هل توقف إقالة عون خطط زيادة الإنتاج؟

عادت الانقسامات وتصفية الحسابات تهدد من جديد قطاع النفط الليبي الذي عانى الإضرابات لسنوات؛ ما دفع العديد من الشركات العالمية لوقف نشاطها. وتصدّر وقف وزير النفط والغاز محمد عون، عن العمل مؤقتًا المشهدَ، خلال الأسبوع الجاري، على خلفية قرار هيئة الرقابة الإدارية؛ لأسباب متعلقة بانتهاكات تشمل التحايل على القانون، وإهدار المال العام، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وبعد ساعات من قرار إيقاف وزير النفط الليبي، الذي نفى ارتكاب أي مخالفات، عُيِّنَ نائب وزير النفط وعضو مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، التي تديرها الدولة، خليفة عبدالصادق، لتصريف أعمال وزارة النفط.

أزمة وزير النفط

تتحكم في المشهد الليبي حاليًا أزمتان؛ الأولى تصفية الحسابات الشخصية، والثانية فرض الأمر الواقع، وهو ما ظهر في الصراع بين أطراف الأزمة على مكامن السلطة والمال؛ ما أدى إلى عرقلة أي مسعى سياسي لحل أزمة البلاد، حسبما ذكرت صحيفة الوسط.

وأشارت الصحيفة إلى أن قرار إبعاد محمد عون يعكس بوضوح الأزمات التي تعانيها الدولة الليبية، في وقت تستمر المناكفات بشأن فرض رسوم ضريبية على بيع النقد الأجنبي، في محاولة لإسقاط ملف الانتخابات من قائمة أولويات الأطراف المعنية بالعملية السياسية، وكذلك مشروع المصالحة الوطنية الذي كان من المخطط له الانعقاد بعد أسابيع في مدينة سرت.

وشدّدت الصحيفة على أن الصراع السياسي في البلاد لم يَعُد خافيًا على الاستحواذ على مكاسب سوق النفط الليبي؛ إذ أصابت الأزمات القطاع الذي يُعَد المصدر الرئيس للدخل في البلاد.

وظهرت أزمة تصفية الحسابات في المراسلات التي لم تتوقف بين وزير النفط الليبي ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، حول صلاحيات الطرفين، وأخرى في ملابسات إرساء العقود وعقد الصفقات، وصولًا إلى قرار هيئة الرقابة الإدارية إيقاف محمد عون عن العمل بسبب مخالفات قانونية.

ولا يمكن فصل القرار عن حالة الانقسامات التي تشهدها حكومة الوحدة الوطنية؛ إذ سعى عون، خلال المدة الأخيرة، إلى عرقلة عدد من الصفقات لقطاع النفط الليبي، ومن بينها صفقات مع إيطاليا وتركيا وأخيرًا الإمارات.

ورغم أن الوزير لا يتمتع بصلاحيات بسبب حصر توقيع الصفقات على المؤسسة الوطنية للنفط أو رئاسة الحكومة؛ فإنه يرى أن التدخل من صميم مهامه.

ويؤكد بعض المحللين أن انتقال خليفة عبدالصادق لأداء مهام وزير النفط مع إيقاف عون سيؤدي إلى مزيد من التنسيق بين المؤسسة الوطنية للنفط والوزارة؛ ما قد يمهّد الطريق لإنعاش قطاع النفط الليبي على المدى القصير.

فمن شأن إقالة محمد عون أن تزيح إحدى العقبات التي تعترض الاتفاقيات الأخيرة رفيعة المستوى مع الشركات الأجنبية بالقطاع من يمهد الطريق أمام المؤسسة الوطنية للنفط للمضي في خطتها لزيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل، حسبما ذكرت بلومبرغ.

لكن لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى زيادة مستدامة في الإنتاج؛ إذ إن الخلافات المستمرة في ليبيا والمنقسمة بين حكومات متنافسة يمكن أن تفاقم اضطرابات القطاع بوتيرة متسارعة.

النفط في ليبيا

تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات من النفط الخام في أفريقيا، ولكنها تأثرت بصراع سياسي امتد أكثر من عقد، وكثيرًا ما يكون الإنتاج رهينة للصراعات بين الإدارات المتنافسة في طرابلس والشرق.

وانخفض إنتاج ليبيا من النفط الذي وصل إلى ما يقرب من 1.8 مليون برميل يوميًا في 2008 إلى نحو 100 ألف برميل يوميًا بعد مقتل معمر القذافي في الحرب الأهلية عام 2011، ويتعرض الإنتاج لتقلبات منذ ذلك الحين، ويبلغ حاليًا نحو 1.2 مليون برميل يوميًا.

وحافظ إنتاج النفط الليبي على مستوياته فوق 1.1 مليون برميل يوميًا منذ أغسطس/آب 2022، ولم يهبط إطلاقًا أدنى من هذا المستوى في أيّ شهر حتى الآن، وهو ما جعلها من أكثر الدول استقرارًا في إنتاج النفط خلال 2023 بين أعضاء أوبك كافة، مع ملاحظة أنها معفاة من أيّ اتفاقية خاصة بتحالف أوبك+ الأوسع نطاقًا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وأثارت محاولة عون منذ تعيينه في 2021 فرض سيطرته انقسامات عميقة وفوضى في قطاع النفط الليبي؛ إذ أسفرت عن الإطاحة برئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله في 2022، وبعد ذلك رفض بعض الصفقات والاتفاقات التي دعمها الرئيس الجديد للمؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة وحكومة الوحدة الوطنية؛ ما زاد من توتر العلاقات.

وظهرت الأزمة بوضوح عندما عارضت عدة أطراف بنود الاتفاقية المحتملة لتطوير القطعة بحقل الحمادة النفطي التي كانت المؤسسة الوطنية للنفط تعتزم التوقيع عليها مع ائتلاف شركات إينيالإيطالية وتوتال إنرجيالفرنسية وأدنوكالإماراتية وشركة الطاقة التركية، وأُوقِفت مفاوضاتها بموجب أمر قضائي صدر في ديسمبر/كانون الأول 2023.

وقبل ذلك كشف خطاب من بن قدارة إلى رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة طلب فيه الموافقة على عرض تقدم به الشريك الإماراتي في شركة ليركوالمشغلة لمصفاة راس لانوف ببيع حصتها لطرف ثالث لم تحدده، وأنه يفضّل البيع للطرف الثالث بدعوى أن ذلك في صالح المؤسسة والدولة الليبية، رغم أن الشريك الإماراتي خسر 4 دعاوى تحكيم انتهت جميعها لصالح الدولة الليبية؛ ما فسّر بأنه قد يكون خطوة استباقية لحكم محكمة باريس العليا النهائي المتوقع نهاية أبريل/نيسان المقبل، لتجنيب المجموعة الإماراتية الحكم الخامس المتوقّع أن يصدر لصالح ليبيا.

__________________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *