نشرت صحيفة ”لوموند” الفرنسية مقالًا قالت فيه، إنه يتم تعزيز الصرح الاستراتيجي لموسكو في شمال أفريقيا شيئًا فشيئًا. فقد تسارع الوجود الروسي في ليبيا الملموس بالفعل منذ عام 2019 في شكل وحدات شبه عسكرية (مجموعة فاغنر سابقًا)، بشكل حاد منذ بداية العام، وهو تطور لم يفلت من الغرب العاجز.
وأضافت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته “عربي21″، أن فريق التحقيق الدولي المعني بالشبكات الروسية في أفريقيا قال إن تسليم المعدات والمركبات العسكرية من سوريا (حيث تتمركز قوات روسية) إلى ليبيا يشكل الجانب الأكثر وضوحا من هذا التدخل المتزايد، مشيرًا إلى وجود 1800 روسي منتشرين الآن في جميع أنحاء البلاد.
وتدّعي مجموعة المحققين، مدعومين بالصور، أنه تم تفريغ المركبات والأسلحة، بما في ذلك مدافع هاون من طراز 2 S12 ومركبات نقل مدرعة من طراز BTR و BM. وستكون هذه ”عملية التسليم الخامسة“ من هذا النوع إلى طبرق خلال خمسة وأربعين يومًا.
وتؤكد مصادر دبلوماسية غربية اتصلت بها لوموند هذه الزيادة في القوة الروسية في هذه الولاية المحورية في شمال أفريقيا، حيث يلتقي المشرق العربي بالمغرب العربي. ووفق الصحيفة؛ يرى دبلوماسي من دولة أوروبية أن هذه التحركات الأخيرة في ليبيا هي جزء من اختراق روسي عالمي يهدف إلى تنصيب حكومات موالية لموسكو في جميع أنحاء شرق وغرب أفريقيا.
وكل ما ينقص الآن هو تشاد لتقسيم أفريقيا إلى قسمين، فتشاد هي الأخرى موضع رغبة روسية متحمسة.
وأكدت الصحيفة أنه إذا كانت ليبيا حاسمة في هذا الهجوم الأفريقي، فذلك لأنها تعمل كمنصة لإبراز المعدات والرجال إلى الدول المجاورة منها السودان التي تعاني من حرب أهلية، والنيجر ومالي وإلى الجنوب بوركينا فاسو التي تديرها مجالس عسكرية قريبة من الكرملين، وربما تشاد.
المركز الاستراتيجي لهذا النظام الجديد هو الجفرة، وهي منطقة ليبية تقع على بعد 350 كيلومترًا جنوب خليج سرت، حيث تصل المعدات والرجال من طبرق قبل أن تتم إعادة توجيهها إلى المسارح الإقليمية التي تطمح إليها موسكو.
وتابعت الصحيفة قائلة، إن الجديد في الموضوع هو أن “روسيا لم تعد خائفة من إظهار تورطها المباشر في ليبيا“، كما يقول الباحث جلال حرشاوي من المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن، وذلك بعد أن كانت تنكر رسميا هذا التورط عندما دخلت فاغنر إلى ليبيا عام 2019 لدعم “الجيش الوطني الليبي” تحت قيادة خليفة حفتر في هجومه على طرابلس.
ولفتت الصحيفة إلى أن حفتر، الذي أنشأ سلطة موازية في برقة للحكومة في طرابلس، سافر بنفسه إلى موسكو في نهاية سبتمبر/ أيلول، حيث التقى فلاديمير بوتين.
ومنذ ذلك الحين، أصبح الوجود الروسي أكثر وضوحًا مع تولي وزارة الدفاع في موسكو إدارة الفرع الأفريقي لمجموعة مرتزقة فاغنر السابقة، التي قُطع رأس قائدها يفغيني بريغوجين في أغسطس/ آب 2023، تحت اسم فيلق أفريقيا الجديد.
التحدي السياسي
وبينت الصحيفة أنه في مواجهة هذا الزحف الروسي إلى ليبيا، فإن أجراس الإنذار تدق في المستشاريات الغربية التي تبحث عبثًا عن رد. فبالإضافة إلى خطر امتداد نفوذ موسكو إلى أطراف المنطقة، فإن الولايات المتحدة وأوروبا تواجهان تحديين اثنين:
الأول: هو خطر تجذر الوجود العسكري الروسي على الساحل في شكل قاعدة بحرية في طبرق أو سرت، الأمر الذي من شأنه أن يشكل تهديدًا مباشرًا لقوات الناتو في البحر المتوسط. وستمثل سرت سيناريو كابوسًا للغرب حيث تقع المدينة عند ملتقى برقة (شرقًا) وطرابلس (غربًا)، وتبعد 600 كيلومتر فقط عن ساحل صقلية.
إن خطة إنشاء قاعدة روسية في سرت هي مشروع قديم فشلت موسكو في فرضه على معمر القذافي في 2009-2010.
وتخضع المدينة الآن لسيطرة المشير حفتر، الذي تنشط تحت ظله القوات شبه العسكرية الروسية في المدينة خلال المناورات العسكرية إلى جانب قوات الجيش الوطني الليبي، كما وجد باحثو موقع ”كل العيون على فاغنر“ الانجليزي.
وخلال مناورة في 16 مارس/ آذار، تم عرض منظومات بانتسير الروسية المضادة للطائرات في قاعدة القرضابية الجوية في ضواحي سرت.
أما التحدي الآخر فهو سياسي أكثر، إذ إن موسكو إلى جانب نفوذها العسكري في برقة تشارك في نشاط دبلوماسي بطرابلس بعد أن أعيد فتح سفارتها نهاية فبراير/ شباط الماضي، وبدأ سفيرها الجديد حيدر أغانين –الذي يتقن اللغة العربية– عددا من الاجتماعات مع السياسيين الليبيين من جميع المشارب.
وذكرت الصحيفة، في نهاية المقال، أن موسكو بجمعها بين الحضور العسكري والدبلوماسي ستصبح المحاور المميز للفصائل الليبية، لكن الأسوأ هو مرور تدفقات الهجرة القادمة من السودان والنيجر من المناطق التي تسيطر عليها قوات حفتر، وبالتالي القوات شبه العسكرية الروسية، ما يعزز في نهاية المطاف موقف موسكو في مواجهة الاتحاد الأوروبي.
***
تحذيرات جديدة من نفوذ روسيا في ليبيا
تحقيقات تكشف ما جنته خلال سنوات من وجودها في البلاد
يتصدر الحديث عن النفوذ الروسي في ليبيا وعن رغبة روسيا بالتوسع في إفريقيا انطلاقاً من ليبيا، أحاديث المراقبين والخبراء والمحللين خاصة مع مخاوف الدول الغربية من هذا النفوذ وتأثيره على مصالحهم في المنطقة.
ومؤخراً، حذر خبراء ومراقبون من تنامي النفوذ الروسي داخل ليبيا والقارة الأفريقية، ووصوله إلى مستويات وُصفت بالخطيرة، داعين القوى الغربية للتدخل بتدابير أكثر صرامة.
وحسب ما جاء في جريدة إكسبرس البريطانية، أن بصمة موسكو في ليبيا سمحت لها بجني خمسة مليارات يورو من المبيعات النفطية منذ العام 2022، بينما يوفر لها الوجود في البلدان الأفريقية الأخرى مليارات أخرى من خلال استغلال الموارد المعدنية السخية.
كما أن عوائد عمليات مجموعة فاغنر القانونية وغير القانونية في أفريقيا تسمح لموسكو بأكثر من تغطية التكاليف التشغيلية التي تشمل 20 مليون يورو من الرواتب الشهرية لمنتسبيها في ليبيا.
وجنت روسيا أكثر من 2.5 مليار يورو من الذهب المهرب، أو ما يعرف بـ”ذهب الدم” منذ العام 2022، كما فرضت سيطرتها على منجم ألماس بقيمة مليار يورو في جمهورية أفريقيا الوسطى، بصافي عائدات 300 مليون يورو سنوياً.
وخلال الأسبوع الماضي، وصل 100 من المستشارين الروس محملين بالعتاد العسكري إلى النيجر، التي تملك واحدًا من أكبر احتياطات اليورانيوم في العالم. يأتي ذلك فيما أعلنت الولايات المتحدة رسمياً سحب قواتها العسكرية من نيامي.
وقالت الجريدة إن وجوداً عسكرياً لروسيا في ليبيا، بما في ذلك سيطرة محتملة على ميناء يطل على البحر المتوسط ويقع على بعد 700 ميل فقط من جزيرة صقلية، يمنح الكرملين نفوذاً في قارة غنية بالموارد، والفرصة لممارسة ضغوط على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأشار تقرير الجريدة البريطانية إلى وجود ما يقرب من 2000 عنصر تابعين لمجموعة فاغنر الروسية في ليبيا، إضافة إلى 15 طياراً، و35 خبيراً تقنياً و80 إدارياً.
وانضم إلى هؤلاء أخيراً، حسب التقرير، مجموعة من 1500 من القوات الروسية النظامية، في إشارة على أن موسكو لم تعد راغبة في العمل بالظل بعد الآن.
وقال التقرير: “تحولت مجموعة فاغنر إلى قوات استطلاع روسية في أعقاب الانقلاب الفاشل لقائدها، يفغيني بريغوجين، الذي لقي مصرعه بشكل غامض العام الماضي. وتقع المجموعة الآن تحت الإشراف الكامل لوحدة الاستخبارات العسكرية الروسية”.
وفي السياق، تكشف الشبكة الاستقصائية كلّ العيون على فاغنر في تحقيق لها، أن روسيا تنقل جنوداً ومقاتلين روساً إلى ليبيا منذ ثلاثة أشهر، بينما تقع الجفرة في صلب استراتيجية الكرملين في النظام الجديد، مشيرة إلى عمل موسكو على زيادة عدد قواتها والمعدات إلى المنطقة، ثم تعزيز نفوذها الذي يمكن أن يؤثر على تدفقات الهجرة نحو أوروبا.
وحسب التحقيق، يجري تعزيز الهيكل الاستراتيجي الذي رسمته موسكو في شمال أفريقيا قطعة قطعة، حيث شهد الوجود الروسي في ليبيا، الذي أصبح ملموسًا منذ العام 2019 على شكل وحدات شبه عسكرية (مجموعة فاغنر سابقاً)، تسارعاً مفاجئاً منذ بداية العام، وهو ما لم يغب عن أنظار الغرب المصابين بالعجز حيال الأمر، وفق ما تقول جريدة لوموند الفرنسية.
وكشفت مذكرة نشرها الفريق الدولي في المنظمة الذي يحقق في الشبكات الروسية في أفريقيا، يوم الجمعة، إن تسليم المعدات والمركبات العسكرية من سوريا إلى ليبيا، وهو ما يشكل الجانب الأكثر وضوحاً في هذا التدخل المتزايد.
ووفق المنظمة، ينتشر 1800 روسي الآن في جميع أنحاء البلاد، مشيرة إلى أن سفينتين تابعتين للبحرية الروسية – سفينتي إنزال – غادرتا قاعدة طرطوس البحرية السورية، ووصلتا إلى ميناء طبرق في الثامن من نيسان/أبريل في برقة.
وبالصور الداعمة، يوضح فريق المحققين أن تفريغ مركبات وأسلحة، مثل مدافع الهاون 2 إس 12 ساني أو مركبات النقل المدرعة، ليكون هذا التسليم الخامس من هذا النوع إلى طبرق خلال خمسة وأربعين يوماً.
وتؤكد مصادر دبلوماسية غربية لـ “لوموند” هذا الصعود للنفوذ الروسي في ليبيا، وهي الدولة المحورية في شمال أفريقيا، وملتقى المشرق والمغرب العربي.
وتنقل الجريدة عن دبلوماسي أوروبي قوله إن الزيادة تتعلق بالمعدات أكثر من المقاتلين، ويضيف أن هذه التحركات الأخيرة في ليبيا هي جزء من اختراق روسي يهدف إلى تثبيت حكومات موالية لموسكو في جميع أنحاء شرق وغرب إفريقيا.
بقيت فقط تشاد لتقسيم أفريقيا إلى قسمين، وتعد تشاد هي الأخرى موضع رغبة شديدة من قِبل روسيا.
وحسب التحقيق، تقع العقدة الاستراتيجية لهذا النظام الجديد في الجفرة التي تقع على بُعد 350 كيلومتراً جنوب خليج سرت، حيث تصل المعدات والمسلحون من طبرق قبل إعادة توجيههم إلى المسارح الإقليمية التي تطمع فيها موسكو.
_________________