عبدالله الكبير 

الكشف عن لقاء سري جمع وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، مع وزير خارجية دولة الاحتلال، لم يكن متوقعا على الإطلاق، لذلك صدم الرأي العام بالخبر فور تداوله على نطاق واسع في وسائل الإعلام.

اندلعت المظاهرات الغاضبة المنددة والرافضة والمستنكرة، واتفقت كل القوى السياسية على رفض هذه الخطوة داعية الحكومة إلى التراجع، بل والاستقالة فيما حاولت بعض الأطراف السياسية استغلال الحدث لاسقاط الحكومة، وهو مطلب قديم يتجدد لمجلسي النواب والدولة، وبعض الشخصيات الانتهازية المتربصة.

لم تكن مبررات بيان وزارة الخارجية مقنعة، ولم يصدق أحد قيام المنقوش بمفردها، وباجتهاد شخصي منها، باتخاذ هذه الخطوة، بل ذهب جل المراقبين إلى  قيام  رئيس الحكومة بالترتيب لهذا اللقاء عبر الوساطة الإيطالية والتشجيع الأمريكي.

اللقاء الذي كان يفترض أن يظل سريا أربك الحكومة واضعفها بينما استعدت كل الأطراف المتربصة بها إلى توجيه المظاهرات نحو اسقاطها.
خلال اليومين التاليين اتخذت الحكومة عدة إجراءات لتبدو متماسكة وسعت إلى العمل على امتصاص الغضب الشعبي.

ولم تلق دعوات إسقاط الحكومة استجابة قوية رغم حالة الغضب الشعبي لعدة أسباب أهمها رفض منح الفرصة لمجلسي النواب والدولة لتمديد المرحلة الانتقالية بتشكيل حكومة مؤقتة، وانتشار أخبار عن لقاءات بين شخصيات ليبية مع مسؤولين من دولة الاحتلال سبق أن نشرتها صحف كبيرة موثوقة.

فغالبية الناس باتت على قناعة أن قياداتهم الفاقدة للشرعية الداخلية، تسعى للحصول عليها من الخارج، ولأن لدولة الاحتلال نفوذ واسع في دوائر صنع القرار بأمريكا، بادر البعض واستعد البعض الآخر، إلى التواصل مع حكومة دولة الاحتلال، والتسابق نحو ارضائها، وقطع الوعود بتأسيس علاقات دبلوماسية معها، وتطويرها حتى التطبيع الكامل مقابل دفع صانع القرار الأمريكي إلى تمكين هذه الأطراف من السلطة في ليبيا.

ولكن الاقتراب من الفعل هو الخطيئة الكبرى، التي ستقضي على أي سياسي سواء كان شخصية أو حزب، فالليبيون يعرفون عدوهم التاريخي، ويعرفون مصالحهم العليا، رغم كل الظروف والأوضاع الصعبة السائدة الآن.

تعطيل الانتخابات وتشكيل حكومة أخرى، كان ومايزال هدفا لغالبية الأطراف المتمكنة من السلطة، ولكن لا توافق دولي حول هذا التوجه حتى الآن، بينما يتحدث باتيلي عن حكومة موحدة، من دون توضيح آليات التوحيد، ولم يقع اي تقدم في مسار لجنة 6+6، وهذه كلها مؤشرات على أن التغيير، سواء باتفاق سياسي جديد أو عبر الانتخابات، ليس واردا في الأفق المنظور.

___________________

مقالات مشابهة

8 CommentsLeave a comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *