عبدالله الكبير

عقب الإعلان عن خارطة الطريق من قبل خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، وتمريرها بشكل مخالف للائحة الداخلية المنظمة لعمل المجلس، ورفض غالبية الاعضاء لها، واستمرار الجدل حولها بين الأطراف السياسية، أخفق مجلس النواب في عقد جلسة لمناقشتها، وسط انباء عن تعرض رئيسه عقيلة صالح لضغوطات لدفعه إلى الاستقالة.

 المشري كان مصرا على تمرير خارطة الطريق، فلم يمنحها الوقت الكافي للمناقشة داخل المجلس، ولم يأبه للكتلة المعارضة، ولم يتوفر النصاب المطلوب لاعتمادها في جلسة اليوم التالي المعلقة، إذ كان المطلوب 38 صوتا بينما بلغ عدد المصوتين 34 فقط.

 الاعتراضات والمقاطعة التي تعرض لها عقيلة صالح في اخر جلسة، تشير بالفعل إلى فقده للسيطرة التي طالما تمتع بها على المجلس وقرار، وهذه سابقة غير معهودة في السابق، فلم تتشكل أي كتلة معارضة لعقيلة والمجموعة الموالية له طوال السنوات الماضية، وحتى النائب الذي خالف السياق الذي يريده عقيلة ذات جلسة، تصدى له نائبا آخر من الموالين، ووبخ عقيلة من حاول منع الشجار المحتمل بين النائبين.

 لا تهدف خارطة المشري إلى تعبيد الطريق نحو الانتخابات، بقدر ماهي خارطة لتغيير السلطة التنفيذية، وهو هدف معلن متفق عليه بين المشري وعقيلة، منذ أكتوبر الماضي في المغرب، يسبقه تغيير قيادات المناصب السيادية، وتشير التطورات الأخيرة في العاصمة إلى محاولة تمكين فرج بومطاري وزير المالية السابق في حكومة السراج من منصب محافظ ليبيا المركزي بدلا عن الصديق الكبير، بعد وصوله إلى طرابلس، بنفس الطريقة التي تم بها تغيير رئيس هيئة الرقابة الادارية، ولكن الأجهزة الأمنية للحكومة بادرت إلى اعتقاله.

 في اليومين التاليين منع أعضاء مجلس الدولة من السفر إلى تركيا، لتلقي دورة تدريبية مدفوعة التكاليف، في أصول وقواعد العمل البرلماني، الدورة التي تنظمها رئاسة المجلس تسبق بأيام قليلة الانتخابات الدورية لرئاسة المجلس، يسعى من خلالها المشري إلى الحصول على ولاية سادسة لرئاسة المجلس.

بالتوازي مع هذه التطورات، خرجت بيانات من مناطق الجنوب تهدد بإغلاق حقول النفط، مالم يتم إطلاق سراح بومطاري، وهو نفس التهديد الذي اطلقته شخصية قدمت نفسها بصفة رئيس المجلس الأعلى لقبيلة أزوية، مع إضافته كشرط إسقاط الحكومة ومحافظ المصرف لإعادة فتح الحقول.

 علقت البعثة على هذه التطورات ببيان تقليدي، ذكرت فيه انزعاجها من عمليات الخطف والاعتقال التعسفي، ودعت كل الأطراف إلى عدم التصعيد، وتجنب أي إجراءات أحادية الجانب.

قلت في المقال السابق أن المشهد يمضي نحو المزيد من التأزيم، فزخم الانتخابات يتراجع، وتحالف عقيلة المشري يواجه تحديا وجوديا، فالمشري لم ينجح في حشد الرأي لجانبه بحديثه المتلفز الأخير، بل لعل هذا الظهور جاء بنتائج معاكسة، إذ يدور في وسائل التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية، حديث عن رشوة يقدمها المشري لاعضاء مجلس الدولة، بإيفادهم إلى تركيا، قبل ايام قليلة من جولة انتخابات رئاسة المجلس.

وعلى الجانب الآخر تستمر محاولات إزاحة عقيلة صالح من رئاسة مجلس النواب، ومن ثم ستضعف قدرتهما على إزاحة حكومة الدبيبة، وتشكيل حكومة جديدة، تتقاسمها الأطراف الفاعلة، وقد يشتد الصراع على الحكومة والموارد المالية إلى حد المواجهة المسلحة المحدودة. تحرك المبعوث الأممي، و تفعيل مبادرة تجمع الطيف السياسي والاجتماعي والعسكري، للتوافق حول الانتخابات وقوانينها، ربما يكون هو الحل المؤقت لتهدئة الصراع.

___________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *