أبرزهم غسان سلامة والسفيرة البريطانيةوآخرهم باتيلي

ينعكس الانقسام السياسي الحاد الذي تعيشه ليبيا على كيفية التعاطي مع آراء المبعوثين والسفراء المعتمدين لدى البلاد حيال الأزمة الراهنة، وذلك بحسب توافقها أو تعارضها مع كل تيار أو اتجاه.

وأعادت كتلة «التوافق الوطني» بالمجلس الأعلى للدولة إلى واجهة الأحداث المواقف نفسها، التي تم اتخاذها حيال بعض السفراء والمبعوثين خلال العقد الماضي. وأبدت الكتلة، مساء الاثنين، رفضها تصريحات السفارة الأميركية في ليبيا التي دعت فيها قادة البلاد إلى «تقديم تنازلات للتوصل إلى توافق بشأن العملية السياسية، وقبول دعوة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي للمشاركة في المحادثات، مدفوعين بالنيات الحسنة».

وعبّرت الكتلة عن استهجانها للتصريحات، التي نسبتها للسفير الأميركي ومبعوثها إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، ووصفتها بـ«الفجّة والمنحازة»، وقالت إن «التدخل في الشأن السياسي الليبي بتصريحات خارجة عن اللياقة الدبلوماسية أمر مرفوض جملة وتفصيلاً».

ولم يتوافق مجلسا النواب و«الأعلى للدولة» حتى الآن بشأن قانوني الانتخابات الرئاسية والنيابية المُنتظرة، إذ لا تزال الأمور بينهما قيد التداول بعد لقاء سابق لرئيسيهما؛ عقيلة صالح ومحمد تكالة، بالقاهرة في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقال سياسي ليبي بغرب البلاد إن «الانقسام زاد من حالة الاستقطاب التي تعيشها ليبيا منذ سنوات، وأصبح كل فريق يعمل بنظرية (إن لم تكن معي فأنت ضدي)».

وذكّر السياسي الليبي في هذا السياق بما تعرّض له عدد من المبعوثين والسفراء «عندما جاءت آراؤهم لصالح طرف سياسي، وهو ما عدّه الطرف الآخر انحيازاً»، وضرب مثلاً بما حدث مع السفيرة البريطانية السابقة كارولين هورندال، عندما أبدت دعمها لاستمرار حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة في الحكم حتى إجراء الانتخابات بالبلاد.

وجاء تصريح السفيرة البريطانية عقب انتهاء ولاية حكومة «الوحدة الوطنية» في 21 يونيو (حزيران) 2021 وفقاً لخريطة الطريق، التي انتهى إليها «ملتقى الحوار السياسي» في جنيف.

واتهم مجلس النواب الليبي على لسان لجنة الشؤون الخارجية، وقتها السفيرة البريطانية بـ«انتهاك الأعراف الدبلوماسية، والانحياز لحكومة الدبيبة، والتدخل غير المُبرر في شؤون البلاد»، في حين طالبت بعض القبائل الليبية بطرد هورندال.

وفي معرض انتقاده للسفيرة البريطانية السابقة، تساءل السياسي الليبي: «لماذا تُطبق الحكومة البريطانية أفضل معايير مكافحة الفساد في بلادها، وتريد حماية الفساد في ليبيا؟ ولماذا تدافع عن الحكومة والمؤسسات المالية في ليبيا»؟ في إشارة إلى حكومة الدبيبة.

ولم يسلم عدد من المبعوثين الأمميين من تهمة «الانحياز السياسي»، وقد تمثل ذلك بوضوح في الهجوم على غسان سلامة، المبعوث الأسبق، الذي كان يحسبه كل طرف موالياً للطرف الآخر، حتى قبل أن يغادر منصبه بأيام.

وسبق أن اتهم الصادق الغرياني، مفتي ليبيا المقال من مجلس النواب، سلامة بـ«الانحياز» للمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» خلال الحرب التي شنّها الأخير على العاصمة طرابلس مطلع أبريل (نسيان) 2019، مطالباً بإبعاده عن البلاد.

كما لم يسلم المبعوث الأممي الحالي باتيلي من الاتهام نفسه، حيث سبق أن اتهمته اللجنة المشتركة المكلفة من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» (6 + 6) لإعداد القوانين الانتخابية، بمحاولة «تغليب طرف على آخر ودعمه»، وأبدت رفضها لما أسمته بسعي البعثة لـ«فرض إملاءات في الشأن الليبي». كما لم تسلم المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز من الاتهامات نفسها.

ورأى السياسي الليبي في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «تهمة الانحياز التي توجهها بعض الأطراف لسفراء ومبعوثين لدى البلاد ستظل تتردد لحين عقد الانتخابات الليبية المؤجلة»، مشيراً إلى أن «كل طرف سياسي يسعى لتقوية جبهته أمام الآخرين، وبالتالي يوجه انتقادات حادة لمَن يخالفه الرأي».

_______________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *