خالد محمود

فضيحة جنسية جديدة يتورّط فيها السلك الدبلوماسي الليبي الذي ما إن يتجاوز أزمة أخلاقية، حتى يتعثر بأخرى.

بطل أحدث القصص هو السفير الليبي في لندن صلاح مريحيل، الذي قامت السلطات البريطانية بطرده من البلاد مؤخراً بعد تورّطه في فضيحة جنسية ضمن مسلسل الفضائح التي يتعرّض لها كبار مسؤولي السلطة وسفرائها في الخارج.

تولى مريحيل (ضابط الأمن الخارجي في عهد القذافي) مهام منصبه قبل عام فقط كسفير فوق العادة لدولة ليبيا بناء على تزكية شخصية لعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، وبدعم من محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، الذي بمقتضيات منصبه يقوم بتعيين السفراء اليمين في الخارج.

بدأت القصة بتحرّش مريحيل بمواطنة ليبية حضرت إلى مقر السفارة، والتقته في مكتبه من أجل تقديم خدمة ما.

آثرت المواطنة السلامة، والتزمت الصمت قبل أن تغادر السفارة، لكن لمقتضيات ورقية خاصة بها اضطرت إلى العودة مجدداً للسفارة، وهنا حسب روايتها حاول السفير صلاح مريحيل الاعتداء عليها جنسياً بعد أن أغلق عليهما باب مكتبه. لكنها تمكنت من الفرار، وتقدّمت بشكوى رسمية للسلطات التي حققت في الأمر، وانتهت إلى قرار طرد هو وعائلته من الأراضي البريطانية.

انتقل الخبر سريعاً من المحاضر الرسمية إلى صفحات التواصل الاجتماعي، والتي عبر المغرّدون فيها عن ضيقهم من الممارسات اللاأخلاقية المتكرّرة التي يتورّط فيها أعضاء الخارجية الليبية في الخارج، مطالبين بإعادة سبل التقييم وأسس اختيار ممثلي البلاد في الخارج، حتى لا نتحوّل إلى أضحوكة العالم، على حد تعبير أحدهم.

صمت رسمي

حاولت رصيف22 التواصل مع نجوى وهيبة، الناطقة بلسان المجلس الرئاسي، وبمحمد حمودة، الناطق باسم حكومة الدبيبة، للتعليق على هذه القصة، لكنهما امتنعا عن الإجابة.

لكن مصدراً مسؤولاً بالخارجية الليبية (طلب عدم ذكر اسمه) قال لـرصيف22، إن المنفي والدبيبة سعيا للحصول على توضيح رسمي من الحكومة البريطانية حول مبررات ما حدث، مشيرة إلى أن الرد البريطاني كان مقتضباً، واكتفوا بالقول إن السفير الليبي في لندن لم يعد مرحباً به.

وكان مريحيل، أحد عناصر جهاز ضابط الأمن الخارجي (المخابرات الليبية) في عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، قد قدم في الخامس من شهر أبريل (نيسان) عام 2022، رسمياً أوراق اعتماده سفيراً مفوضاً فوق العادة لدولة ليبيا لدى المملكة المتحدة وشمال إيرلندا، للملكة الراحلة إليزابيث الثانية قبل وفاتها، في مراسم رسمية تمت في قصر باكينغهام بالعاصمة البريطانية لندن.

لم تكن فضيحة السفير صلاح مريحيل الجنسية هي الأولى في ثوب الدبلوماسية الليبية، فتلك اللازمة تكرّرت قبل ذلك على يد سفراء آخرين.

تاريخ من الفضائح

لم تكن فضيحة السفير صلاح مريحيل الجنسية هي الأولى في ثوب الدبلوماسية الليبية، فتلك الأزمة تكرّرت قبل ذلك على يد سفراء ليبين آخرين في عواصم مختلفة.

ففي عام 2019، فقد السفير صلاح الشماخي منصبه كمندوب دائم لليبيا لدى الجامعة العربية في القاهرة، إثر تورطه في فضيحة ابتزاز جنسي في القاهرة.

بعد أن انتشر تسجيل صوتيلصلاح الشماخي، ابتزّ فيه جنسياً سيدة مصرية تعمل في أحد المكاتب التابعة له، واستنكرت حينها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الواقعة، ووصفتها بـ الأعمال اللاأخلاقية“.

المفارقة، أنه برغم تلك الفضيحة، والتي تم إدانتها رسمياً على يد مجلس النواب، إلا أن الشماخي استمر في عمله كسفير، وسرعان ما طالب بمنصب مندوب الجامعة العربية في إسبانيا، وحين رفضت وزارة الخارجية الليبية طلبه، أرسل رسالة إلى رئيس ونواب المجلس الرئاسي طالباً منهم التدخّل لحل أزمته مع وزارة الخارجية الليبية، على حد تعبيره.

وفي الطرف الآخر من العالم، وتحديداً في العاصمة الروسية موسكو، تم طرد السفير الليبي مصطفى بوسعيدة، رئيس البعثة الدبلوماسية الليبية في روسيا، عام 2018، بعدما اتهمته موظفة روسية بالتحرّش ومحاولة اغتصابها في مكتبه، وهي الواقعة التي أكّدها سائقه الخاص وأحد الموظفين، وأسفرت عن قرار الحكومة الروسية بطرده، بعد ما تقدّمت عدة موظفات روسيات بالسفارة الليبية بشكاوى جماعية ضده، متهمين إياه بالتحرّش المستمرّ بهن في مكتبه بالسفارة.

حبس سفراء بالجملة

لم تكن الفضائح الجنسية التهمة الوحيدة التي لاحقت بعض أعضاء السلك الدبلوماسي الليبي، فقد شملت قائمة الفضائح قضايا مالية أسفرت في بعض الأحيان عن حبس بعض السفراء، حيث كشف ديوان المحاسبة مؤخراً في تقريره السنوي عما وصفه بتغوّل الفساد في بعض سفارات ليبيا بالخارج، على خلفية كم هائل من المخالفات المالية التي تم رصدها.

ومؤخراً، أفضت حملة شنّها النائب العام الليبي الصديق الصور، عن اعتقال بعض السفراء السابقين والموظفين الدبلوماسيين، بتهمة الفساد المالي والإداري داخل البعثات الدبلوماسية الليبية في الخارج.

ومن ضمن المقبوض عليهم كان سفير ليبيا لدى إيطاليا عمر الترهوني، المتهم بالتلاعب في ملف علاج الليبيين.

كما يقبع حالياً في السجن ثلاثة سفراء سابقين لليبيا في أوكرانيا، على خلفية تهم فساد مالي واختلاس مخصصات الدراسة، والحصول، دون سند قانوني، على مئات الآلاف من النقد الأجنبي لأنفسهم ولغيرهم.

كما صدر قرار آخر بحبس سفيري ليبيا، السابق والحالي، في جنوب أفريقيا، والمراقب المالي للسفارة هناك، بالإضافة إلى المراقب المالي لسفارة ليبيا لدى العاصمة القطرية الدوحة، إثر تورّطهم في قضايا فساد مالي.

 هل يستطيع النائب العام الليبي كبح جماح الفساد المستشري في الحقل الدبلوماسي، أم أن الخرق اتسع على الراقع؟

من جانبها، استجابت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، مؤخراً لملاحظات خالد شكشك، رئيس الديوان، وقرّرت وقف ظاهرة التوسّع في إصدار قرارات الإيفاد للعمل الدبلوماسي بشكل مؤقت، إلى حين التأكد من مطابقة كافة القرارات السابقة للقانون.

الاتهامات المالية والقضايا الأخلاقية التي تطفو على سطح الدبلوماسية الليبية، بين الحين والآخر، والتي استشرت مؤخراً، دعت الكثيرين للتساؤل: هل يستطيع النائب العام كبح جماح الفساد في ذلك القطاع الحيوي، أم أن الخرق اتسع على الراقع؟

_______________________

مقالات مشابهة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *