانهم من ذلك، خصوصاً في ظل استمرار الصراع السياسي، وتزايد معدلات الفساد.

جاءت هذه التخوفات بعد تصريحات مسؤولين بحكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، خلال الأسابيع الأخيرة، مفادها أن قطاع النفط حقق قفزة مهمة بعد ارتفاع معدل الإنتاج إلى قرابة مليون و400 ألف برميل يومياً، وإعادة تشغيل عشرة حقول كانت معطلة.

لكن وزير الدولة للشؤون الاقتصادية السابق، سلامة الغويل، يرى أنه على الرغم من «تفاؤل جل الليبيين بما يعلن عن زيادة في معدلات النفط؛ فإنهم يتخوفون من عدم استفادتهم من ذلك؛ مثلما حدث خلال السنوات الماضية».

وقال الغويل لـ«الشرق الأوسط» إن أغلب عوائد النفط «لا تزال تبدد في نفقات استهلاكية؛ والباقي منها قد يوظف لخدمة المشاريع والطموحات السياسية للمتصارعين على السلطة؛ باستثناء المشاريع التي تتم تحت إشراف صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا في المنطقة الشرقية»، وفق اعتقاده.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة» التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، برئاسة أسامة حماد.

انتقاد أسلوب الدعم

الغويل الذي يشغل منصب رئيس مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الليبي، انتقد استمرار توجيه الدعم للوقود وبيعه بأسعار مخفضة بالسوق، عادّاً أن ذلك يأتي في مقدمة أسباب «زيادة عمليات تهريبه، وبالتبعية زيادة شبكات وعصابات التهريب نتيجة أرباحه الخيالية، وقد كانت المجموعات المسلحة في طليعة المنخرطين في هذا النشاط، ولذا تضاعف وتضخم نفوذها».

وكان تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة قد كشف مؤخراً عن تهريب الديزل على نطاق واسع في ليبيا، وفي هذا السياق، يرى الغويل أن «الكثير من الأسر قد يتزايد شعورها بالألم والحسرة عند الإعلان عن زيادات النفط، بالتزامن مع تضاعف احتياجاتهم اليومية، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان الذي ترتفع فيه أسعار السلع بشكل ملحوظ».

ورهن الوزير السابق الوصول لاستقرار الاقتصاد والتوزيع العادل للموارد بتشكيل سلطة تنفيذية موحدة، وقال موضحاً: «طالما استمر الانقسام الحكومي والمؤسسي فلن يتم كبح الفساد».

ووفقاً لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، تحتل ليبيا المرتبة 170 عالمياً من بين 180 دولة شملها التقييم.

علاج الأزمة بالمسكنات

يعتقد عضو المجلس الأعلى للدولة، علي السويح، أن «استمرار التخبط في السياسات الاقتصادية، والتعامل مع أغلب الأزمات بالمسكنات، يقلل الاستفادة من أي زيادة في إنتاج النفط حال صحة الأرقام المعلنة».

ويرى السويح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ما أسماه بـ«التخبط في السياسات الاقتصادية؛ ينبئ بأن أي أرباح متوقعة لن تصل كما يفترض لجيوب المواطنين، وستواصل تدفقها للقوى والمجموعات المسلحة بعموم البلاد».

وتساءل عضو الأعلى للدولة: «لماذا لم توجه الأموال لتحسين خدمات المواطنين، من صحة أو لبناء مساكن حديثة، خصوصاً مع رصد عزوف بين الشباب بالطبقة المتوسطة عن الزواج».

أما الناشط السياسي، أحمد التواتي، فيرى أن تركيز السلطات على ما تم إهداره من أموال على آلية مقايضة النفط بالمحروقات، وارتفاع بند الرواتب بالميزانية، بدا وكأنه «محاولة مسبقة لتبرير عدم وصول أي زيادة للمواطن وتسهيل حياته».

ودعا التواتي المسؤولين إلى استعادة ثقة المواطن في الأرقام المعلنة، سواء بشأن معدل إنتاج النفط، أو أي قطاع آخر عبر خطوات محددة، لافتاً إلى ضرورة صرف الرواتب في أول كل شهر، وعدم تأخيرها كما هو الحال ليستطيع المواطن شراء احتياجاته.

ونوه التواتي إلى ما أعلنته مديرية أمن طرابلس بشأن ضبط 878 متسولاً في طرابلس، منهم 329 ليبياً. ورأى أن تزايد معدل الفقر «بات مألوفاً، وهو ما تعكسه معاناة شرائح مجتمعية عدة».

_____________

مقالات مشابهة